ماذا وراء عروض تدويل مطار صنعاء بعد ميناء الحديدة؟

ماذا وراء عروض تدويل مطار صنعاء بعد ميناء الحديدة؟

12 اغسطس 2017
مطار صنعاء أمام تطورات مرتقبة (محمد حمود/الأناضول)
+ الخط -
مع تصاعد وتيرة المطالبات المحلية والدولية في اليمن، بإعادة فتح مطار صنعاء الدولي أمام الرحلات التجارية، أتى رد "التحالف العربي" بالدعوة إلى إدارة الأمم المتحدة للمطار قبل أن ترد الأخيرة بالتأكيد أن مسؤولية إعادة فتح مطار صنعاء الدولي "تقع على عاتق أطراف الصراع في اليمن". كما نفى المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، أن يكون مكتب الأمين العام للأمم المتحدة قد تسلم طلباً رسمياً من التحالف، بقيادة السعودية، لتولي مسؤولية إدارة المطار. في موازاة ذلك، رفض مصدر في ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى"، التابع للحوثيين وحلفائهم، ما أورده التحالف العربي بشأن "مخاوفه" على سلامة الطائرات، معلناً رفضه تسليم مطار صنعاء لأي طرف كان، ومؤكداً أن "مسألة إدارة مطار صنعاء، وغيره من المطارات والمنافذ والموانئ في الجمهورية اليمنية، حق سيادي لا يمكن التخلي أو التنازل عنه". 

ونقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ)، بنسختها التي يديرها الحوثيون، عن المصدر، أن "ادعاء وجود مخاوف على سلامة الطائرات المدنية والرحلات التجارية المتجهة لمطار صنعاء، في حين تهبط طائرات الأمم المتحدة بالمطار كل أسبوع، والحديث عن تهريب أسلحة، أو غيرها من الادعاءات، إنما هي كاذبة لا صحة لها، ومحض افتراء". 


وعلى الرغم من هذه المواقف التي تعقّد إمكانية المضي بمقترح التحالف، فإن توقيت الحديث عن ضرورة فتح مطار صنعاء يرتبط بتقارير المنظمات الدولية التي تؤكد أن إغلاق المطار فاقم الأوضاع الإنسانية الكارثية في البلاد، وتسبب بوفاة الآلاف. هذا في الشق الإنساني، لكن هناك من يربط بين الاقتراح السعودي الذي لاقى بسرعة ترحيباً إماراتياً ينمّ عن رغبة أبوظبي في التخلص من "الهمّ اليمني الشمالي"، من جهة، وبين ما يسرَّب عن بحث دول التحالف العربي عن مخرج لحربها اليمنية من جهة ثانية، وسط استعصاء عسكري يصعب أن يحسم في المدى المنظور.

وكشفت مصادر يمنية لـ"العربي الجديد"، عن جهود دبلوماسية تصاعدت وتيرتها في الأيام الأخيرة، بالتزامن مع حملة مطالبات حقوقية غير مسبوقة لإعادة فتح مطار صنعاء الدولي أمام الرحلات التجارية، بعد عام من إغلاقه. وأكدت المصادر أن رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي، أنطونيا كالفو - بيورتا، التي زارت صنعاء أخيراً، وعدت ببذل جهود في الأطر الرسمية الأوروبية، ما من شأنه إعادة فتح المطار وتحريك جهود الحل السلمي في البلاد.

وجاء تحريك هذا الملف بمناسبة مرور عام كامل على إغلاق المطار من قبل قوات "التحالف" الذي تقوده السعودية، والتي أعلنت في التاسع من أغسطس/ آب 2016 إغلاق المطار لـ72 ساعة مبدئياً، ثم مددت الإغلاق حتى اليوم، باستثناء الطائرات التابعة لمنظمات الإغاثة الإنسانية الأممية.

وأعلنت بريطانيا، التي تعتبر المقرر بالملف اليمني في مجلس الأمن، تأييدها للمطالبات بإعادة فتح المطار. وأكد السفير البريطاني لدى اليمن، سيمون شيركليف، دعم بلاده مطلب إعادة فتح المطار وبشدة، مشيراً إلى أهمية ذلك للرحلات الإنسانية والتجارية. وقال إن هناك حاجة ملحة للاستجابة لأزمة اليمن. وأشار في صفحته الشخصية على موقع "تويتر"، إلى ما وصفها بـ"الإحصائيات المرعبة"، إذ إن قرابة 10 آلاف يمني لقوا حتفهم بسبب حالات صحية كان يمكن تجنبها بالسفر إلى الخارج وذلك منذ إغلاق مطار صنعاء قبل عام. وقال "هؤلاء هم الضحايا الخفيون. عدد مقارب لضحايا الحرب بسبب الصراعات المباشرة"، وفق تعبيره.

