النظام وفصام السيادة

النظام وفصام السيادة

27 أكتوبر 2018
يسيطر الروس على كل قرارات النظام السوري (فرانس برس)
+ الخط -

لم يكن الموقف الذي أبلغه وزير خارجية النظام السوري، وليد المعلم، للمبعوث الدولي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، حول رؤية النظام للجنة الدستورية، بالجديد. فالنظام السوري، منذ لحظة الإعلان عن تشكيل اللجنة الدستورية، أكد، عبر كل وسائل إعلامه الرسمية وغير الرسمية، وعبر تصريحات مسؤوليه، أن الدستور هو موضوع سيادي سوري، ولا علاقة للأمم المتحدة به. وأشار إلى أن اختيار أعضاء اللجنة، التي ستقوم بصياغة الدستور، يقع على عاتق السوريين أنفسهم. وقام بتطبيق هذه الرؤية طوال الفترة الماضية، من خلال تعطيله عمل اللجنة الدستورية، ومماطلته بتنفيذ أي من متطلبات تقدم عملها، دون أي اعتراض يذكر من المبعوث الأممي.

إلا أن الجديد في موضوع اللجنة الدستورية الآن هو نقل هذا الموقف بشكل رسمي إلى المبعوث الأممي من جهة، وتوكيل الروس كضامن بموضوع اختيار أعضاء الثلث الثالث من اللجنة، الذين كان من المفترض أن يختارهم دي ميستورا. قد يبدو كلام وليد المعلم حول أن الدستور موضوع سيادي منطقياً، في حال كان الحديث عن دولة مستقرة ذات سيادة على أراضيها وشعبها، وتعمل على تغيير دستورها لسبب إصلاحي، إلا أن ما يثير الاستغراب في موقف النظام من موضوع تشكيل اللجنة الدستورية، هو تعامله مع المجتمع الدولي، وكأنه (أي النظام السوري) نظام كامل الشرعية، وكأنه لم يشرد نصف سكان سورية، ولم يدمر نصف البلاد، ولم يقتل أكثر من نصف مليون سوري، كما يتعامل وكأنه ليس المتسبب بتدويل القضية السورية التي لم يعد له حتى مجرد رأي في حلها.

ففي الوقت نفسه الذي يتحدث فيه النظام عن السيادة، ورفضه لدور الأمم المتحدة، يطلب توكيل روسيا لاختيار أعضاء اللجنة الدستورية (السيادية)، ويصرح بأن أميركا تسيطر على ثلث مساحة سورية، التي يدعي السيادة عليها، كما تنتشر القوات التركية داخل سورية وتسيطر على نحو ربع مساحتها، هذا فيما يسيطر الروس على كل قراراته في المناطق التي من المفترض أنه يفرض سيادته عليها، طبعاً هذا عدا عن استباحة أجواء سورية ومياهها الإقليمية وأراضيها لكل من هب ودب من الدول والمليشيات. إلا أن الأكثر غرابة من حالة الفصام التي يتعاطى فيها النظام مع موضوع السيادة هو تعاطي المجتمع الدولي مع هذه الحالة، والتعامل معها في أكثر الحالات كأمر واقع، الأمر الذي أجّل ولا يزال يؤجل الحل في سورية، إلى أجل لا تعرفه سوى الدول المتدخلة بالشأن السوري.