النضال المبدئي

النضال المبدئي

23 مارس 2017
يحتدم جدل الجنسية بسبب الأردنيات المتزوجات من فلسطينيين(جوردان بيكس/Getty)
+ الخط -
استطاعت الحكومة الأردنية، وعلى مدار أكثر من عامين، خداع الأردنيات المتزوجات من غير أردنيين، عندما أقرت لأبنائهن مزايا خدمية لا ترتقي إلى مستوى الحقوق المدنية، لتعرقل بذلك نضالهن لانتزاع حقهن بمنح جنسيتهن لأبنائهن.

يمكن اعتبار الحركة النضالية التي قادتها السيدات، والتي أطلقتها المنسقة السابقة لحملة "أمي أردنية وجنسيتها حق لي"، الراحلة نعمة الحباشنة، عام 2006، واحدة من أكثر الحركات تنظيماً وثباتاً وصلابةً في المشهد الأردني. ويمكن النظر إليها كنموذج يستفيد منه غيرها من الحركات لإحداث فرق حقيقي على الأرض.

عاما الخديعة انتهيا، وعادت الأردنيات مرة أخرى إلى الشارع بعدما اكتشفن أن المزايا الخدمية التي منحت لأبنائهن في مجالات الصحة والتعليم والإقامة والاستثمار والعمل وقيادة السيارة، أثبت التطبيق العملي أنها لا تتعدى حبراً على ورق، وأن معاناة الأبناء تواصلت، كما كانت عليه قبل منحهم المزايا.

كان بمقدور الحكومة أن تحافظ على الهدوء النسبي الذي أعقب قرار منح المزايا الخدمية، لو كانت جادة في تطبيق تلك المزايا، والتي أدركت السيدات منذ الإعلان عنها أنها لا تلبي الحد الأدنى لمطالبهن. لكن السيدات وافقن عليها على مضض، لاعتقادهن بأنها أفضل الممكن في ظل التعنت الحكومي بشأن مطلب منح الجنسية لأبنائهن، وفي ظل مزاج سياسي واجتماعي سائد، يخوّن حتى من يدافع عن حقوق السيدات ويتهمه بالتآمر على المملكة وهويتها الوطنية.

والخوف من إعطاء الأردنيات حق منح الجنسية لأبنائهن، له جذور عميقة ترتبط بـ"فوبيا" الوطن البديل. ففي وقت لا يُثار فيه جدل كبير بشأن عشرات آلاف الأردنيات المتزوجات من جنسيات مختلفة، يحتدم الجدل عند النظر إلى الأردنيات المتزوجات من فلسطينيين، وهن أغلبية من بين المتزوجات من غير أردنيين. وتعود أسطوانة الوطن البديل والدفاع عن حق العودة إلى الواجهة لتبرر محاربة مطالب السيدات.

لم يعد خافياً أن معضلة منح الأردنيات الجنسية لأبنائهن تبقى بلا حل بسبب المتزوجات بفلسطينيين. لكن نضال السيدات لنيل حقهن الدستوري، الذي يعارضه قانون الجنسية الأردني مع أن هذا القانون يخالف نص الدستور، حافظ على موقف مبدئي بحل شامل لقضيتهن لا يستثني فئة أو جنسية، فواجَهْن متحدات خديعة المزايا و"فوبيا" الحقوق، بفضل صلابتهن.

المساهمون