وتحت وطأة الضغوط والمطالبات، أعلن "التحالف العربي"، في بيان مساء الخميس الماضي، موقّع باسم المتحدث باسمه العقيد تركي المالكي، عن دعوته "الأمم المتحدة للمساهمة في استئناف تسيير الرحلات التجارية ونقل الركاب لمطار صنعاء من خلال إدارة أمن مطار صنعاء العاصمة وضمان مخاوف الحكومة اليمنية الشرعية". وأكد أنه "في حال توفر عوامل حسن إدارة المطار وضمان أمن وسلامة الطائرات التجارية وإيقاف عمليات التهريب، فإن قيادة التحالف على أتمّ الاستعداد لفتح حركة الملاحة الجوية أمام الطائرات التجارية". وبرر "التحالف" إغلاق المطار بـ"المخاوف على سلامة الطائرات المدنية والرحلات التجارية المتجهة للمطار، وبسبب ممارسات المليشيات الحوثية المسلحة من خلال عمليات تهريب الأسلحة"، وفق قوله.


وذكرت مصادر الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد بصنعاء، لـ"العربي الجديد"، أن الرحلات الجوية التي كانت تأتي إلى صنعاء قبل إغلاق المطار، محدودة، وتمر من مطار بيشة السعودي، ليتم تفتيشها. واعتبرت أن الحديث عن تهريب أسلحة أو أي استخدام له لأهداف عسكرية، ليس صحيحاً. وفي ما يخص السلامة، ردّت المصادر بأن المطار يستقبل طائرات الأمم المتحدة الإغاثية ولا توجد أي تهديدات تعترضها، وفق تأكيدها.

وتتقاطع مطالبة "التحالف" للأمم المتحدة بالإشراف على مطار صنعاء، مع مطالبته السابقة بإشراف أممي على ميناء الحديدة، المرفأ التجاري الأول في البلاد. وكان "التحالف" اتهم "جماعة أنصار الله" (الحوثيين) وحلفاءها باستغلال المرفأ لتهريب الأسلحة وكمنطلق لعمليات عسكرية. وطالب الأمم المتحدة بتولي الإشراف على الميناء، الأمر الذي لاقى رفضاً من قبل الانقلابيين، الذين ينفون استخدام المرفأ للتهريب. ولم تصدر الأمم المتحدة رداً فورياً على دعوة "التحالف"، بالموافقة أو الرفض، إلا أن المرجح ألا يجد ذلك موافقة من الحوثيين وحلفائهم.

وكانت 15 منظمة دولية، بينها "المجلس النرويجي للاجئين"، أصدرت بياناً مشتركاً بمناسبة عام على إغلاق مطار صنعاء. واعتبرت المنظمات أن الإغلاق يضع قيوداً على ملايين اليمنيين، وأن المطارات البديلة للمرضى (في عدن وفي سيئون) تتطلب السفر براً من 10 إلى 20 ساعة. وأضافت أن الإغلاق ينتهك حرية تنقل السكان، التي تعد حقاً من حقوق السكان، المكفولة في المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

ويعد مطار صنعاء الدولي بمثابة المنفذ الجوي الأول في اليمن، وهو الوحيد العامل في مناطق سيطرة الانقلابيين. وعلى الرغم من وجود مطارين عاملين في مناطق سيطرة الشرعية و"التحالف العربي" في عدن وسيئون (حضرموت)، إلا أن المسافرين يواجهون العديد من العوائق بالانتقال إلى المدينتين، في ظل الظروف الأمنية والسياسية غير المستقرة.

من جهة ثانية، تأتي أهمية مطار صنعاء، بالإضافة إلى كونه المطار الرئيسي في اليمن، من أنه المنفذ الجوي للمسافرين في المحافظات ذات الكثافة السكانية بصنعاء ومحيطها شمالي وغرب البلاد. وبما أن اليمن بلد فقير، وفي ظل الأوضاع التي تمر به البلاد، فإن أغلب المسافرين، وفقاً لإفادات حكومية يمنية، هم من المرضى الذين تتطلب حالاتهم العلاج في مستشفيات خارج البلاد.

الجدير بالذكر أن إغلاق المطار، قبل عام، جاء بالتزامن مع اختتام المشاورات التي انعقدت في الكويت لأكثر من ثلاثة أشهر، وانتهت من دون اتفاق. وقد منع "التحالف" وفد الانقلابيين من العودة إلى صنعاء، ما أدى إلى بقائه في العاصمة العُمانية مسقط حتى أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، وعاد بطائرة عُمانية في وقت لم تجد فيه المطالبات بإعادة فتح المطار أصداءً، على الرغم من الدعوة إليها في أغلب البيانات الصادرة عن المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد.