المقاطعة كمسار إجباري

المقاطعة كمسار إجباري

31 مايو 2017
أردنيون يتسوقون في أحد شوارع عمان(خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -
مرة أخرى، لا يجد الأردنيون أمامهم سوى المقاطعة سلاحاً يلجأون إليه للدفاع عن حقوقهم البسيطة والتي أصبح تأمينها أمراً في غاية الصعوبة. ها هم أخيراً يطلقون حملة لمقاطعة الدواجن التي ارتفعت أسعارها مع بداية رمضان بشكل غير مبرر، أملهم أن يلجموا جشع التجار، ويلفتوا لغياب الدولة كمراقب وحامٍ لمصالح المواطنين.

استبقت الحكومة شهر رمضان بإطلاقها وعودا وتعهدات بالدفاع عن مصالح المواطنين وضمان توفر المواد الغذائية بأسعار عادلة، والحد من الارتفاعات غير المبررة على الأسعار، لكنها وعود وتعهدات لم تصمد لساعات مع دخول الشهر، وسط عجز أو تنصل حكومي عن الاشتباك مع الملف الذي يؤرق عموم المواطنين.

حتى قبل رمضان كان المواطنون يشتكون من ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل يتطلب تدخل الجهات الرسمية وعدم تركهم فريسة لجشع التجار، وهو المطلب الذي أصبح أكثر إلحاحاً خلال الشهر الذي يمثل بالنسبة للتجار فرصة سانحة لمضاعفة أرباحهم من خلال التحكم بالأسعار بدون حسيب أو رقيب.

أمام هذا الواقع الذي يتكرر كل عام خلال شهر رمضان، وأمام تكرار كذب الوعود والتعهدات الحكومية، أصبحت المقاطعة تمثل مساراً إجبارياً لشريحة كبيرة من المواطنين الأردنيين الذين عصفت بهم السياسة الاقتصادية للحكومة، ونقلتهم بشكل قسري من الطبقة المتوسطة إلى الفقيرة ومن الفقيرة إلى المعدمة.

تبدو فكرة مقاطعة المواد الغذائية، صعبة بل ومستحيلة، وبتقييم سريع لها فإن الفشل سيكون حليفها، إذا يستحيل أن يتخلى حتى الفقراء والمعدمون عن دورهم بتوفير الغذاء لأسرهم، لكن يمكن لهم مقاطعة سلع محددة لمدد زمنية محددة، للضغط على التجار لكبح جماح الأسعار، ولحمل الحكومة على ممارسة دورها الطبيعي في حماية مصالح المواطنين وهو الدور الذي استبدلته بحماية مصالح التجار.

ليس أمام المواطنين سوى المواصلة في مسار المقاطعة الإجباري، ذلك أن العودة عن المقاطعة في ظل الأوضاع الاقتصادية السائدة لن تحدث فرقاً على واقع الفقراء ومحدودي الدخل، يل ستزيد من معاناتهم وهم الذين لن تغطي مداخيلهم الشهرية احتياجاتهم المعيشية سوى أيام قليلة. الخيارات تضيق على المواطنين لدرجة مقلقة.

دلالات