ثاني أيام هدنة غير معلنة في اليمن ترفضها الإمارات

ثاني أيام هدنة غير معلنة في اليمن ترفضها الإمارات

14 نوفمبر 2018
هدأت المعارك في الحديدة لليوم الثاني على التوالي(فرانس برس)
+ الخط -
انحسار المعارك البرية في مدينة الحديدة اليمنية وغياب الغارات الجوية للتحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، إلى جانب إعلان وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، أمس الثلاثاء، عقب زيارته إلى الرياض وأبوظبي أول من أمس، أن التحالف يوافق على الإجلاء الطبي للحوثيين وفق شروط متفق عليها، يظهر أن الضغوط الدولية، تحديداً البريطانية والأميركية، قد نجحت في تهدئة وتيرة المعارك وترسيخ هدنة، ولو غير معلنة. كما أن هذه التطورات تعيد إحياء الآمال بنجاح الجهود الأممية لإطلاق مشاورات سياسية قبل نهاية مهلة الشهر التي كانت الإدارة الأميركية قد حددتها لوقف الحرب، لا سيما أن عدم السماح بإجلاء الجرحى كان الذريعة التي استخدمها الحوثيون لعدم التوجه إلى مفاوضات جنيف في سبتمبر/أيلول الماضي.
لكن المضي في مسار التهدئة والمفاوضات لا يبدو محسوماً في ظل مؤشرات متناقضة، بعضها يأتي من الميدان، وبعضها الآخر عبر رسائل سياسية غير مباشرة أوصلتها الإمارات، تفيد بأن الضغوط التي تكثفت بعد جريمة تصفية الإعلامي السعودي جمال خاشقجي لدفع السعودية والإمارات، إلى تغيير موقفهما ووقف الحرب في اليمن لن تنجح. وعقب انتهاء زيارته إلى أبوظبي والرياض، أكد وزير الخارجية البريطاني، في مقابلة مع وكالة رويترز، أن فرص إجراء محادثات لإنهاء الحرب في اليمن صارت "أكثر واقعية" بعدما أكدت السعودية له استعدادها لإجلاء 50 مقاتلاً حوثياً مصاباً في إجراء لبناء الثقة تمهيداً للمفاوضات. وأوضح هانت إن الإجلاء سيكون بشروط تتعلق بمن سيسافر مع المقاتلين المصابين. وأضاف "يجعل هذا (الاتفاق) فرص إجراء محادثات السلام أكثر واقعية وسيكون مهماً جداً. الأمر يتعلق بإجراءات بناء الثقة على الجانبين لكن هناك استعداداً حقيقياً للتواصل بشأن هذا وفقاً للأشخاص الذين تحدثت إليهم". من جهتها، أكدت الخارجية البريطانية، في بيان أن قوات التحالف ستسمح للأمم المتحدة بالإشراف على الإجلاء الطبي للحوثيين، بمن فيهم ما يصل إلى 50 من المقاتلين الجرحى، إلى سلطنة عمان قبل انطلاق جولة أخرى من محادثات السلام المقترح عقدها في السويد في وقت لاحق من الشهر الحالي. وأشارت إلى أن زيارة هانت، والتي اجتمع خلالها بكبار القيادات في السعودية والإمارات والحكومة اليمنية، وتحدث إلى وزير الخارجية العماني، يوسف بن علوي، ساهمت في تحسين التفاهم بشأن الخطوات التي ستؤدي إلى وقف العمليات القتالية.



