الحملة العربية ــ الإسرائيلية ضد "حماس" تصل إلى لبنان

الحملة العربية ــ الإسرائيلية ضد "حماس" تصل إلى لبنان

27 يونيو 2017
طاولت الحملات دور حماس في عين الحلوة (راتب الصفدي/الأناضول)
+ الخط -

تعاني "حركة المقاومة الإسلامية" (حماس) من توالي الهجمات السياسية والإعلامية التي تطاولها على مُختلف المستويات الداخلية في فلسطين المُحتلة، وفي بلدان الشتات على الصعيد الدولي، نتيجة تقاطع المصالح بين إسرائيل والمحور الإقليمي المُستجد، الذي تؤدي فيه الإمارات والسعودية ومصر دوراً بارزاً.

وفي الأيام الماضية، وصلت هذه الحملة إلى لبنان، وإن كانت لا تزال محصورة بمنابر إعلامية معروفة بـ"الكتابة تحت الطلب". وقد سبق نشر مقالات في صحف لبنانية ضد الحركة، تحريض إسرائيلي بصيغة تحذيرات من مغبة موافقة بيروت على استقبال قيادات من "حماس"، تدعي تل أبيب أنها غادرت الدوحة أخيراً، مع تهديد مبطن من دولة الاحتلال إلى لبنان في حال وافق على استضافة رموز من الحركة الفلسطينية. واللافت في تناول بعض الإعلام اللبناني لـ"حماس" حالياً، أنه يهاجمها من بوابة ما يزعم أنه رعاية "حماس" لتنظيمات إرهابية داخل مخيمات اللجوء في هذا البلد، وهي حجة يراها كل العارفين في الشأن اللبناني ــ الفلسطيني أنها واهية، ذلك أن الحركة تعتبر خصماً، لا بل عدواً، لتنظيمات تكفيرية تنشط في بعض المخيمات، وتؤدي "حماس" دوراً في تحجيمها بالتعاون مع فصائل فلسطينية ومع السلطات اللبنانية.

ويكاد التهديد الذي أطلقه وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، في الكنيست، ضد "حماس"، أن يتحول إلى منهج تعامل شامل مع الحركة، المُستهدفة سياسياً وأمنياً وإعلامياً في المنطقة. وقال ليبرمان، مطلع يونيو/ حزيران الحالي، إن "الكرة في ملعب حماس، وعليها أن تقرر ما تريد، وعلى يحيى السنوار (قائد "حماس" في قطاع غزة) الذي مكث في السجن 23 عاماً أن يقرر ما إذا كان يريد أولاده شهداء أو أطباء ومهندسين، ويتنزهون في العالم من دون خوف". كما اعتبر أن "حماس حالياً تقود القطاع نحو الموصل والرقة بشكل أكيد". واليوم تتحول "حماس" إلى هدف دائم للأدوات الإعلامية والسياسية والأمنية التابعة لعدة دول عربية، كالإمارات ومصر، وتتعرض الحركة لحملات مركزة تستهدف الأدوار المُتعددة التي تؤديها على صعيد الصراع العربي - الإسرائيلي. وتستغل هذه الدول حالة الانقسام الفلسطيني الداخلي، وحالة الانقسام الداخلي في حركة "فتح"، لتوسيع دائرة استهداف "حماس"، من خلال اللعب على التناقضات وتثبيتها، عبر رعاية الشخصيات الأمنية والسياسية التي تُجسد هذا الانقسام.


تعدد الحملات بتعدد الساحات

وتتوزع نشاطات "حماس" في مُختلف المناطق العربية، وفي داخل فلسطين، سياسياً وإعلامياً، ويقتصر الدور الأمني والعسكري الذي تؤديه الحركة داخل الأراضي الفلسطينية المُحتلة فقط، إذ لم يسبق أن نفذت في تاريخها أي عملية خارج الأراضي الفلسطينية. لكن هذا الواقع لا يمنع بعض أدوات مصر والإمارات والسعودية من وصم الحركة بـ"الإرهاب"، و"تهديد استقرار الدول العربية"، ومحاولة تحويل هذه الفكرة إلى مادة رأي عام. وشكّلت إعادة توزيع الحركة لبعض مسؤوليها بين مجموعة دول تستضيف هذه القيادات، مادة لاتهام "حماس" والدول المُستضيفة بدعم "الإرهاب" و"تهديد أمن الدول العربية". وتخلل هذه الحملة تسريب أسماء قيادات لم تكن معروفة إعلامياً تتابع ملفات مرتبطة بالداخل الفلسطيني، وتُشكل أهدافاً قيّمة للأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية. وهو ما وصفه أحد المُتحدثين باسم "حماس" بـ"تقديم الخدمات المجانية للعدو الإسرائيلي". ومع اعتماد خيار التكتم في مواجهة هذه الحملة، ضاعت أصداء الاتهامات بـ"ممارسات الإرهاب" بين الدول المُستضيفة لقيادات "حماس"، كالعاصمة القطرية الدوحة، والعاصمة اللبنانية بيروت، وعواصم عربية وإسلامية أُخرى، من دون أن تنجح الحملة الإعلامية في كشف أسماء القيادات وأماكن إقامتها بشكل دقيق.

ولم تقتصر الحملات التي استهدفت الحركة في لبنان على الأحاديث عن استقرار عدد من قادتها في الضاحية الجنوبية لبيروت، برعاية "حزب الله"، بل طاولت دورها وانتشارها في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا، جنوبي البلاد، وهو أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين ويُسمى بـ"عاصمة الشتات". ولم تشفع لـ"حماس" مشاركتها الفاعلة في كل القوى العسكرية المُشتركة التي تم تشكيلها في المخيم خلال الأعوام الماضية، لمواجهة التنظيمات الإسلامية المُتطرفة التي عكرت الأجواء الأمنية في مدينة صيدا وفي داخل المُخيم، وشكلت غرف عمليات لإدارة النشاطات ضد تنظيمي "داعش" و"جبهة فتح الشام" ("النصرة" سابقاً) في العراق وسورية ولبنان، لمنع اتهامها برعاية قادة هذه التنظيمات في المخيم. ووحّد العداء لـ"حماس" بعضاً من القادة الأمنيين والعسكريين التابعين لحركة "فتح"، مع القيادي الموالي لمحمد دحلان في المخيم، العقيد محمود عيسى، المعروف بـ"اللينو"، لمحاولة تشكيل رأي عام مقتنع بأن حركة "حماس" ترعى مناصري "داعش" و"فتح الشام" وتنظيم "القاعدة" المُقيمين في بعض أحياء عين الحلوة. ودفع مقال صحافي نُشر في إحدى الصحف المحلية في لبنان، يتهم فيه الكاتب الحركة بـ"الشراكة مع تنظيمات إرهابية"، المكتب الإعلامي لـ"حماس" لإصدار بيان صحافي مطول، أكد فيه على دور الحركة في رعاية الاستقرار والأمن اللبناني والفلسطيني. واتهمت الحركة بعض الأطراف بـ"السعي لتشويه دور حماس الرائد في حماية المخيمات والجوار اللبناني". ومع تواصل هذه الحملات تتزايد الأحاديث عن عمل عسكري مُرتقب قد يطاول قطاع غزة في ظل الأجواء العربية المُعادية لـ"حماس" ومُختلف أشكال المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي، مدنية كانت أو عسكرية. وهو خطر يتجاوز كيان الحركة الإسلامية المُقاوِمة ليطاول مصير القضية الفلسطينية ككل.

المساهمون