قطر ودول الحصار... الطيران وسط الاستفزازات

قطر ودول الحصار... الطيران وسط الاستفزازات

28 مارس 2018
الإمارات تستخدم البحرين لاستفزاز قطر (Getty)
+ الخط -



تكررت الاتهامات بين أبوظبي والمنامة والدوحة حول انتهاكات تحصل في الأجواء، بعضها عبارة عن تجاوزات لحدود المجال الجوي من قبل طائرات عسكرية، والبعض الآخر تحرش من طرف طائرات عسكرية بطائرات نقل مدنية.

وتم الكشف عن هذه القضية أول مرة من خلال شكوى تقدمت بها قطر إلى مجلس الأمن الدولي في الأسبوع الأول من يناير/كانون الثاني الماضي، وجاء في الشكوى القطرية أن طائرة عسكرية إماراتية خرقت المجال الجوي القطري في الشهر الأخير من العام الماضي، وحلقت قرابة دقيقة فوق المنطقة الاقتصادية الخاصة بدولة قطر.

واعتبرت قطر أن "الحادثة تأتي في سياق استمرار الإجراءات الاستفزازية الأحادية، غير المسؤولة التي تقوم بها دولة الإمارات العربية المتحدة ضد دولة قطر، بما يؤدي إلى تهديد الاستقرار والأمن في المنطقة، ويعد مخالفة مباشرة لمبادئ احترام سيادة الدول، وحفظ الأمن والسلم الدوليين الواردة في ميثاق الأمم المتحدة".

وأشارت السفيرة القطرية في الأمم المتحدة علياء أحمد بن سيف آل ثاني في رسالة الشكوى إلى أنه "في الوقت الذي تحرص فيه حكومة دولة قطر على علاقات حسن الجوار مع جيرانها، فإنها ترفض بشدة أي خرق لسيادتها وسلامتها الإقليمية، وأنه في حال تكرار مثل هذا الانتهاك فإن دولة قطر سوف تتخذ، حفاظا على حقها السيادي المشروع، كامل الإجراءات اللازمة للدفاع عن حدودها ومجالها الجوي وأمنها القومي، وفقا للقوانين والضوابط الدولية".

وبعد أيام قليلة اتهمت الإمارات قطر بـ"تعريض حياة المدنيين للخطر، من خلال اعتراض الطائرات المقاتلة القطرية لطائرتين إماراتيتين كانتا تحلقان ضمن المسارات المعتادة في طريقهما إلى مملكة البحرين عبر خطوط طيران معتمدة دولياً، ومستوفيتين لجميع الموافقات والتصاريح اللازمة".

جاء آخر الاتهامات المتبادلة يومي أمس وأمس الأول، حيث أبلغت دولة قطر، يوم الثلاثاء، مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة عن خرق مجالها الجوي من قبل مملكة البحرين، وذكرت أن "طائرة مقاتلة بحرينية اخترقت المجال الجوي لدولة قطر يوم الأحد الموافق 25 مارس/آذار الجاري".



ويوم الاثنين الماضي ذكرت وكالة الأنباء الإماراتية (وام) أن الهيئة العامة للطيران المدني في الإمارات قالت إن "مقاتلتين قطريتين اقتربتا على نحو ينطوي على خطورة من طائرتين مدنيتين إماراتيتين خلال تحليقهما في المجال الجوي البحريني"، ولكن الهيئة العامة للطيران المدني القطرية نفت ما ذكرته الهيئة الإماراتية.

تبادل الاتهامات بين الإمارات وقطر يستدعي جملة من الملاحظات:

أولاً: تبدو المطالعة القطرية، كما ورد في رسالة الشكوى الأولى إلى مجلس الأمن، مسجلة بالأرقام والوقائع والإحداثيات الدقيقة، في الوقت الذي تفتقر فيه مطالعة الإمارات إلى الأدلة والقرائن المدعمة بالأرقام.

ثانياً: تؤكد مجريات الأحداث استخدام الإمارات للبحرين في هذه القضية، والهدف من وراء دفع البحرين إلى الواجهة واضح، وهو افتعال مشكلة بين الدوحة والمنامة لاستثمارها حسب ما تخطط أبوظبي والرياض.

ثالثاً: إن التأكد من العملية سهل من الناحية الفنية، فخطوط الطيران مرسومة بدقة، وحركة الطيران كلها مسجلة، وهناك تخطيط تفصيلي لحركة كل طائرة من لحظة الإقلاع إلى لحظة الهبوط. وأي جسم يظهر في هذا الفضاء يتم رصده بسهولة، وبالتالي ليس هناك أي فرصة لأي طرف للتهرب من المسؤولية.

رابعاً: الخطير في الأمر هو الاستفزازات، والتعدي على السيادة، كما ورد في الشكوى القطرية. وهذه الاستفزازات قد تتطور إلى ردود أفعال غير محسوبة، وهذا ما تبحث عنه أبوظبي على ما يبدو.

خامساً: المجال الجوي متداخل أصلاً والمساحة ضيقة، ولكن لا مجال للأخطاء لأن حركة الطيران منظمة على نحو دقيق جداً، إلا أنه إذا لم تكن النوايا صافية، فيمكن أن تحصل أخطاء متعمدة من أجل افتعال مشكلة أكبر.

سادساً: حين قامت دول الحصار بمحاصرة قطر في الخامس من يونيو/حزيران الماضي كانت أبرز الخطوات هي إغلاق المجال الجوي أمام الطيران المدني القطري، ولكن الدوحة تغلبت على هذه المعضلة قانونياً باللجوء إلى منظمة الطيران المدني التي حكمت لصالح قطر.

ختاماً، التحرشات في المجال الجوي داخل منطقة مكتظة بالطيران ليست لعبة، وإنما عملية على درجة كبيرة من الخطورة على سلامة الطيران المدني واستقرار المنطقة، والاحتكام إلى الهيئات المختصة هو السبيل لوضع الأمور في نصابها.

دلالات