أكاديميون ومعارضون في الدوحة يشخّصون "مآلات الثورة السورية"

أكاديميون ومعارضون في الدوحة يشخّصون "مآلات الثورة السورية"

08 ابريل 2018
القوى الدولية لعبت دوراً في تشتيت المعارضة السورية(العربي الجديد)
+ الخط -
حاول باحثون وأكاديميون سوريون وعرب وغربيون تشخيص "مآلات الثورة السورية في الندوة التي ينظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، على مدى يومين، في الدوحة، مقدمين قراءة علمية لتطورات المشهد السوري، في شكل أوراق ودراسات علمية أُعدت في ضوء التحولات الداخلية والخارجية.

وحاولت الندوة الأكاديمية الإجابة عن سؤالين: "لماذا تحوّلت الثورة السورية التي انطلقت سلمية، حضارية، بشعاراتها الوحدوية الداعية إلى الحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية، وبمطالب إصلاحية سياسية واقتصادية، إلى صراع أهلي مدمر، قبل أن تتحول إلى حرب وكالة إقليمية ودولية، أدت إلى مأساة إنسانية؟ وهل كان حتمياً أن تسلك الثورة هذا السبيل، وأن تصل إلى هذه النتائج، أم كانت ثمة خيارات أخرى ممكنة لو اختلفت الظروف والفاعلون، ومن ثم القرارات التي اتخذت؟".

وفي ورقته "أزمة القيادة في الثورة السورية: المجلس الوطني السوري نموذجاً"، يرى أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة السوربون في باريس، برهان غليون، أن الباحثين الأجانب ركّزوا في تحليل "المآل الكارثي" الذي آلت إليه الثورة السورية على ضعف المعارضة وتشتت قوى الثورة وانقساماتها، بينما ركّز الباحثون السوريون على العوامل الجيوسياسية، وبخاصة التدخلات الخارجية الإيرانية، ثم الروسية، وشلل المنظمة الدولية، وتعطيل دور المجتمع الدولي.

وأوضح غليون، في الجلسة التي حملت عنوان "المعارضة السورية: أزمة في ظل الأزمة؟"، أن أهمية المجلس الوطني تكمن بتشكله في مرحلة تراجع المظاهرات الشعبية وبداية انتشار السلاح في سورية، مؤكداً أن "المجلس الوطني أجهض بسبب الصراع على النفوذ والمكانة بين أفراد المعارضة السورية، إذ لم تعمل الأحزاب والقوى المنضوية بدافع وطني، وإنما بشكل مستقل ولمصالحها الضيقة، فتركت الثورة بدون قيادة، وهو ما استغلته القوى الإسلامية المتشددة".

وأكد أول رئيس للمجلس الوطني السوري أن "القوى الدولية لعبت دوراً في تشتيت المعارضة السورية، لكنها ليست السبب الرئيس، وإنما استغلت خلافات أحزاب وأفراد المعارضة السورية".

ولم تغفل الندوة دور وحجم الكرد في التأثير في مآلات الثورة السورية، فقد قدّم الأكاديمي والسياسي الكردي السوري، عبد الباسط سيدا، ورقة تناولت "كرد سورية والثورة: ماذا جرى للمجلس الوطني الكردي؟"، إذ أكد أن "الكرد في بداية الثورة توزّعوا بين أربعة مواقف، من جهة موقعهم في الثورة وموقفهم منها، أولها عبرت عنه التنسيقيات التي التزمت خط الثورة العام منذ اليوم الأول، وثانيها جسدته الأحزاب الكردية التي لم تتفاعل مع الثورة كما ينبغي، على الرغم من إعلانها عن رفضها لاستبداد النظام، وثالثها عبّر عنه حزب الاتحاد الديمقراطي، فقد دخلت قوات هذا الحزب إلى المناطق الكردية في سورية بناءً على اتفاق أمني مع النظام، ورابعها تجلى في موقف الأغلبية الكردية غير المسيّسة، إذ لم تكن المواقف واضحة لديها، وذلك بسبب خشيتها من المجهول".

وقدم الكاتب والصحافي الكردي السوري، هوشنك أوسي، بحثًا بعنوان "حزب الاتحاد الديمقراطي: محنة الهويّة، والدور، وحجم التأثير في مآلات الأزمة السورية".
 

وبرأيه يبرز اسم حزب "الاتحاد الديمقراطي" بوصفه "أحد التعقيدات والعوائق التي عرقلت ترتيبات التسوية في المشهد السوري، لأسباب عدّة". 

وخصصت الندوة جلسة سلطت الضوء على الأداء القتالي والسياسي للمعارضة السورية، وقدم مدير كلية الدفاع الوطني في سورية سابقاً، اللواء المنشق محمد الحاج علي، ورقة بعنوان "الموقف العسكري بعد 7 سنوات: لماذا فشلت محاولات توحيد فصائل المعارضة المسلحة؟".

