مكاسب نظام السيسي من التهدئة بين غزة وإسرائيل

مكاسب نظام السيسي من التهدئة بين غزة وإسرائيل

05 اغسطس 2018
التهدئة تخدم بالأساس الاحتلال الإسرائيلي (برندان سميالوفسكي/ فرانس برس)
+ الخط -


تدل كل المؤشرات على أن النظام المصري يحاول من خلال دوره في دفع مسار التهدئة بين المقاومة في غزة والاحتلال الإسرائيلي قدماً، تحقيق جملة من المكاسب السياسية والاقتصادية.


فمن ناحية اقتصادية، إن تطبيق مسار التهدئة المقترح قد يضمن منح نظام الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الكثير من المكاسب المهمة.
وبحسب ما نشره موقع وللا يوم الأحد، تحاول مصر الترويج لخطة لتزويد غزة بالغاز من حقل لفيتان (الذي شرعت تل أبيب في استخراج الغاز منه قبل عام)، وذلك في إطار جهود التهدئة طويلة الأمد مع "حماس"، وأن الخطة المصرية طرحت وتمت مناقشتها في المحادثات التي يجريها المصريون والمبعوث الدولي نيكولاي ملادينوف في القاهرة. وبحسب موقع وللا، فإن "الخطة المصرية تمت مناقشتها لكن لغاية الآن لم يتم التوصل إلى اتفاق حولها، وقد رفض ديوان رئيس الحكومة التعليق على الموضوع".
وفي حال تم الاتفاق على الخطة المصرية، قد تتولى شركة "دولفينوس" المرتبطة بالنظام المصري شراء الغاز وبيعه مجدداً لمحطة توليد الكهرباء الفلسطينية، وهذا ما سيسمح لشركة "دولفينوس" بتحقيق أرباح كبيرة.

يشار إلى أن هذه الشركة هي ذاتها التي وقعت على عقد لشراء غاز من إسرائيل بقيمة 15 مليار دولار، على أن تقوم بإسالته في منشآت إسالة شمال مصر واستخدامه محلياً وتصديره إلى أوروبا وآسيا. علاوة على ذلك، فإن تحديد ميناء بورسعيد كحاضنة للرصيف البحري الذي سيخدم قطاع غزة وتتم عبره حركة الصادرات والواردات من وإلى غزة سيعزز مداخيل النظام من جباية الضرائب والمكوس.

إلى جانب ذلك، فإن مسار التهدئة هذا يزيد من فرص اعتماد غزة على البضائع والمنتوجات المصرية، إذ إن هذه البضائع يمكن أن تنقل عبر ميناء "بورسعيد" ومعبر رفح الحدودي. وسيمثل مسار التهدئة دعما كبيرا للإمبراطورية الاقتصادية التي يملكها الجيش المصري، على اعتبار أن الكثير من السلع الرئيسة التي يستوردها قطاع غزة تنتج في مصانع الجيش المصري في سيناء، لا سيما الأسمنت ومواد البناء وغيرهما.

لكن أكبر المكاسب التي يمكن أن يحققها نظام السياسي ذات طابع سياسي؛ إذ يسعى النظام إلى توظيف جهوده الهادفة للتوصل إلى التهدئة لتحسين مكانته لدى كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، وترسيخ دوره كأحد "ضمانات الاستقرار" في المنطقة.

في الوقت ذاته، فإن نظام السيسي يحرص على ضبط مقترحاته المتعلقة بالتهدئة أو بالمصالحة الفلسطينية الداخلية بحيث لا تكون مفاجأة لإسرائيل. فقد أكدت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن النظام يطلع إسرائيل مسبقاً على المقترحات التي يخطط لنقلها بشأن التهدئة أو المصالحة الداخلية. وهذا يعني أن المقترحات التي تصيغها القاهرة تضمن على الأقل عدم التصادم مع المصالح الإسرائيلية، على اعتبار أن هذا ينسجم مع نسق الشراكة الاستراتيجية التي تكرست بعد صعود السيسي للحكم. فنجاح القاهرة في إنجاز مسار لتهدئة مع المقاومة في القطاع يقلص فرص اندلاع حرب، تعي تل أبيب أنه ليس بوسعها تحقيق أية مكاسب بعد انتهائها، ويسمح لها بمواجهة التحديات على الجبهة الشمالية.

وفي حال نجح مسار التهدئة، فإن من شأنه أن يزيد من اعتماد إسرائيل على نظام السيسي في تحقيق مكاسب كبيرة ذات طابع استراتيجي. على سبيل المثال، تزيد مبادرة نظام السيسي بعرض استعداده لتدشين البنى التحتية الاقتصادية التي يفترض أن تخدم غزة في سيناء من فرص ارتباط قطاع غزة بمصر وتقلص ارتباطه اقتصادياً بإسرائيل، مما قد يسهم في المستقبل في تمكين تل أبيب من التنصل من التزاماتها كقوة احتلال إزاء القطاع، من خلال الزعم بأنها لا تتحمل أية مسؤولية أو تبعات عن الواقع الاقتصادي والإنساني في القطاع.

ولعل هذا ما جعل وزراء كباراً في تل أبيب يجاهرون بدعمهم مقترحات التهدئة التي قدمها نظام السيسي. فقد قال وزير المواصلات والاستخبارات الليكودي، يسرائيل كاتس، في مقابلة مع صحيفة "جيروسلم بوست" نشرتها اليوم إنه سيؤيد أية ترتيبات اقتصادية تقوم على تدشين بنى تحتية داخل سيناء.

في الوقت ذاته، فإن استيراد مصر الغاز الإسرائيلي سيعزز من قيمة نظام الحكم في القاهرة لدى إسرائيل، على اعتبار أن تل أبيب تواجه مشاكل كبيرة في تسويق غازها. إلى جانب ذلك، فإن الجهود التي يبذلها نظام السيسي من أجل إنجاح مسار التهدئة وما تستبطنه من حرص على دور وظيفي تعد جزءاً من تحركاته الأشمل الهادفة إلى مراكمة الشرعية الدولية والإقليمية، على اعتبار أن هذا سيزيد من حرص تل أبيب وواشنطن على إسناد النظام ودعمه.