نتائج التحقيق بإسقاط "بوينغ" الماليزية تنذر بتصعيد غربي روسي

نتائج التحقيق بإسقاط "بوينغ" الماليزية تنذر بتصعيد غربي روسي

25 مايو 2018
تراجع فرص روسيا في إقناع الغرب (روبن لونخهوجين/Getty)
+ الخط -
ينذر تجديد التحقيق الدولي اتهام روسيا بإسقاط طائرة "بوينغ-777" الماليزية جنوب شرق أوكرانيا، منتصف 2014، بموجة جديدة من تراشق الاتهامات بين موسكو والغرب بالوقوف وراء هذه الفاجعة التي راح ضحيتها 298 شخصا دون أن يتم التوصل إلى المنفذ ومساءلته حتى الآن.

وتوقعت صحيفة "فيدوموستي" الروسية، في عددها الصادر اليوم الجمعة، تراجع فرص روسيا في إقناع الغرب ببراءتها من الحادثة، مما سيؤدي إلى "موجة جديدة من التصعيد بين موسكو وباقي بلدان العالم، وفرض عقوبات جديدة وزيادة عزلة روسيا". 

وفي مقال بعنوان "إلى أين يؤدي الأثر الروسي في تحطم "بوينغ" الماليزية؟"، أشارت الصحيفة إلى أن "النزاع في أوكرانيا، الذي تنفي موسكو ضلوعها فيه، زاد من مشكلة فقدان الثقة بين روسيا والغرب في غياب مؤسسات قضائية متعارف عليها وذات سمعة تحكيم مستقل"، مضيفة أن رفض روسيا المشاركة في تشكيل محكمة دولية "يزيد من الشبهات تجاه الكرملين" وقوة الترجيحات بضلوع روسيا في مقتل المدنيين، وقد يؤدي إلى حملة جديدة ضد موسكو، على غرار طرد الدبلوماسيين على خلفية تسميم العميل المزدوج الروسي، سيرغي سكريبال، في بريطانيا مؤخرا.

أما السلطات الروسية فقد تستغل قضية "بوينغ" لخدمة الأهداف السياسية الداخلية والحديث عن تحيز التحقيق، وتقديم "حقائق بديلة"، وإثارة "الهستيريا المعادية للغرب"، وفق تعبير كاتب المقال.

وكانت "مجموعة التحقيق الدولية" (JIT) التي تعمل في هولندا بموجب اتفاق بين خمس دول لقي رعاياها حتفهم في الحادثة قد أعلنت رسميا، أمس الخميس، أن الطائرة أسقطت بواسطة منظومة "بوك" قادمة من روسيا.



واستندت مجموعة التحقيق في ذلك إلى صور قالت إنها تظهر لوحات أرقام سيارات نقلت منظومة الصواريخ إلى أوكرانيا، لكن دون الكشف عن أسماء أي شخصيات لها ضلوع مباشر في إطلاق الصاروخ الذي أسقط الطائرة.   

إلى ذلك، دعا الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، اليوم الجمعة، روسيا إلى تحمل المسؤولية عن إسقاط الطائرة الماليزية.

وقالت منسقة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني، في بيان، إن "الاتحاد الأوروبي يدعو روسيا إلى قبول مسؤوليتها والتعاون التام مع كافة الجهود لتحديد المسؤوليات". 

وقال الأمين العام لحلف الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، في بيان منفصل: "أدعو روسيا إلى قبول مسؤوليتها".

في المقابل، سارعت روسيا إلى تكذيب هذه النتائج، متمسكة بروايتها بأن الطائرة أسقطت بواسطة منظومة "بوك" تابعة لقوات الدفاع الجوي الأوكرانية. 

ولم يبق الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بمنأى عن التعليق على نتائج التحقيق، مؤكدا خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على هامش منتدى بطرسبرغ الاقتصادي الدولي، أن روسيا لن تعترف بالنتائج إلا في حال شاركت في التحقيق بشكل كامل بنفسها.

من جهته، ذكر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، اليوم الجمعة، أن هولندا لم تقدم أدلة تدعم قولها إن موسكو تقف وراء إسقاط الطائرة الماليزية، وأن الهولنديين يعملون على خدمة أهدافهم السياسية من وراء ذلك.

وقال لافروف، في تصريح نقلته وكالات الأنباء الروسية: "اتصل بي وزير هولندي. ليس لديهم عملياً أي شك بأن (صاروخ) بوك جاء من روسيا. سألته عن الوقائع التي تدعم هذه المزاعم. فلم يقدم لي أية وقائع"، متهما الهولنديين باستغلال المأساة "خدمة لأهدافهم السياسية الخاصة"، بحسب "فرانس برس".

وشبّه وزير الخارجية الروسي اتهام روسيا بالضلوع في تحطم الطائرة بقضية سكريبال، لافتا إلى سرعة توجيهه وعدم تقديم أي أدلة تثبته.

وأكد استعداد موسكو لمواصلة التعاون مع التحقيق الدولي شريطة أن يكون نزيها وشفافا، مضيفا أنه "إذا قرر شركاؤنا هذه المرة أيضا، مثلما فعلوه بخصوص قضية سكريبال، تحقيق مكاسب سياسية عبر مزايدات على مأساة أودت بحياة مئات الأشخاص، فليؤنبهم ضميرهم".

ورغم أن روسيا نفت مرارا وجود عسكرييها شرق أوكرانيا، أو عبور أي منظومات صواريخ الحدود الأوكرانية، إلا أن مصدرا روسياً مطلعا على الأوضاع في دونباس (مقاطعتا دونيتسك ولوغانسك) رجح، في حديث سابق لـ"العربي الجديد"، أن "قوات الدفاع الشعبي" الموالية لموسكو هي التي أسقطت الطائرة الماليزية بواسطة صاروخ "أرض- جو" عن طريق "خطأ" حين كانت تستهدف طائرة حربية أوكرانية.

يذكر أن كارثة الطائرة الماليزية المتجهة من أمستردام إلى كوالالمبور، والتي راح ضحيتها 298 شخصا بين ركاب وأفراد الطاقم، وقعت في 17 يوليو/تموز 2014، وذلك في ظروف عسكرية صعبة، حيث كانت المنطقة تشهد مواجهات عنيفة بين الجيش الأوكراني والمسلحين الموالين لروسيا.

وبعد وقوع الحادثة، نفى المسلحون امتلاكهم منظومات قادرة على إصابة أهداف على ارتفاع تحليق الطائرات المدنية (10 آلاف متر)، بينما وجهت كييف والغرب اتهامات إلى موسكو بتزويدهم بمنظومة "بوك"، مما مهد الطريق لتشديد خناق العقوبات الاقتصادية على روسيا.