تقدّم لـ"سورية الديمقراطية" في الرقة... وتوعّد بتسريع الحملة

تقدّم لـ"سورية الديمقراطية" في الرقة... وتوعّد بتسريع الحملة

08 يونيو 2017
تحاصر "سورية الديمقراطية" الرقة من ثلاثة اتجاهات(دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

نجحت مليشيات "سورية الديمقراطية" في تحقيق تقدّم بمعركة تحرير مدينة الرقة من تنظيم "داعش"، مستفيدة من تغطية طيران التحالف الدولي، الذي توعّد بتسريع حملة الرقة، إلا أن ذلك زاد المخاوف على مصير نحو 160 ألف مدني لا يزالون يتواجدون داخل المدينة، مع سقوط قتلى منهم أمس الأربعاء بقصف للتحالف الدولي.
وتمكّنت مليشيات "سورية الديمقراطية" أمس من السيطرة على حي المشلب شرقي مدينة الرقة والذي يبعد نحو 3 كيلومترات عن مركز المدينة، قبل أن يشن التنظيم هجوماً معاكساً أجبر "سورية الديمقراطية" على التراجع إلى مواقع خلفية ضمن الحي، فيما واصلت تلك القوات تقدّمها شمال غرب المدينة بدعم جوي من التحالف الدولي وسيطرت على قلعة هرقل وجزء من مزرعة حطين اللذين يبعدان نحو خمسة كيلومترات عن مركز المدينة.

وترافق ذلك مع إعلان المبعوث الأميركي للتحالف الدولي بريت مكغورك، أن وتيرة الحملة للسيطرة على مدينة الرقة ستتسارع "وإن كانت طويلة المدى". وقال للصحافيين في بغداد "تشبه الأحداث تلك التي في الموصل". وأضاف "حملة الرقة تمضي قدماً. هذه عناصر في غاية الأهمية لهزيمة داعش في النهاية، لكن هذا سيكون مسعى طويل الأمد". وتابع قائلاً: "لم يعد لديهم سوى موقعهم الأخير في الموصل وفقدوا بالفعل جزءاً من الرقة. وحملة الرقة ستتسارع".
وعلى الرغم من توقّع التحالف الدولي معركة طويلة وتقديره بوجود ما يتراوح بين ثلاثة وأربعة آلاف مقاتل من "داعش" في الرقة، إلا أن مراقبين يرون أن عملية تحرير المدينة تتجه نحو حسم سريع بسبب عدم وجود عدد كبير من مقاتلي "داعش" داخل المدينة وانسحاب القسم الأكبر منهم إلى محافظة دير الزور التي يبدو أن التنظيم يسعى لتحصين نفسه فيها كمعقل أخير له، بسبب طبيعة الرقة المنبسطة التي لا تمكّنه من المناورة مع كثافة الغارات الجوية لقوات التحالف الدولي.

وبعد ساعات من إعلان مليشيات "قوات سورية الديمقراطية" بدء معركة السيطرة على مدينة الرقة، تمكّنت تلك المليشيات مساء أول من أمس الثلاثاء، من السيطرة على حي المشلب في الجهة الشرقية من المدينة، بعد مواجهات عنيفة مع مقاتلي تنظيم "داعش". وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إن "مقاتلي سورية الديمقراطية دخلوا مساء الثلاثاء حي المشلب، الواقع شرقي مدينة الرقة، بعد اشتباكات أدت إلى انسحاب مقاتلي التنظيم منه"، ليقوم مقاتلو "داعش" فجر أمس الأربعاء، بشن هجوم عكسي، على مليشيات "سورية الديمقراطية" في الحي، ما أدى إلى تراجع المليشيات إلى خطوط متأخرة.
وقالت المصادر إن مقاتلي "داعش" فجّروا نفقاً ملغوماً داخل الحي، ما أسفر عن مقتل تسعة عناصر من "سورية الديمقراطية" وإصابة آخرين. ويُعدّ حي المشلب أول أحياء مدينة الرقة من الجهة الشرقية. وكان التنظيم قام بإخلاء الحي من ساكنيه، وقام بتفخيخ منازل فيه، بحسب مصادر محلية.
في غضون ذلك، شنّت مليشيا "سورية الديمقراطية" هجوماً على تلة قلعة هرقل ومزرعة حطين (5 كيلومترات شمال غرب الرقة) فسيطرت على التلة ونحو نصف المزرعة، وسط تراجع لمقاتلي التنظيم تحت ضربات التحالف الجوية.


