الفاشية تنتشر بين المرشحين للانتخابات الأميركية النصفية

الفاشية تنتشر بين المرشحين للانتخابات الأميركية النصفية

30 يوليو 2018
ترامب مسؤول عن وصول العنصريين للانتخابات (نيكولاس كام/فرانس برس)
+ الخط -

آرثر جونز نازي يجاهر بمواقفه. أما جون فيتزجيرالد، فيعتبر أن "محرقة" اليهود خرافة، فيما يعتزم ريك تايلر العمل على "جعل أميركا بيضاء من جديد". كلها أفكار تذكر بزمن ولى، رغم أن الثلاثة مرشحون لانتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل في الولايات المتحدة.

ومع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وجد التطرف والتعصب ونظريات تفوّق البيض ومعاداة السامية زخماً جديداً. وحظيت هذه النظريات هذه السنة بمنبر على المستوى الوطني لم تعرفه في التاريخ الحديث للولايات المتحدة، وتبيّن أن أنصارها المرشحين للانتخابات المقبلة، ومعظمهم من المحافظين، يطرحون مشكلة حقيقية تحرج الحزب الجمهوري. آرثر جونز الذي يعتبر "المحرقة أكبر وأخبث كذبة في التاريخ"، هو المرشح الجمهوري عن ولاية إيلينوي إلى الكونغرس، بعدما فاز في الانتخابات التمهيدية من دون أي منافس جمهوري مقابل في دائرة معروفة بتوجهها الديمقراطي. أما راسل ووكر، المرشح لمقعد نيابي عن كارولاينا الشمالية، فيعلن أنه "لا ضير في أن يكون الرجل عنصرياً"، ويؤكد أن اليهود "من سلالة الشيطان". أما منصب رئيس مجلس النواب في واشنطن، الذي سيخلو مع انسحاب بول راين في نهاية ولايته، فمن المتوقع أن يفوز به بول نيلن الذي يتصدّر السباق بين الجمهوريين في ويسكونسن. غير أن نيلن أثبت نفسه كقيادي كبير لتيار اليمين المتطرف الأميركي "اليمين البديل"، ويصفه منتقدوه بأنه شخص يريد أن يمنح القوميين البيض والمعادين للسامية تأثيراً أكبر على الثقافة والسياسة الأميركيتين. ويحمل موقع حملة ريك تايلر، المناصر لترامب والمرشح عن تينيسي لمقعد في الكونغرس، رسماً للبيت الأبيض يرفرف فوقه 12 علماً كونفدرالياً، وهو ما يشكل برأي الكثيرين رمزاً لماضي العنصرية والرق في هذا البلد.

ويشير خبراء إلى الرئيس الأميركي على أنه المسؤول الأكبر خلف هذا العدد غير المسبوق من المرشحين العنصريين لانتخابات منتصف الولاية الرئاسية. ورأت هايدي بايريش، الخبيرة في مركز "ساذرن بوفرتي لوو سنتر" الذي يتابع المجموعات الداعية إلى الحقد منذ عام 1999، أن "استخدام ترامب غير المعهود للأمور المرتبطة بالعنصرية ومعاداة الإسلام، وكل هذا الخطاب المتعصب، فتح في الحياة السياسية باباً لم يكن موجوداً من قبل". وأضافت "لطالما كان لدينا حفنة من النازيين الجدد، لكن ذلك زاد الوضع سوءاً"، مشيرة إلى أن مثل هذه المواقف كانت من قبل "وضعت حداً" لأي ترشيح. وأوضحت أنه "بإسقاطه هذه المحرمات وفوزه بالرئاسة، فإن ترامب فتح طريقاً إلى نجاح انتخابي كان الجميع يفترض أنه لا يفضي إلى نتيجة".

ولهذا الخطاب تشعّبات في الحياة اليومية، إذ انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو يظهر فيها أميركيون من البيض يستدعون الشرطة للشكوى من أشخاص ذوي بشرة داكنة يقومون بمشاغلهم اليومية الاعتيادية. وأثار أحد هذه الأشرطة موجة استنكار، لأنه يظهر الشرطة تقتاد شابين أسودين مكبلي الأيدي خارج مقهى "ستارباكس" كانا يجلسان فيه. وتظهر الشقاقات العنصرية والإثنية بشكل واضح في المجال السياسي في مناطق مثل فرجينيا، حيث تعرّض المرشح الجمهوري لمجلس الشيوخ، كوري ستيوارت، المعادي للهجرة، لانتقادات شديدة أخذت عليه بعض أفكاره. وأثنى ستيوارت على نيلن الذي وصفه بأنه "أحد أبطالي الشخصيين"، كما ظهر برفقة جيسون كيسلر، منظم التظاهرة الدامية لأنصار نظرية تفوق البيض في أغسطس/ آب 2017 في مدينة شارلوتسفيل. ونأى ستيوارت بنفسه لاحقاً عن الرجلين، وقد يكون كسب من خلال ذلك بعض الناخبين. وفي 20 يونيو/حزيران الماضي فاز في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في منطقته. وأكد المرشح الجمهوري، الأسبوع الماضي، أنه "ليس فيّ أثر للعنصرية"، وفي الوقت ذاته أعلن أنه من أشد المدافعين عن "إرث" فرجينيا ومعارض لإزالة النصب الكونفدرالية التي تقع في صلب سجال محتدم. ويستغل المرشحون المتطرفون لدى الناخبين الإحساس بأنهم لا يحظون بتمثيل جيد أو بأن الحزبين التقليديين، الجمهوري والديمقراطي، يهملانهم. وفاز ترامب في عام 2016 بتأييد ملايين الناخبين، الذين وصفهم بأنهم "منسيون" من عمال مصانع ومناجم عاطلين عن العمل أو مزارعين يعانون من صعوبات اقتصادية، وهم يعانون من خيبة العولمة ويتخوّفون من الهجرة غير القانونية ومن التغييرات التي يشهدها العالم من حولهم. وتبرأ الحزب الجمهوري من عدد من هؤلاء المرشحين، بمن فيهم جونز ونيلن، لكن مركز "ساذرن بوفرتي لوو سنتر" لفت إلى أن تأييد ترامب لمرشحين موضع جدل، مثل مسؤول شرطة أريزونا السابق، جو أربايو، في ترشحه لمقعد في مجلس الشيوخ، يوجه رسالة إلى الشريحة المتطرفة من الحزب بأن ثمة مساحة لهم في الخطاب السياسي.
(العربي الجديد، فرانس برس)

المساهمون