تونس: مخاوف من تسييس المحكمة الدستورية

تونس: مخاوف من تسييس المحكمة الدستورية... والكتل النيابية ترشح 13 شخصية

05 يونيو 2017
جلسة عامة لاختيار أعضاء المحكمة(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

رشّحت الكتل النيابية الثماني في البرلمان التونسي 13 شخصية لعضوية المحكمة الدستورية في وقت تضاعفت فيه المخاوف من الوقوع في المحاصصة الحزبية والترضيات السياسية.

وانقضت منذ يومين، الآجال التي أعلنها رئيس البرلمان محمد الناصر كسقف زمني حتى يتسنى لمختلف الكتل البرلمانية ترشيح شخصيات وكفاءات في المجال القضائي والقانوني ومن الأساتذة الجامعيين لعضوية المحكمة الدستورية.

من جهته، أكد الناصر، في تصريح مقتضب لـ"العربي الجديد"، حرص البرلمان على إرساء هذه المؤسسة القضائية الدستورية في أقرب وقت ممكن حيث سيتم التصويت في جلسة عامة لاختيار أربعة أعضاء من بين مقترحات الكتل قبل نهاية الدورة البرلمانية الحالية في يوليو/تموز المقبل.

عقب ذلك، يعيّن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي أربعة أعضاء، ويختار المجلس الأعلى للقضاء أربعة أعضاء، على أن يكون ثلاثة أرباعهم من المختصين في القانون. ويكون التعيين لفترة واحدة مدّتها تسع سنوات.



ومن المرجح أن يتم عرض قائمة المرشحين على التصويت في الجلسة العامة قبل نهاية شهر حزيران/يونيو الجاري، حسب تقديرات مساعد رئيس البرلمان المكلف بالعلاقة مع السلطة القضائية والهيئات الدستورية، صلاح البرقاوي، في حديث لـ"العربي الجديد".

وفي ما يتعلق بالأعضاء الذين سيتم انتخابهم من طرف مجلس نواب الشعب لعضوية المحكمة الدستورية، أوضح البرقاوي أن المبدأ في اختيار الأشخاص يقوم على الترشيح وليس الترشح.

ويعني ذلك أن الأسماء المتداولة لم تقدم أي طلب في هذا الشأن بل تم اقتراحها من الكتل البرلمانية، والبعض منهم تم اختياره من كتلة واحدة والبعض الآخر من طرف عدة كتل في الوقت ذاته، علماً أن قانون المحكمة الدستورية لا يمنع ذلك.

واقترحت كتلة حزب "نداء تونس" القاضية روضة الورسيغني، في حين رشّحت كتلة حركة "النهضة" الإسلامية كلاً من المحامي فاخر بن سالم ومدير المعهد العالي للحضارة الإسلامية عبد اللطيف بوعزيزي.

في حين اقترحت كتلة "الحرة" التابعة لحزب "مشروع تونس" أسماء كل من أستاذة القانون الدستوري سناء بن عاشور وزهير بن تنفوس والكاتب والمفكر يوسف الصديق. من جانبها، اقترحت كتلة "الجبهة الشعبية" المعارضة المحامي والحقوقي العياشي الهمامي والقاضي المتقاعد أحمد صواب والكاتب شكري المبخوت.

واقتصرت الكتلة "الديمقراطية" على اقتراح العياشي الهمامي أيضاً، وكذلك كتلة "آفاق تونس" إلى جانب كل من وزير العدل السابق محمد صالح بن عيسى وأحمد صواب وفاطمة الزهراء بن محمود.

بدورها، اقترحت كتلة "الاتحاد الوطني الحر" العياشي الهمامي مرة أخرى، في حين اقترحت "الكتلة الوطنية" كلاً من أستاذ القانون الدولي سليم اللغماني وسناء بن عاشور أيضاً.

ويرى مراقبون أن هناك مخاوف تتربص باستقلالية تركيبة مجلس المحكمة الدستورية وهواجس من انحياز أعضائها لمن رشحهم واقترحهم من الكتل والمجموعات الحزبية البرلمانية.

وعبر أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، عن تخوفه من إمكانية تسييس المحكمة الدستورية إذا ما تم فتح باب التعيين في تركيبتها حسب الولاءات الحزبية والقرب من الكتل البرلمانية ولاعتبارات الترضيات السياسية بعيداً عن أسس الكفاءة القانونية والنزاهة والحياد بالإضافة إلى اعتبارات أن ثلث الأعضاء يتم تعيينهم من قبل السلطة التنفيذية وثلث ستفرضه الأحزاب صاحبة الأغلبية البرلمانية.

وأكد سعيد على وجوب الحفاظ على استقلالية المحكمة الدستورية وعدم الزج بها في التجاذبات السياسية أو جعلها مطيّة لدى بعض الأحزاب للتفاوض باسم التوافق المبني على محاصصة بين الأغلبية العددية.

ولا تخفي أحزاب المعارضة التونسية، وبالخصوص كتلة الجبهة الشعبية والكتلة الديمقراطية، مخاوفها من مخطط أحزاب التحالف الحكومي وخاصة حزبي النهضة ونداء تونس التي تريد فرض سيطرتها على المحكمة الدستورية، باعتبار أن أحكامها نهائية وملزمة.

وتزداد مخاوف المعارضة مع اقتراب موعد انتخاب اعضاء المحكمة الدستورية وبالنظر إلى الأدوار الموكولة إلى هذه المؤسسة الدستورية التي تعد في أعلى هرم المؤسسات الدستورية للبلاد، حيث يفرض الدستور استشارتها قبل عرض مبادرات لتعديل الدستور أو لإعلان الحرب أو لحل البرلمان وإعلان الحالات الاستثنائية في البلاد.

كما تمثل المؤسسة الدستورية صمام أمان بالنسبة للمعارضة، تلتجئ إليها للطعن في قوانين تعتبرها لا دستورية، حيث تختص في مراقبة دستورية مشاريع القوانين المصادق عليها في البرلمان والمعاهدات التي يعرضها رئيس الجمهورية قبل ختمها.