إسرائيلي يرأس "حقوق الإنسان": اللص أميناً للخزانة بمفاتيح عربية

إسرائيلي يرأس "حقوق الإنسان": اللص أميناً للخزانة بمفاتيح عربية

19 يوليو 2018
حظي ترشيح ممثل إسرائيل بدعم ثلاث دول عربية (الأناضول)
+ الخط -
يمثل انتخاب يوفال شاني مرشح إسرائيل رئيسا لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مظهراً من مظاهر السوريالية التي بات يتصف بها المشهد الدولي. فممثلو الدول الأعضاء في المجلس اختاروا رئيساً له تحديداً ممثل "الدولة"، التي لا تفوت فرصة التعبير عن ازدرائها للمنظمات الحقوقية والدولية وتأكيدها على عدم منح أي وزن لمقرراتها، وتحديداً مجلس حقوق الإنسان ذاته. وقد بات من الصعوبة بمكان الوقوف على حجم التحريض الإسرائيلي الرسمي على مجلس حقوق الإنسان بسبب إصداره تقارير تتعلق بالسلوك الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، والذي شاركت فيه معظم النخب الحاكمة في تل أبيب، وعلى رأسها كل من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الحرب أفيغدور ليبرمان. فلطالما نشر كل من نتنياهو وليبرمان تغريدات في حسابيهما على تويتر تنزع الشرعية عن مجلس حقوق الإنسان وتطعن في أهليته كجهة دولية من حقها تقييم السلوك الإسرائيلي.

وقد وصل الأمر إلى حد إصدار نتنياهو قراراً بتقليص تمثيل إسرائيل في المجلس، وذلك بعد أن أعلنت الولايات المتحدة انسحابها منه، بحجة تبنيه مواقف معادية لإسرائيل. وقد جاء هذا التطور قبيل ساعات من تمرير البرلمان الإسرائيلي قانون "القومية" الذي يقنن الممارسات العنصرية ضد الفلسطينيين ويعكس المدى الذي وصله في اندفاعه نحو التطرف الديني والقومي.

كما تزامن مع إصدار إسرائيل تشريعات تقلص من قدرة المنظمات والحركات الحقوقية الدولية والإسرائيلية التي تراقب سلوك الاحتلال تجاه الفلسطينيين على العمل، والتي كان آخرها تشريع يمنع مؤسسات "الدولة" من التعاون مع منظمة "يكسرون الصمت" الإسرائيلية التي توثق الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

لكن مما يبدو مستهجناً بشكل خاص أن يحظى ترشيح ممثل إسرائيل بدعم ممثلين عن دولتين عربيتين، وهما مصر وموريتانيا. ففي الوقت الذي تتعاظم أنشطة حركة المقاطعة الدولية على إسرائيل (BDS)، بسبب ممارستها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، وتحقيق الحركة إنجازات كبيرة على صعيد نزع الشرعية عن حق إسرائيل في مواصلة هذه الممارسات، فإن إقدام دول عربية على دعم انتخاب ممثل إسرائيل يمثل طعنة في ظهر أولئك الذين يتصدون لممارسات إسرائيل، سواء داخل إسرائيل نفسها أو في الخارج.

وإن كان العشرات من الدبلوماسيين والباحثين الإسرائيليين قد وقّعوا على عريضة تطالب بفرض عقوبات دولية على إسرائيل بفعل سلوكها وتعمدها المس بالقانون الدولي، فإن أي طرف عربي يدعم انتخاب ممثل إسرائيل رئيسا لمجلس حقوق الإنسان يعري موقف النخب الإسرائيلية التي تعارض سلوك الاحتلال.


ومما يزيد من وقع المفارقة حقيقة أن سيرة يوفال شاني تحديدا لا تدلل على أنه من أولئك الحريصين على احترام حقوق الإنسان، ذلك أن سلوكه المهني يدلل على أنه ذو توجهات تنسجم مع سياسات المؤسسة الحاكمة.

فإلى جانب شغله منصب عميد كل الحقوق في الجامعة العبرية في القدس المحتلة، فإن شاني يتولى حاليا منصب نائب رئيس "المركز الإسرائيلي الديموقراطي"؛ الذي يعد إحدى المؤسسات التي تقدم تقديرات وتوصيات قانونية لخدمة المؤسسات المختلفة في الدولة.

وتكفي الإشارة إلى أن يوحنان فلسنر، الذي يترأس هذا المركز، ويعد الرئيس المباشر لشاني كان قائدا في وحدة "سييرت متكال" التي تتولى تنفيذ عمليات الاغتيال والتصفية ضد العرب والفلسطينيين إلى جانب دورها في جمع المعلومات الاستخبارية عن العالم العربي.

المساهمون