الجزائر وديغول وحاكم الشارقة

الجزائر وديغول وحاكم الشارقة

21 مارس 2017
التضحيات أجبرت ديغول على الخضوع لبندقية الثوار الجزائريين(بشير رمزي/الأناضول)
+ الخط -
بقدر ما تألم الجزائريون واغتاظوا كثيراً من تصريحات حاكم إمارة الشارقة، سلطان بن محمد القاسمي، والتي قال فيها إن شارل ديغول منح الاستقلال للجزائريين، إرضاءً للرئيس المصري جمال عبد الناصر، الأمر الذي فهم منه الجزائريون تجاهلاً لحقائق التاريخ وتراكم نضالات الجزائريين ومسارات قاسية من التضحيات التي أجبرت ديغول على الخضوع لبندقية الثوار الجزائريين، بقدر ما برز التساؤل حول هذا الحجم من القطيعة الثقافية التاريخية بين الجزائر ودول المغرب العربي وبين دول الخليج والمشرق، إلى درجة الجهل بتاريخ بلد ظلت ثورته عنوانه، وشهداؤه رسله، وعنفوانه الثوري رمزه الذي يتوشم به، وحيث كل زقاق في الجزائر باسم شهيد، وكل نهج باسم بطل، وكل شارع باسم ثائر.

بغضّ النظر عن خلفيات وملابسات تصريح حاكم الشارقة، والذي استفز شعور الجزائريين إلى أبعد حد، وحفر الألم عميقاً، خصوصاً أنه قد جاء من ذوي القربى ومن حاكم إمارة يعرف عنه الجزائريون اهتمامه بالدين والثقافة والفنون، فإن الثابت أن ذلك جزء من كلفة التباعد السياسي والتاريخي الكبير بين المنطقة المغاربية - والجزائر جزء منها - ومنطقة الخليج والمشرق العربي ـ وإمارة الشارقة جزء منها -، وجزء من كلفة القطيعة الثقافية العادمة للتواصل المغاربي المشرقي، ونتاج إخفاق النخب المثقفة والصحافة في ردم الهوة والتجسير بين المنطقتين، والتعريف بالتفاصيل التاريخية والمنظومة المجتمعية للشعوب المغاربية، إلى درجة أن ظل المخيال المشرقي يعتبر الجزائر بلداً غارقاً في الطباع الأوروبية، وظل كل مثقف أو شخصية مشرقية يزور الجزائر يجد نفسه أمام كم هائل من التناقضات بين الواقع الجزائري وبين الصورة النمطية التي في المخيال.

ليست النخبة والمثقفون وحدهم من يتحمل مسؤولية هذه القطيعة الثقافية وغياب التجسير الفكري والإعلامي الذي ينتج المواقف الملتبسة، لكن الحكومات تتحمل قبل ذلك المسؤولية عن ذلك، حين تخفق حكومة بلد في حجم الجزائر في تركيز منشأة ثقافية واحدة في دول مثل الإمارات أو قطر والكويت وعمان ومصر أو لبنان وغيرها من الدول التي نتقاسم معها الهم العربي، من أجل ترميم تلك الفجوة الثقافية والمعرفية التي لا تتوقف عن الاتساع، مع بروز فوارق المواقف والاختيارات السياسية، وحين تفشل في بعث مجلة ثقافية واحدة تعبر عن تاريخ البلد وترسم تحولات المجتمع وتعرف بالمعالم والمنجزات.

دلالات