كمائن "داعش" تربك الخطط الأمنية للحكومة العراقية

كمائن "داعش" تربك الخطط الأمنية للحكومة العراقية... وتعيد مشهد "السيطرات الوهمية"

18 مارس 2018
"داعش" يركز كمائنه على محافظتي كركوك وديالى(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
أعادت كمائن تنظيم "داعش" الإرهابي المتنقلة، أخيراً، مشهد ما كان يعرف سابقاً بـ"السيطرات الوهمية"، إلى العراق إبان تنظيم "القاعدة"، لتثير قلق الأهالي من جديد، وتربك الخطط الأمنية التي اتخذتها القوات العراقية.

وفي الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة العراقية عن القضاء على التنظيم وزوال خطره، يطل هذا التنظيم برأسه من جديد في عدد من مناطق البلاد، ليقطع الطرق بحواجز تفتيش ليلية وسريعة يرتدي عناصره فيها زي قوات الأمن مستهدفاً العسكريين.

ومع هذه الاستراتيجية التي لجأ إليها التنظيم، الذي فقد القدرة على المواجهة في جبهات مفتوحة، يكون الخطر لا يقل شأناً عن خطر المعارك، إذ أنّ التنظيم استطاع أن يقتل العشرات من المدنيين والعسكريين في تلك الكمائن المتحركة، ويثير القلق من استمرار هذه التحركات، وإمكانية التغلب عليها.

في السياق، قال ضابط في قيادة العمليات المشتركة لـ"العربي الجديد"، إنّ "القوات الأمنية سجلت خلال الفترة الأخيرة عدداً من الحوادث التي يرتكبها تنظيم داعش، عبر كمائن متحركة، وسيطرات وهمية ينصبها في طرق معينة"، مبيناً أنّ "التنظيم يركز في كمائنه على محافظتي كركوك وديالى دون غيرهما".


ولفت الضابط إلى أنّ "الحوادث التي سجلت خلال الشهر الأخير لا تقل عن 12، كلها بالأسلوب ذاته، كمين متحرك يعترض الطريق ويقتل ومن ثم ينسحب"، مبيناً أنّ "تلك الكمائن سجلت قتل نحو 22 مدنياً، ونحو 35 عسكرياً من بينهم عناصر من الحشد الشعبي".

وبيّن أنّ "القوات العراقية اتخذت إجراءات وخططاً للسيطرة على الوضع، بعدما حددت الطرق التي يركز التنظيم على تنفيذ كمائنه فيها"، لافتاً إلى أنّه "تم نشر أعداد كبيرة من القوات والحشد، في تلك الطرق وعلى مقربة منها".

وتابع "القوات تقوم بعمليات تمشيط ومتابعة لعناصر داعش، وتسعى للقضاء عليها"، مبيناً أنّ "تم اعتقال العديد من المشتبه بهم بالارتباط وتقديم الدعم للتنظيم، وقد تمت إحالتهم على التحقيق".

واتخذت القوات الأمنية قراراً بقطع عدد من الطرق ليلاً خشية من كمائن "داعش"، وتحركاته، بينما انتقد مسؤولون هذا الخطوة، وحذروا من خطورتها، مطالبين بوضع خطط شاملة لتأمين الطرق.

وأوضح النائب عن محافظة ديالى، رعد الماس، في تصريح صحافي، أنّ "قرار القوات الأمنية بقطع طريق مندلي – بلدروز، الاستراتيجي شرق ديالى ليلاً، أمام مرور المركبات بمختلف أنواعها، جاء كرد فعل على تكرار كمائن داعش، على هذا الطريق، والتي كان آخرها، استهداف دورية لحرس الحدود، قبل أيام، وأسفر عن مقتل خمسة منهم".

واستدرك الماس قائلاً إنّ "قطع الطريق لن ينهي ملف نشاط خلايا داعش في المناطق القريبة منه، بل سيؤدي إلى زيادة وتيرة تسلل التنظيم، وربما نصب العبوات الناسفة على الطريق تحت جنح الظلام، وهذا ما قد ينعكس سلباً على الأمن بشكل عام"، داعياً إلى "وضع خطة أمنية واضحة المعالم، لحماية الطريق".

وتتكتم الحكومة والقوات الأمنية، على تلك التحركات المريبة التي ينفذها التنظيم، وعلى أعداد الضحايا الذين وقعوا فيها، في وقت يؤكّد فيه مسؤولون أنّ كمائن "داعش"، لا تقل خطراً عن الجبهات المفتوحة، وأنّها أصبحت مخيفة وتتطلب إجراءات أمنية عاجلة.

وقال القيادي في تحالف القوى عن محافظة كركوك، عمّار العبيدي لـ"العربي الجديد"، إنّ "كمائن داعش التي تتكتم عليها الحكومة، لا تقل خطراً عن تحركاته والمعارك التي كان يخوضها"، مبيناً أنّ "التنظيم لا تتوفر لديه اليوم إمكانية فتح الجبهات، كما كان في السابق، لذا فقد لجأ إلى الكمائن المتحركة، الأمر الذي أثار الرعب في نفوس المواطنين، والذين يسلكون الطرق ليلاً نهاراً، وقد تسبب ذلك بامتناع الكثير منهم من الحركة ليلاً".

وأشار إلى "أهمية أن تضع القوات الأمنية خطة واسعة للقضاء عل جيوب التنظيم وتحركاته، وتفعيل الجهد الاستخباري لكشف تحركاته وكمائنه، فضلاً عن فتح قنوات للتواصل مع الأهالي للحصول على أي معلومات منهم"، مشدداً على "ضرورة أن تهتم الجهات المسؤولة بهذا الملف، وضرورة القضاء على هذه التحركات الخطيرة للتنظيم".

وأعادت تحركات داعش وكمائنه، مشاهد "السيطرات الوهمية" التي كانت البلاد تشهدها، في عامي 2006 – 2007، إبان تنظيم "القاعدة".



وقال عضو مجلس عشائر كركوك، الشيخ عباس الجبوري لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذه الكمائن والتحركات أصبحت هاجساً مرعباً للمواطنين، وأعادت لذاكرتهم مشاهد السيطرات الوهمية"، منتقداً "ضعف الإجراءات الأمنية التي لم تستطع منع هذه التحركات"، داعياً إلى "إيجاد معالجات عاجلة للسيطرة على الموقف، ومنع تحركات التنظيم".

يشار إلى أنّ خطر تنظيم "داعش" بدأ يتصاعد مجدداً في العراق، بعدما نشط في تنفيذ كمائنه، التي أوقعت عشرات من القتلى والجرحى في عدد من مناطق البلاد.

المساهمون