لماذا تلقب الأمانة العامة للحكومة بالمغرب بـ"مقبرة القوانين؟"

لماذا تلقب الأمانة العامة للحكومة بالمغرب بـ"مقبرة القوانين؟"

16 نوفمبر 2018
تتأخر الأمانة العامة لحكومة المغرب بنشر القوانين(Getty)
+ الخط -
تتعرض وزارة "الأمانة العامة للحكومة" في المغرب أكثر من غيرها للكثير من الانتقادات، حتى باتت توصف من طرف سياسيين ونشطاء، بكونها "مقبرة القوانين"، بسبب ما يعتبرونه تأخراً كبيراً في اعتماد نشرها القوانين والقرارات في الجريدة الرسمية، إيذاناً بدخولها حيّز التنفيذ.

والأمانة العامة للحكومة، هي وزارة مغربية، يرأسها أمين عام للحكومة بدرجة وزير، يمارس الصلاحيات ذاتها التي يتمتع بها باقي الوزراء، ومهمتها الرئيسية تكمن في تأمين حسن سير العمل الحكومي، وأيضاً مواكبة كل مشروع نص قانوني منذ مرحلة إعداده، إلى حين صدوره في "الجريدة الرسمية".

ويتسم عمل الأمانة العامة للحكومة بكثيرٍ من التؤدة والتريث في نشر القوانين في الجريدة الرسمية التي تعد منشوراً حكومياً، بمجرد نشرها القرار أو القانون، يصبح هذا القرار ساري المفعول، وبسبب هذا التريث فقد صار لقبها "مقبرة القوانين".

وفنّد الأمين العام للحكومة محمد الحجوي خلال جلسة برلمانية مؤخراً، هذا الوصف، فقال إن "الأمانة العامة نافذة لا غنى عنها للإعلام القانوني"، واعداً بأن تتخلص من الأنشطة الضبطية الرقابية، وأيضاً بإعادة هيكلتها، لتصبح قريباً "هيئة للخبراء تشتغل لصالح الدولة".

وعادت مهام الأمانة العامة للحكومة المغربية إلى الواجهة مؤخراً، بعد التوتر الذي حصل بين وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان مصطفى الرميد، وبين الأمين العام للحكومة، بسبب "مماطلة" الأخير في نشر مضامين الخطة الوطنية في مجال حقوق الإنسان، رغم موافقة المجلس الحكومي عليها.

وتعمد الرميد الغياب أربع مرات متتالية عن المجلس الحكومي الأسبوعي تعبيراً عن "غضبه" من عدم العناية بالخطة الوطنية لحقوق الإنسان التي أشرف عليها، قبل أن يتدخل رئيس الحكومة سعد الدين العثماني لنزع فتيل الأزمة، التي بلغت حدّ توجيه قياديين في حزب "العدالة والتنمية" انتقادات لاذعة للأمانة العامة للحكومة.

وانتقدت البرلمانية بثينة القروري عن "العدالة والتنمية" الذي يقود الحكومة، المدة الطويلة التي تستغرقها مشاريع القوانين عند الأمانة العامة للحكومة، مستدلة بمشروع قانون الطب الشرعي، الذي انتظر وقتاً طويلاً لإحالته على البرلمان، رغم المصادقة عليه في الحكومة منذ شهرين.

ويشرح الدكتور أحمد مفيد، الأستاذ في جامعة فاس، أن الأمانة العامة للحكومة هي قطاع حكومي، تشكل مع باقي القطاعات الحكومية، الحكومة كسلطةٍ تنفيذية، وأنه طبقاً لمقتضيات الدستور، تنحصر اختصاصات الحكومة في المجال التنظيمي والتنفيذي، وتفادياً لتنازع وتداخل الاختصاص بين مختلف القطاعات الحكومية، فإن تنظيم جميع القطاعات الحكومية يكون بمقتضى مرسوم موقع من قبل رئيس الحكومة.

ويوضح مفيد أن "الأمانة العامة للحكومة هي بمثابة المستشار القانوني للحكومة، حيث تعمل على تأمين حسن سير العمل الحكومي، وتقوم بمهام تنسيق عملية تحضير مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بمختلف القطاعات الوزارية، والقيام بمهمة تتبع مسار كل مشروع نص قانوني والتحقق من مطابقته لأحكام الدستور وعدم تناقضه مع النصوص التشريعية الجاري بها العمل".

ويبرز الأستاذ في جامعة فاس، أن ما تقوم بها الأمانة العامة للحكومة، يدخل في نطاق الاختصاصات المسندة لها"، مشدداً على أنه "لا يمكن نعتها بمقبرة القوانين، لأن التأخر الذي يمكن تسجيله، يعود إلى نوعية العمل الذي تضطلع به الأمانة العامة للحكومة، والذي يتطلب وقتا معقولاً"، مستطرداً أن "جميع النصوص القانونية والقرارات تصدر في الجريدة الرسمية بمجرد صدور الأمر بنشرها من قبل السلطات المختصة بذلك".

ويسجل مفيد أن ما وقع من خلاف بين وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والأمانة العامة للحكومة "يستحق النقاش"، لأن الأمر لا يتعلق بنص قانوني أو تنظيمي، وإنما بخطة، وهي بمثابة أرضية يمكن الاستناد إليها لإعداد نصوص تشريعية جديدة أو تعديل بعض التشريعات الموجودة".

 

دلالات