هل ينجح "حراك تونس" في تقليص تداعيات الاستقالات؟

هل ينجح "حراك تونس" في تقليص تداعيات الاستقالات؟

20 سبتمبر 2018
الحزب يمر بلحظة فارقة (ياسين قايدي/ الأناضول)
+ الخط -
شهد حزب "حراك تونس الإرادة"، الذي يتزعمه الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي، يوم الأربعاء، استقالة جماعية لعدد من كوادره القيادية، مثل عدنان منصر وطارق الكحلاوي وغيرهما، ممن برروا خطوتهم في بيان مطول بالقول إن "الحزب أصبح واقعيا منضويا تحت جناح أحد أطراف الحكم (في إشارة لحركة النهضة) بناء على حسابات انتخابية صرفة متعلقة بالرئاسيات (المقررة في 2019)، على العكس تماما من الخط السياسي الذي يؤكد استقلاليته عن أطراف الحكم".

قال المستقيلون إنه بالرغم من مشروعية الطموحات الرئاسية لرئيس الحزب، (المرزوقي)، فإن التركيز على ذلك وإهمال الحزب، والوقوف أمام أي إصلاحات عميقة داخله ترسخ الالتزام بلوائحه وخطه السياسي كحزب ديمقراطي اجتماعي معارض، وعدم الاستعداد للنقد الذاتي، أفقد الحزب شخصيته السياسية وجعل اهتمام قيادته بالتشريعيات مجرد سفسطة لا يؤكدها أي عمل ميداني.

كذلك انتقد المستقيلون ما سموه "غياب العمل المؤسساتي في الحزب الذي تحول إلى مجرد إدارة ملحقة بمكتب الرئيس"، ووجهوا انتقادات للمرزوقي بسبب اتخاذه لقرارات وخيارات سياسية "من دون العودة للمؤسسات"، وفق ما جاء في بيان الاستقالة.

ويقول القيادي في الحراك، عبد الواحد اليحياوي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن هذه الاستقالات لم تكن مفاجئة، بل كانت منتظرة خصوصا بعد آخر اجتماع للهيئة السياسية والقرارات التنظيمية التي اتخذتها، مؤكدا أن التقييمات التي حصلت بعد الانتخابات البلدية أدت إلى خلافات سياسية حقيقية.

وأضاف اليحياوي أن كثيرا من النقاط التي تضمنها بيان الاستقالة لم تناقش يوما داخل أُطر الحزب، مشدّدا على الخلفيات الذاتية للاستقالة ومشاكل التموقع داخل الحزب، خصوصا بعد التغييرات التنظيمية الأخيرة، مشددا على ألا تتحول هذه الخلافات إلى تصفية حسابات مع المرزوقي وألا يتم استغلالها أيضا من طرف البعض لتصفية حسابات مع منصر والكحلاوي وغيرهما.

وأكد المتحدث أن اتهام الحزب بالارتهان لـ"حركة النهضة" "غير صحيح مطلقاً"، مؤكدا أنه ليس هناك أي اتصالات مؤسساتية مع الحزب، بل إن هناك خلافات كثيرة ومعلومة من الجميع للمرزوقي مع أغلب قيادات وخيارات الحركة.

وقال اليحياوي إنه على العكس من الاتهامات بالتفرد في القرارات من طرف الرئيس، فإن الحزب كان يشتكي أحيانا من غياب الرئيس بسبب التزاماته الكثيرة خارج البلاد، نظرا لكونه شخصية حقوقية دولية لديها التزامات متعددة ومتواترة.

ولم يخف اليحياوي وجود خلافات سياسية حقيقية بين عدة مكونات في الحزب بسبب انتمائها لتيارات فكرية مختلفة، وخصوصا لعجز الحزب عن الاستجابة للمشروع الأصلي للحراك.

وقال إن الحزب أُسس على فكرة حراك شعب المواطنين بعد انتخابات 2014، وكانت الفكرة أن تكون هناك أذرع مختلفة للحراك الشعبي، ثقافية وسياسية واقتصادية، وأن يكون الحزب إحدى أدواتها، مقرا بوجود فشل تنظيمي في هذا الاتجاه وعدم قدرة على استيعاب الخلفية التي بني عليها الحراك.

ولم يقلّل اليحياوي من تداعيات الاستقالة الجماعية التي شملت قيادات بارزة ومؤثرة بحسب قوله، لكنه أكد أنها لحظة مهمة وحتى تاريخية يمكن للحزب أن يستغلها لإعادة البناء من جديد وضم الشباب واستعادة فكرة الحراك الأصلية، على أساس عملية نقد ذاتية وصريحة لكل الملفات.



وبخصوص التداعيات القريبة على منافسات الحزب في الاستحقاقات القريبة، أكد اليحياوي أن المتغيرات تشمل حاليا كل الأحزاب التونسية اليوم، وأن هناك مزاجا انتخابيا يتغير كل يوم ولا أحد بإمكانه التكهن بشأنه قبل أشهر، لافتا إلى أن هناك إمكانات متعددة للحزب للتقارب مع أحزاب تقاسمه الرؤى نفسها، مؤكدا أن الأحزاب الكبيرة هي التي تنجح في تخطي أزماتها ولحظاتها التاريخية الفاصلة أكثر قوة.