وحاول الحاج علي الإجابة عن سؤالين مهمين، أولهما: "لماذا لم تنشقّ قطعات وحدات عسكرية كاملة من الجيش السوري لمصلحة الثورة؟"، وثانيهما: "لماذا فشلت محاولات توحيد فصائل المعارضة المسلحة؟". 

 

وأشار إلى أنه "على الرغم من توافر قدرات عسكرية كبيرة في الجيش السوري، فإنه عجز عن قمع الثورة السورية، إذ استنزفت حرب الأعوام السبعة قدراته، بحيث لم تعد لديه القدرة على الصمود أمام فصائل المعارضة، وهو ما أجبر حلفاء النظام، ابتداءً من "حزب الله"، مروراً بإيران، ووصولاً إلى روسيا، على التدخل العسكري لإنقاذه على نحو جرى فيه إخضاع سورية كاملة لإرادة المتدخلين، ولم يعد للقيادة السورية الحالية أي تأثير ملحوظ في صنع القرار السياسي والعسكري".

وتحت عنوان "الأداء التفاوضي المركزي لقوى الثورة والمعارضة السورية: المرجعيات، والمسار، والمآلات"، قدم مدير مؤسسة "قَسم" للاستشارات والدراسات والتدريب، محمد حسام الحافظ، بحثاً تطرق فيه إلى مسارات المفاوضات السياسية السورية  السورية، منذ بدايتها في عام 2014 بعد القرار الأممي 2118 وحتى اليوم، من خلال تقسيم المسار التفاوضي إلى ثلاث مراحل، الأولى هي مرحلة جنيف 2 لعام 2014، والثانية مرحلة عام 2016، والمرحلة الثالثة في عامَي 2017 و2018.

وقدم الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، سلام الكواكبي، ورقة حول "المعارضة ومعركة الرأي العام العربي: التأثير المضاد للنخب القومية واليسارية". 

وسبر الباحث "الأسباب التكوينية" في الوعي الذي تحمله النخب اليسارية والقومية في المنطقة العربية التي تصدّت، على نحو يكاد يكون مبدئياً و"نضالياً"، لخطاب الثورة السورية، و"ابتعدت عن أي شكل من أشكال التضامن، حتى الخطابي. وفي المقابل، تقرّبت هذه النخب، أو جلّها، من القيادة السياسية السورية، بعد أن كانت قد سجّلت تضامناً لا لبس فيه في المرحلة الأولى من الربيع العربي في تونس وفي مصر".

وفي جلسة بعنوان "النظام السوري: تحولات في ظل الأزمة"، قدم أستاذ العلوم السياسية في جامعة حمد بن خليفة، لؤي صافي، ورقة "هل نجح النظام في احتواء الثورة؟ قراءة في "الأسباب البنيوية والثقافية"، وأشار إلى أن "قدرة المجتمع السوري على تحقيق ثورته الحقيقية ترتبط بالتفاعل مع مؤسسات المجتمع المدني في دول الجوار"، التي يرى الباحث أنها "ستزداد حضوراً في المرحلة المقبلة، بسبب تراجع دول المنطقة المركزية وعجزها المتزايد عن إدارة شؤون المجتمع، وحل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يبدو أنها ستزداد تفاقماً في خلال العقد المقبل".

وتناول الباحث في مركز "عمران" للدراسات الاستراتيجية، معن طلاع، "تحولات البنية الأمنية للنظام السوري خلال الثورة". أما الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في واشنطن، رضوان زيادة، فقدم بحثاً بعنوان "الجيوش النظامية والحروب الأهلية: كيف انهار الجيش السوري في النزاع المسلح؟".

وحملت الجلسة الختامية للندوة عنوان "إسلاميو الثورة: التجارب والتحولات"، وشارك فيها أربعة باحثين، إذ قدمت الأكاديمية والباحثة الإسبانية، نعومي راميريث دياث، بحثاً بعنوان: "هل يمكن أن يكون للإخوان المسلمين دور في جعل رؤى القوى المتشددة أكثر اعتدالاً؟"، وتناول الأستاذ الباحث في معهد البحوث والدراسات حول العالم العربي والإسلامي في فرنسا، توماس بييريه، في بحثه "هيئة الشام الإسلامية: السلفية الحركية مقابل "نظام حكم الجهاديين""، وقدم الباحث أحمد أبازيد، ورقة بعنوان "حركة أحرار الشام الإسلامية: نموذج تحولات إسلاميي الثورة في سورية"، والورقة الأخيرة قدمها الباحث في المركز العربي، حمزة المصطفى، وحملت عنوان "تقييم تحولات الحركات الإسلامية السورية: أحرار الشام، وجيش الإسلام، وفيلق الشام".