3 عناوين لزيارة هانت إلى طهران

3 عناوين لزيارة هانت إلى طهران: اليمن والنووي ومعتقلون بريطانيون

19 نوفمبر 2018
هانت في طهران (عطا كناري/فرانس برس)
+ الخط -
زار وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت العاصمة طهران اليوم الإثنين، رغم قول نظيره الإيراني محمد جواد ظريف مساء الأحد، إن "هذه الزيارة ما زالت غير مؤكدة". لكن مواقع إخبارية إيرانية عدة سبقت تصريحات الوزير الإيراني، بتأكيدها قدوم الضيف البريطاني إلى طهران، وفي جعبته العديد من الملفات، خصوصاً أنه وصلها بعد زيارتين إلى السعودية والإمارات.

تجعل ظروف الزيارة من الملف اليمني أبرز العناوين التي وضعها هانت على طاولة مباحثاته مع المسؤولين الإيرانيين، وهو من حثّ السعودية سابقاً على تقديم إجاباتها حول جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي، وطالب بإنهاء حرب اليمن. كما رأى البعض في ساحة التحليل في الداخل الإيراني أن هناك ضغطاً بريطانياً على الرياض، وهو ما تم ربطه بتصريحات العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز اليوم، خلال كلمته أمام مجلس الشورى السعودي، والتي أكد فيها قبول الرياض الحلولَ السياسية لما يجري في اليمن. وهو ما جاء كذلك بعد أن تحدث الحوثيون عن جهوزيتهم لوقف العمليات العسكرية في كل الجبهات، وتأكيدهم إيقاف الهجمات التي يستخدمون فيها الصواريخ والطائرات من دون طيار على السعودية والإمارات تلبية لمطلب المبعوث الأممي مارتن غريفيث.

في هذا السياق، رأى المحلل السياسي عماد آبشناس، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "كل وزير خارجية بريطاني يجري زيارات إقليمية من هذا القبيل حين يتولى مسؤولياته"، مؤكداً أن "اليمن بلد هام لبريطانيا تاريخياً، وهو ما يجعل هانت يتباحث حول هذا الملف مع السعودية والإمارات أولاً، وإيران ثانياً، خصوصاً أن الأخيرة أكدت في مناسبات عدة استعدادها لدعم الحل السياسي وتقديم المساعدة لتحقيق ذلك"، متوقعاً ألا "ترفض أداء دور في هذا السياق".

وأضاف آبشناس أن "زيارة هانت، التي تأتي بعد إعادة فرض العقوبات الأميركية، تحمل كذلك عناوين تتعلق بحزمة الضمانات التي لم يقدمها الأوروبيون لطهران حتى اللحظة، رغم أن إيران اشترطت الحصول على آليات واضحة لتستمر ببيع نفطها ولتتبادل البضائع والأموال بما يعرقل العقوبات الأميركية". واعتبر أن "الإشكال بالنسبة إلى طهران يكمن في وجود علاقات وطيدة بين بريطانيا والولايات المتحدة، رغم أن في لندن من يعارض سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحالية، وهو ما تعول عليه طهران نسبياً"، مشيراً إلى أن "الحديث عن تأسيس كيان في إحدى الدول الأوروبية لتتم عبره التبادلات مع إيران ما زال ملفاً غير محسوم، وتمّ اقتراح لندن لتكون مركزاً له".



وإلى جانب ذلك، ما زال الملف النووي يُشكّل مساحة كبيرة في حوار إيران مع الغرب، خصوصاً مع الأطراف الأوروبية الباقية فيه، بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي. وكان هانت قد أجرى اتصالاً هاتفياً مع نظيره الإيراني تزامناً مع دخول حزمة العقوبات الأميركية الثانية حيز التنفيذ العملي مطلع الشهر الحالي. وأكد في هذا الاتصال التزام بريطانيا بالاتفاق، وزيارته لطهران ستزيد التأكيد على ذلك. وهو الالتزام الذي ينصّ على أن تتقيّد طهران بما عليها من بنود تقنية وفنية في مفاعلاتها بالدرجة الأولى، فلندن ترى أن الاتفاق من شأنه ضبط نشاط إيران نووياً، كما أن الحفاظ عليه يعني عدم جر الشرق الأوسط لحالة نزاع جديدة.

لكن الملف الذي يتصدّر عناوين الاهتمام البريطاني بطهران، يتلخص في ما جاء على لسان هانت نفسه قبيل وصوله إلى العاصمة الإيرانية، فكان واضحاً بالقول إنه "يحمل رسائل محددة للمسؤولين في إيران تخص المعتقلين البريطانيين لديها"، معتبراً أنه "لا يجب البحث عن تحقيق أهداف سياسية من خلال الاستفادة من ملف معتقلين أبرياء، فمن المهم إعادة هؤلاء لعائلاتهم"، واصفاً قصصهم بـ"المؤلمة".

يقصد هانت بذلك قضية الصحافية البريطانية من أصول إيرانية نازنين زاغري بالذات، المحتجزة في إيران منذ إبريل/نيسان 2016، بتهمة "بث دعايات مغرضة للنظام والتعاون مع مؤسسات إعلامية للقيام بمشاريع تثير الشكوك"، بحسب وصف السلطات في طهران، ووفقاً لبيان نشره الحرس الثوري في وقت سابق.

هذا الملف ذاته وضعه وزير الخارجية البريطاني الأسبق بوريس جونسون على طاولة مباحثاته خلال زيارته إيران في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وهو ما طلبت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي متابعته من الرئيس حسن روحاني. وزيارة هانت هي الرابعة لوزير خارجية بريطاني إلى طهران خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، والجدير بالذكر أن إيران التي ترى في أميركا شيطاناً أكبر، تصف بريطانيا بالثعلب العجوز، لأن العداء والخلاف متجذران وتاريخيان وعميقان بين البلدين، وهو ما يجعل زيارات من هذا النوع لا تحظى بالترحيب البالغ من قبل غالبية الأطياف السياسية، حتى بوجود حكومة معتدلة تنادي بالانفتاح.

وكان الوزير الأسبق فيليب هاموند قد زار طهران كذلك، وهو الذي أعاد افتتاح سفارة بلاده فيها من دون أن يكون قادراً على طيّ صفحة عقود طويلة من العلاقات المحكومة بالتوجس، وكان ذلك في أغسطس/آب 2015، أي مباشرة بعد التوصل للاتفاق النووي بين إيران والسداسية الدولية، وبعد مرور أربعة أعوام على إغلاقها إثر اقتحام محتجين غاضبين مقرَّ السفارة عقب تشديد العقوبات على البلاد في حينه.



المساهمون