لقاءات حزب "الإصلاح" في الرياض: مرحلة يمنية جديدة

لقاءات حزب "الإصلاح" في الرياض: مرحلة يمنية جديدة

14 ديسمبر 2017
جانب من اللقاء(تويتر)
+ الخط -
يبدو أنّ خارطة تحالفات جديدة، يجري نسجها في اليمن، عقب التطور المحوري الذي شهدته البلاد، بمقتل الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وجاءت اجتماعات كل من ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في الإمارات، محمد بن زايد آل نهيان، في هذا الصدّد تقريباً، لكن المفاجأة التي لم تكن متوقعة، هي أن تشهد الرياض اجتماعاً يضم بن سلمان وبن زايد مع قادة حزب "الإصلاح" اليمني المحسوب على جماعة "الإخوان المسلمين" وحليف الرياض.

وأكّدت مصادر سياسية يمنية قريبة من الحكومة الشرعية، لـ"العربي الجديد"، أنّ اللقاء الذي جمع بن سلمان وبن زايد بالرجل الأول في حزب "الإصلاح"، محمد عبدالله اليدومي، والأمين العام للحزب، عبدالوهاب الآنسي، مساء أمس الأربعاء، جاء بناءً على جهود سعودية تسعى لتقريب وجهات النظر بين أبوظبي، الدولة الفاعلة بالتحالف العسكري الذي تقوده السعودية، وحزب "الإصلاح" اليمني، الذي يعد أحد أكبر الأحزاب المؤيدة للحكومة للشرعية، إذ كانت العلاقة مشوبة بالشك والخصومة والهجوم المتبادل، خصوصاً من جانب الإمارات، التي قادت توجهاً مناهضاً لنفوذ حزب "الإصلاح" في جنوب البلاد، على الرغم من دوره إلى جانب الشرعية.




وأثار اللقاء جدلاً واسعاً، في الأوساط اليمنية، التي رأته مؤشراً على مرحلة مختلفة وخارطة تحالفات يمنية جديدة، تعمل الرياض وأبوظبي على نسج خيوطها في الأثناء، بعدما خسرت العاصمتان، بخطة دعم انتفاضة صالح في صنعاء ضد جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، ولكنهما في المقابل، كسبتا، بأن باتت الجماعة المتهمة بتلقي الدعم من إيران، وحيدةً، من أي تحالفات حقيقية، فيما بات غالبية أنصار صالح والقسم الأكبر من حزبه الذي حكم اليمن لعقود، في صف الشرعية التي تدعمها السعودية.


ويعد الاجتماع مؤشراً قوياً على السياسة التي تتبعها الرياض في اليمن، باستمرار التحالف والشراكة مع حزب "الإصلاح" اليمني، والنأي به، عن معركتها مع جماعة "الإخوان المسلمين"، التي يُحسب عليها "الإصلاح"، وتصنفها أبوظبي والرياض في قوائم "الإرهاب"، وتتهمان قطر بدعمها وما يرتبط بذلك من اتهامات، يبرز تناقضها مع العلاقة السعودية مع الحزب اليمني، على أعلى المستويات، الأمر الذي لم يقف عند حدود، أن تتولى الرياض محاولات التقريب بين "الإصلاح" وأبوظبي، التي كانت قد ألقت معركتها مع "الإخوان" بظلالها، على الحرب في اليمن، من خلال جملة السياسات والحملات التي تبنتها ضد حزب "الإصلاح"، منذ تصدر الإمارات، واجهة عمل التحالف وقيادة عملياته في جنوب اليمن، قبل أكثر من عامين.

من زاوية أخرى، ترافقت مع زيارة بن زايد إلى الرياض، تسريبات عن جهود مدعومة إماراتياً وسعودياً لتوحيد أكبر قدر من قيادات حزب "المؤتمر" (الذي كان بقيادة صالح)، واستيعابه في الشرعية، على نحو يسمح للحزب بأن يساهم بدور فاعل في المرحلة المقبلة، مع بقية القوى المؤيدة للشرعية، وجاء لقاء "المحمدين"، بقادة الإصلاح، لتعزز التسريبات، التي تتحدث عن دعم الرجلين توجهاً بتقريب وجهات النظر بين القوى اليمنية المؤيدة للشرعية، ضد "الحوثيين"، بالاستفادة من الوضع الذي خلقته الأحداث الأخيرة في صنعاء.


بن سلمان يستقبل بن زايد في الرياض(تويتر)



وتلعب الإمارات دوراً قيادياً في العمليات العسكرية للتحالف في جنوب اليمن، وصولاً إلى الساحل الغربي، وتستضيف في أبوظبي أحمد علي عبدالله صالح (نجل الرئيس السابق)، الذي التقاه بن زايد، أخيراً، للمرة الأولى منذ بدء عمليات التحالف في مارس/آذار2015، وما تلاها من صدور قرار دولي، فرض عقوبات على نجل صالح وأضاف اسمه إلى جانب والده وقيادات للحوثيين، بتهمة عرقلة التسوية السياسية في البلاد، في حين جاء اللقاء الذي جمع بن زايد وبن سلمان بقيادة "الإصلاح"، ليبدو في إطار الترتيبات السياسية الجديدة التي يدعمها التحالف لمرحلة ما بعد مقتل صالح، ومن خلالها يحصل "الإصلاح" على تطمينات، تقلل توجسه من دور أبوظبي في التحالف، في ظل الأزمة السائدة منذ أشهر طويلة بينها وبين الحزب.

إلى ذلك، وفي سياق الحديث عن مرحلة ما بعد مقتل صالح، بدت اجتماعات الرياض، في شقها المتعلق بلقاءات بن زايد وبن سلمان الثنائية أو مع قادة "الإصلاح"، مؤشراً يرفع احتمالات توجه التحالف لبدء مرحلة تصعيدية ضد "الحوثيين"، الذين باتوا المتحكم الوحيد بالعاصمة صنعاء، وهو المؤشر الذي انعكس في أول رد فعل، من مسؤول "حوثي" بارز، رئيس ما يُسمى بـ"اللجنة الثورية العليا"، محمد علي الحوثي، مشيراً إلى أن المرحلة التي سبقت انطلاق عمليات التحالف في اليمن، سبقتها اجتماعات لبن سلمان وبن زايد مع إخوان اليمن، وقال "نذكر أن التقرير والمعلومات الإخوانية كانت خاطئة". وأضاف "نقول لهم أي مغامرة جديدة للتصعيد باليمن مصيرها فشل وخسارة".



ومنذ مقتل صالح، قبل أكثر من أسبوع، تتّجه الأنظار إلى مصير الحرب، إذ فشلت "انتفاضة صالح" التي كانت مدعومة من الرياض وأبوظبي، لكن الوضع الذي خلق بمقتل صالح، بات أكثر تشجيعاً للتحالف على المواصلة ضد "الحوثيين"، بعدما باتوا المتحكم الوحيد بالعاصمة اليمنية، أخيراً.

وتوقع تحليل لـ"مجموعة الأزمات الدولية" أن يؤدي مقتل صالح وانهيار تحالف صنعاء، لإطالة أمد الحرب في اليمن، ومع ذلك، لا تزال الأيام والأسابيع المقبلة، وحدها تحمل الكثير من الإجابات عن مسار التصعيد من عدمه في المرحلة المقبلة.