انتخابات لبنان... حفلة تنكرية

انتخابات لبنان... حفلة تنكرية

05 فبراير 2018
تأجيل الانتخابات قلل من مصداقية خطابات الإصلاح(أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -
لا يمكن للمستمع إلى خطابات القوى السياسية اللبنانية قبيل موعد الانتخابات في مايو/أيار المقبل، أن يُميّز بين الأحزاب اليمنية والإسلامية واليسارية في البلاد، وذلك رغم الاختلافات الحادة التي دفع ثمنها اللبنانيون دماءً كثيرة خلال محاولة هذه القوى فرض هويتها ورؤيتها على جميع الآخرين.

ذابت معظم القوى في خطاب طوباوي لا يشبه الواقع في شيء. يتجاوز عمر مشاركة أحدث الأحزاب العائدة إلى العمل السياسي، بعد الانسحاب السوري من لبنان، في الحكومة والبرلمان السنوات العشر، ومع ذلك يخرج قادة هذه الأحزاب للحديث عن مكافحة الفساد مثلاً أو عن تصحيح النظام أو غيرها من العناوين الانتخابية البرّاقة التي تحتل تلقائياً ألسنة السياسيين قبيل الانتخابات. وللمفارقة فإن الخطاب الوحيد المُنسجم مع واقع هذه القوى هو الخطاب الطائفي الذي عاد إلى الألسن بعد انتفاء الحاجة إلى الخطاب الوحدوي الذي انطلق به العهد الرئاسي الجديد.
كشفت الأزمة السياسية الأخيرة بين "حركة أمل" و"التيار الوطني الحر" أن الجمهور الحزبي في لبنان لا يزال قادراً على التبني والتفاعل مع الخطاب الطائفي بشكل سريع وسهل، بعكس استجابته لخطاب الإصلاح حتى ولو كان انتخابياً فقط.
كانت عناوين الإصلاح مُحببة وسهلة على آذان المواطنين سابقاً، لكن تأجيل الاستحقاق الانتخابي طوال 5 سنوات قلل من مصداقيتها. كما قلل من مصداقيتها كشف الكثير من التفاهمات الاقتصادية التي حكمت علاقة الأحزاب فيما بينها، رغم علاقة الخصومة الظاهرية بينها.
وعلى الضفة المقابلة لأحزاب السلطة برزت أسئلة أكبر وأكثر عن خطاب القوى السياسية التي أبعدتها التسوية الأخيرة عن سدة الحكم، وعن خطاب تيارات المجتمع المدني التي تحولت خلال 3 أعوام من مجموعات احتجاجية إلى قوى تتبنى خطاباً إصلاحياً على صعيد الانتخابات البلدية والبرلمانية.
في الشكل تبنت بعض هذه القوى (حزب الكتائب، حزب سبعة) نموذج الأحزاب الغربية في الدعاية الانتخابية. من الشعارات إلى التصميمات، وحتى شكل اللقاءات والمهرجانات. أما في المضمون، فقد فقدت هذه القوى جزءاً من جمهورها المُفترض بعد أن غرقت - أو كادت - في خطاب تكنوقراطي خال من المضمون السياسي الجذاّب للمواطنين المُعتادين على خطاب الأحزاب التقليدية.

دلالات