وبحسب الخارجية البريطانية، فإن هانت شدد بوضوح على ضرورة أن يكون لكلا طرفي الصراع دور في تدابير بناء الثقة، فضلاً عن إشارتها إلى أن المملكة المتحدة ستواصل المباحثات مع الشركاء بشأن سبل دعم مجلس الأمن لجهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة مارتن غريفيث في العملية السياسية، وتحسين الوضع الإنساني، على أن يشمل ذلك مباحثات حول مسودة قرار لمجلس الأمن الدولي بشأن اليمن قبيل جلسة لمجلس الأمن لبحث الموضوع يوم الجمعة المقبل.
وكان هانت أكد في تصريحات نقلتها الخارجية أنه تم إزالة أكبر عقبة أمام جولة محادثات السلام التي اقترحت سابقاً، وتحديد سبيل ذي مصداقية لخفض تصعيد العمليات العسكرية. وفيما شدد على أنه تظل الدبلوماسية والمفاوضات السبيل الوحيد لإنهاء الصراع، أشار إلى أنه شعر بتفاؤل لإبداء السعودية والإمارات تأييدهما لعملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة، تحت قيادة المبعوث الخاص مارتن غريفيث.
وتزامنت زيارة هانت إلى الإمارات والسعودية مع قيام مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جون بولتون بزيارة الى أبوظبي التقى خلالها ولي عهد أبوظبي وبحثه معه ملفات المنطقة، وذلك بعد يوم من دعوة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى إعلان وقف لإطلاق النار في اتصال هاتفي مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وتعزز الأنباء عن تراجع حدة المعارك في الحديدة أمس الثلاثاء، الاعتقاد بنجاح الضغوط الدولية لضبط التصعيد العسكري بعدما أسفرت المواجهات خلال نحو أسبوعين عن مقتل نحو 600 شخص غالبيتهم من الحوثيين. وأفاد سكان في الحديدة في أحاديث مع "العربي الجديد"، أن الهدوء الحذر يسود أغلب جبهات المدينة، لليوم الثاني على التوالي، في ظل انتشار واسع لمسلحي جماعة أنصار الله (الحوثيين)، في أغلب الأحياء والمناطق الخاضعة لسيطرتهم.
وفي مؤشر إضافي على تراجع حدة المعارك، لم يعلن الحوثيون أمس الثلاثاء عن أية أعمال عسكرية في مدينة الحديدة عبر وسائل الإعلام المتحدثة باسمهم. لكن المتحدّث باسم ما يطلق عليه الحوثيون "الجيش واللجان الشعبية"، العميد يحيى سريع، قال في مؤتمر صحافي في صنعاء إنه إذا حاولت القوات الموالية للحكومة التقدم نحو وسط الحديدة "فنحن جاهزون وحاضرون ولدينا خطط معدّة"، مضيفاً "نحن جاهزون لحرب مدن". وبالتزامن مع الهدوء زار وفد من المنظمات الدولية العاملة في اليمن، بما في ذلك المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي ديفيد بيزلي، ومنسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، ليز غراندي، الحديدة. وكان بيزلي وصل اليمن، أول أمس، واجتمع مع رئيس الحكومة في عدن، معين عبدالملك، كما التقى رئيس الحكومة التابعة للحوثيين في صنعاء (غير المعترف بها دولياً)، عبدالعزيز بن حبتور، قبل أن يتوجه أمس الثلاثاء إلى الحديدة. في موازاة ذلك تبرز مؤشرات عسكرية وسياسية تعزز المخاوف من أن تجاوب التحالف العربي، تحديداً الإمارات، مع الضغوط لوقف إطلاق النار في اليمن ليس أكثر من مناورة قد تنتهي قريباً. وبحسب معطيات حصلت عليها "العربي الجديد" من مصادر في الشرعية وما يُعرف بـ"المقاومة" فإن التحالف رفد عدداً من الجبهات بسلاح ثقيل وآليات عسكرية على نحو غير مسبوق لجهة الكمية.
كذلك برزت رسائل سياسية غير مباشرة بشأن الموقف الإماراتي من الضغوط لوقف الحرب في اليمن، عبر صحيفة العرب التي تعتبر معبرة عن موقف أبوظبي، وقد نقلت عن من سمتهم بالمراقبين قولهم إن "توظيف ورقة خاشقجي لدفع السعودية، ومن ورائها التحالف العربي، إلى تغيير موقفهما في اليمن لن ينهي الصراع هنا حتى لو قبلت الرياض بذلك"، قبل أن تشير إلى "أن السعودية لو قبلت بالحل غير المتوازن، فهذا لا يعني آلياً أن حكومة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ستقبل وكذلك المقاومة المشتركة والأحزاب والقبائل اليمنية".

دلالات

المساهمون