"لوفيغارو": 3 شروط لتدخل فرنسا بليبيا والقذافي حقق مصالحنا

"لوفيغارو": 3 شروط لتدخل فرنسا بليبيا والقذافي حقق مصالحنا

05 ديسمبر 2017
ماكرون لا يريد تكرار "أخطاء" ساركوزي (فيليب وجزر/فرانس برس)
+ الخط -
يتساءل الصحفي الفرنسي رونو جيرار، في مقاله الأسبوعي في صحيفة "لوفيغارو"، إن كان يجب على فرنسا أن تتدخل ثانية في ليبيا، ويبدأ باستعادة جواب للرئيس إيمانويل ماكرون، أثناء زيارته الأفريقية الأخيرة، حيث أكد أنه لم يكن ليتدخل في ليبيا، سنة 2011، لو كان حينها رئيسا للجمهورية، محل نيكولا ساركوزي.

هذا الجواب لا يعني، كما يؤكد الصحفي، أن "ماكرون يعارض مبدأ التدخلات العسكرية الغربية "الإنسانية" التي تهدف إلى قلب طغاة، لكنه، وباعتباره ملاحظا جيدا للتاريخ المعاصر، أدرك أن قوة غربية، مثل فرنسا، يجب عليها أن تستوفي ثلاثة شروط ضرورية قبل الانطلاق في مثل هذه المغامرات الخارجية".

ويوضح جيرار أن "أولى هذه الشروط أن تتوفر القوة الغازية، قبل تعويض المستبد المخلوع، على طاقم حكومي محلي كفء وقادر على إدارة البلد". 

ويستعيد صحفي "لوفيغارو" تجربة الولايات المتحدة الأميركية المريرة في العراق سنة 2003، إذ من أجل تعويض صدام حسين قرر الأميركيون تعيين بول بريمر حاكما على العراق، وهو بنكي ساحر في وول ستريت، مشيرا إلى أن "تعيين بريمر، الجاهل بحقائق المنطقة العربية، والذي لا يتحدث كلمة عربية واحدة، كشف عن كارثة".

وقد حاول الرئيس الفرنسي الأسبق، نيكولا ساركوزي، يوم 10 مارس/آذار 2011، إسباغ الشرعية على ممثلي "المجلس الوطني الانتقالي الليبي"، محمود جبريل وعلي العيساوي، ولكن على الرغم من مميزاتهما الإنسانية، التي لا ينكرها أحد، فقد أثبتا أنهما "غير قادرين على الأخذ بزمام الأمور في البلد". 

الشرط الثاني، الذي يجب توفره، قبل الإقدام على اجتياح بلد لتغيير قيادته، كما يرى الصحفي الفرنسي، هو "توفر الحد الأدنى من الأخلاق، فهل نحن قادرون على أن نَضْمن للسكان المدنيين، الذين ندّعي حمايتهم، أن وضعهم سيكون أفضل من السابق بعد تدخلنا العسكري"؟



ثم الشرط الثالث والأخير، الذي يجب على كل رئيس فرنسي أن يستحضره قبل الإقدام على تدخل عسكري، يؤدي كلفته دافعو الضرائب ولا يخلو من مخاطر فقد عسكريين فرنسيين، الجواب عن سؤال: "هل تخدم هذه الحرب، على المدى المتوسط والطويل، المصالح الفرنسية"؟

وينتقد الصحفي الفرنسي إقدام ساركوزي على مغامرته الليبية على الرغم من عدم توفر أي شرط من هذه الشروط الثلاثة، ويرى أن القذافي، على الرغم من كونه مستبدا بالغ القسوة، إلا أنه "كان يمثل أربع خصائص لصالحنا، نحن الفرنسيين".

وذكر أن "أولى تلك الخصائص أنه تخلى، من تلقاء نفسه، عن برنامجه النووي وفَضَح أجهزة الاستخبارات البريطانية، وعلاقتها بتجارة مواد تخصيب اليورانيوم في شبكة عبد القادر خان، أبي القنبلة النووية الباكستانية. وثانيا، كان يطارد الإسلاميين. وثالثا أنه كان يتعاون، بشكل كامل، مع الاتحاد الأوروبي في مكافحة تجار البشر، وكانت ليبيا في حينه عصيّةً على المهاجرين. ورابعاً، أقام علاقات ممتازة مع كل دول الساحل الفرنكوفونية، والتي هي صديقة لنا". 

ويكتب جيرار أن ليبيا أصبحت "قلعة للجهاديين، الذين يزعزعون مجمل منطقة الساحل، إضافة إلى تونس ومصر. كما تحولت إلى منصة لتجارة البشر القادمين من أفريقيا السوداء، وقد ظهر الرق من جديد"، مشيرا إلى أنها "أصبحت أيضا طريقا مفضلة لتنقل المخدرات".

ويرى الصحفي الفرنسي أن فرنسا "أدركت أن مصالحها مهددة من طرف هذه الفوضى العملاقة في الجهة الأخرى من البحر المتوسط"، كما أدركت أن "الوضع يجب أن يتوقف"، ولهذا السبب "فهي تأمل في أن تعهد للجيوش الأفريقية في مجموعة الخمس (موريتانيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد)، إضافة إلى بلدان صديقة في المغرب العربي، بإرساء النظام في المنطقة، في حين أنها تكتفي بتأمين اللوجستيك وبث المعلومات الاستخبارية وتنسيق العمليات". 