وقال المتحدث باسم قوات "النخبة" السورية المنضوية ضمن "سورية الديمقراطية"، محمد خالد الشاكر، لـ"العربي الجديد"، إن قوات "النخبة" تمكّنت من السيطرة على حي المشلب، مضيفاً أن هذا التقدّم جاء بعد سيطرة القوات على قرية رقة سمرا التي تُعتبر أقرب النقاط إلى مدينة الرقة، وذلك إثر معارك دامية مع مقاتلي تنظيم "داعش" استمرت لثلاثة أيام، بدعم وإسناد جوي من قوات التحالف الدولي.
وبالنسبة لبقية محاور القتال سواء من جهة الشمال أو الغرب، أوضح الشاكر أنه "لا يوجد أي اختراق إلى مدينة الرقة، وعملية الدخول الوحيدة إلى المدينة تمت من حي المشلب فقط"، مشيراً إلى أنه على الرغم من دخول قوات النخبة الحي "فالوضع يقتضي الحذر لأن التنظيم قام بتلغيم الحي والتحصّن فيه بشكل جيد، لذلك لم يحدث أي تقدّم بعد حي المشلب في مدينة الرقة".
ولفت الشاكر إلى أن "التطورات الميدانية الدراماتيكية التي حصلت خلال الأسبوع الماضي من سقوط قرية الأسدية من جهة الشمال، ثم سقوط قرية رقة السمرا من جهة الشرق، أضعفت التنظيم وأتاحت دخول مدينة الرقة"، معلناً أن قوات "النخبة" قامت بتأهيل الجسر الذي سبق وأقامته بنفسها على نهر البليخ بين رقة سمرا والمدخل الشرقي لمدينة الرقة، وذلك قبيل التقدّم نحو مدينة الرقة.

كما أكدت "سورية الديمقراطية"، أنها تمكّنت أمس الأربعاء، من اقتحام الأحياء الشرقية والغربية لمدينة الرقة وسيطرت على حي المشلب من الجهة الشرقية، وقلعة هرقل من الجهة الغربية، لافتة إلى أن الاشتباكات تدور على محور حي السباهية الذي تسعى للسيطرة عليه خلال الساعات القليلة المقبلة، إذ لم يعد يفصلها عن مركز المدينة سوى كيلومترين، بحسب مصادرها الإعلامية. وكانت "سورية الديمقراطية" قد نجحت بعزل مدينة الرقة من ثلاثة اتجاهات، وذلك بعد نحو 8 أشهر من انطلاق عملية "غضب الفرات"، بغطاء جوي من التحالف الدولي. وكان التحالف الدولي قد قصف مقاتلين تابعين لتنظيم "داعش" خلال عبورهم نهر الفرات لدعم زملائهم في الرقة. وعلى الرغم من استمرار سيطرة "داعش" على الضفة الجنوبية لنهر الفرات المواجهة للرقة، إلا أن الغارات الجوية للتحالف دمرت خلال الشهور الأخيرة الجسور التي تصل الضفة الجنوبية بالمدينة.

وترافق تقدّم "سورية الديمقراطية" مع غارات كثيفة على المدينة لطائرات التحالف الدولي، خصوصاً ليل الثلاثاء الأربعاء. هذه الغارات أدت إلى مقتل ستة مدنيين وجرح آخرين. وقالت مصادر لـ"العربي الجديد" إن خمسة مدنيين من عائلة واحدة بينهم ثلاثة أطفال ومدني آخر قُتلوا بغارة جوية من طيران التحالف الدولي على منزلهم في منطقة مصرف التسليف الشعبي في القسم الجنوبي من مدينة الرقة، إضافة إلى جرح أشخاص آخرين، فضلاً عن إحداث أضرار مادية في الممتلكات.
وأعرب مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في وقت سابق عن قلقه بشأن تقارير متزايدة عن قتلى بين المدنيين مع تصاعد وتيرة الضربات الجوية. وفيما لا يُعرف عدد المدنيين الذين لا يزالون داخل الرقة، قال المتحدث باسم الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة ينس لايركه، في تصريح لـ"رويترز"، إن المنظمة تعتقد أن نحو 160 ألف شخص لا يزالون في مدينة الرقة، لكنه أوضح أن الرقم ليس تقديراً رسمياً.

يُذكر أن "قوات سورية الديمقراطية"، أعلنت الثلاثاء البدء بمعركة "كبرى" لانتزاع السيطرة على مدينة الرقة، من دون تحديد جدول زمني لانتهاء المعركة. وتشارك في هذه المعركة كلٌ من: وحدات حماية الشعب الكردية، وحدات حماية المرأة الكردية، جيش الثوار، جبهة الأكراد، لواء الشمال الديمقراطي، قوات العشائر، لواء مغاوير حمص، صقور الرقة، لواء التحرير، لواء السلاجقة، قوات الصناديد، المجلس العسكري السرياني، مجلس منبج العسكري، مجلس دير الزور العسكري، إضافة إلى قوات "النخبة"، وقوات "الحماية الذاتية".

المساهمون