ولكن أصدقاء فرنسا لا يرون الأمر من هذه الزاوية، فإدريس ديبي، رئيس جمهورية تشاد، التي يعتبرها الكثيرون دركي فرنسا في إفريقيا، يؤكد أن "فرنسا مسؤولة عن المشكل الليبي، ويجب عليها، الآن، أن تحل المشكلة بوسائلها الخاصة". ويكشف رونو جيرار أن دولا عديدة، منها تشاد والنيجر وإيطاليا، حاولت، دون جدوى، ثني الرئيس ساركوزي عن التدخل في ليبيا لتغيير النظام فيها، سنة 2011. 

ويفسر الصحفي ما الذي يتوجب على فرنسا أن تفعله إذا أرادت "تطهير البلد من الجهاديين والقراصنة والمتاجرين بالبشر، والمخدرات والسلاح"، مشددا على أنه "لا يكفي الاعتماد على حضورها العسكري. بل يجب أن تتعاون مع مليشيات مسراطة، وهم مسلمون أتقياء، ويبغضون الجهاديين والتجارات المحرمة"، كما يجب على فرنسا أن "تتعاون، أيضا، مع الجيش الذي يقوده الجنرال الموالي للنظام المصري، خليفة حفتر".

ويختم الصحفي مقاله بأنه "لا تجب المراهنة على أي وَهم. لأن الجيوش الأفريقية لن تقبل باتباع فرنسا إلا حين تُظهر جديّةَ انخراطها الأمني في ليبيا على الأرض، إذ في الشأن العسكري، يكتب رونو جيرار، "لا شيء يساوي قوة المثال"، وبالتالي لا نجاح يُذْكر لـ"الحُكم من الخلف" التي حلم بها الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما.           
 

قوة أفريقية

إلى ذلك، أكد المتحدث باسم الرئاسة الفرنسية، بنجامان غريفو، اليوم الثلاثاء، أن فرنسا تدعم وجود قوة أفريقية في ليبيا لمحاربة شبكات الاتجار بالبشر.

وأوضح غريفو أن "فرنسا لن تتدخل عسكريا في ليبيا، وإنما جرى الاتفاق على إنشاء قوة أفريقية تتولى ذلك".

وقال غريفو لدى استضافته في إذاعة فرنسية أنه "ينبغي وجود قوة أفريقية بإمكانها التدخل، وإن فرنسا والاتحاد الأوروبي يمكن أن يقدما لها الدعم الاستخباراتي والتقني واللوجيستي، لكن العملية يجب أن تكون بإشراف وتنفيذ القوة الأفريقية".

يذكّر أن مسؤولين من الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي أوضحوا، بمناسبة القمة الأفريقية الأوروبية، أن "العملية لا تتعلق بتدخل عسكري أجنبي في ليبيا، ولكن بتكثيف الجهود لمحاربة الشبكات الموجودة في ليبيا والدول المجاورة".

وتحدث ماكرون، خلال القمة الأفريقية الأوروبية، عن "تدخل في ليبيا لوضع حد للاتجار بالبشر"، وهو ما أثار أسئلة عديدة حول المقصود بكلامه، بينما نقلت وسائل إعلام عن مسؤولة الشؤون الاجتماعية بالاتحاد الأفريقي، أميرة الفضيل، أن "الهدف هو تحريك الفاعلين الموجودين أصلا على الأرض في ليبيا"، في إشارة للمنظمات الدولية.

ولا تعكس تصريحات فضيل وجهة النظر الفرنسية الأوروبية، التي تتحدث عن تحركات ميدانية ذات طابع عسكري، يمكنها أن تضح حدا لهذه الشبكات، رغم أن التعرف على الضحايا وإجلاءهم وتحديد الشبكات سيحتاج أيضا إلى عمل ميداني يمكن أن يتحول إلى مواجهات أمنية.

وينعقد في هذا الإطار اجتماع في باريس يوم 12 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.

ولا تحدد فرنسا ولا الاتحاد الأوروبي على نحو دقيق القوة الأفريقية، وممن ستتكون، ولا مهامها، أو متى تنتهي أعمالها، وما المقصود بالدعم اللوجيستي والاستخباراتي المقدم إليها، بينما تتحفظ دول الجوار، إلى حد الآن، عن موقفها من هذه الدعوة الفرنسية.

ولم تصدر عن تونس ومصر والجزائر تصريحات بهذا الخصوص.

إلى ذلك، كشف وزير الشؤون الخارجية التونسية، خميس الجهيناوي، أن دول جوار ليبيا ستجتمع في تونس في 17 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، لبحث ما توصلت إليه جهود المبعوث الأممي، غسان سلامة، ودعمها.

وأشار الجهيناوي إلى أن تاريخ 17 ديسمبر/ كانون الأول يتزامن مع نهاية اتفاق الصخيرات، مشيرا إلى "سعي لتمديد الاتفاق حتى يبقى أمام الليبيين مرجع قانوني يمكن الاستمرار في الاعتماد عليه لمواصلة الحوار والمساعي الدولية".

المساهمون