الموقف الأميركي من الأحداث اللبنانية: التباسات وأجوبة خارج السياق

الموقف الأميركي من الأحداث اللبنانية: التباسات وأجوبة خارج السياق

10 نوفمبر 2017
نفى تيلرسون احتجاز الحريري في السعودية (Getty)
+ الخط -
عزز التعامل الأميركي الملتوي مع لغز استقالة رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، الظنون بأن المسألة أبعد وأخطر من استقالة مفروضة ومن حجز حرية صاحبها في السعودية. فهذه الخطوات أتت، بحسب القراءات السائدة في واشنطن، في سياق خطة أوسع لمواجهة إيران في لبنان بعد اليمن، وبما يقتضي إرغام الأول على الدخول في حرب على نفسه، كجزء من حرب أوسع من المحتمل أن تشنها إسرائيل على حزب الله. 


خلاصة متداولة أوحت بها التطورات التي تلاحقت منذ السبت الماضي، عندما أعلن رئيس حكومة لبنان استقالته من الرياض، مع ما يتردد حول أنه يقيم بشكل قسري هناك وأنه أجبر على تقديم استقالته من قبل السعودية. أما الإدارة الأميركية فيبدو أنها عملت على تجميد الوضع حتى عودة الرئيس ترامب من جولته الآسيوية في نهاية الأسبوع. وبقي خطابها في حدود الدوران حول الأزمة وظواهرها، من دون ملامسة جوانبها الحساسة. 


وتقول الناطقة في الخارجية الأميركية، هيذر نيورت، "إن القائم بالأعمال الأميركي، قابل الرئيس الحريري في الرياض. لكنني غير قادرة على البوح بالتفاصيل". أما عن حالته "فعليكم الاستفسار من السعودية والحريري نفسه". لكن من أجاب عن السؤال كان وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، والذي قال إنه "لا يوجد ما يشير إلى أن سعد الحريري محتجز في السعودية رغماً عنه"، مضيفاً أن واشنطن "تراقب الموقف" مع تذكير بـ"دعم استقلال لبنان واحترام الحريري كشريك قوي للولايات المتحدة".


وعندما طرح على نيورت السؤال الأساسي حول ما إذا كان هذا التطور قد جاء في إطار يقود إلى حرب، قالت "لا أريد الدخول في هذا الموضوع الحساس جداً. وهو بكل حال أمر قائم على الافتراض".


وفي العادة عندما تكون الأمور تهدد بحرب لا تقرها واشنطن، يكون الرد الأميركي الرسمي أقوى وأوضح ومرفقاً بالتحذير من الانزلاق إلى مثل هذا السيناريو، أو على الأقل يأتي بصيغة تعكس عزم الإدارة على الحيلولة دون بلوغ الأزمة هذه النقطة. لكن وزارة الخارجية اكتفت بالإشارة إلى أن الوزير أجرى اتصالاً مع نظيره السعودي عادل الجبير، يوم الثلاثاء الماضي، وأنه "تناول موضوع الحريري معه"، من غير ذكر معلومات في هذا الخصوص.


وحتى المستجدات والمؤشرات التي تتالت حرصت الخارجية على تبسيطها، على الرغم مما انطوت عليه من مدلولات تعزز احتمالات العمل العسكري. ففي ردها على سؤال "العربي الجديد" عما إذا كان لديها تعليق على استدعاء السعودية ثم الكويت لرعاياهما من لبنان، أجابت نيورت: "نحن نراقب الوضع عن كثب وعلاقتنا مع لبنان والحريري جيدة وليس من المتوقع أن تتغير. لكن موضوع مغادرة السعوديين والكويتيين لبنان أمر يخص الدولتين، إذ من حقهما أخذ مثل هذا القرار".


وبدا أن الجواب خارج السياق. فلا جدال في هذا الحق. لكن سياق الخطوة يثير الريبة في هذا الظرف، وهو ما دعا إلى الاستطراد في السؤال حول ما إذا كان قد "أثار قلق واشنطن لجهة ما ينطوي عليه؟"، فأجابت: "نعم، ونحن ندعو إلى العزوف عن التصعيد. لكن طلب هذه الدول من رعاياها مغادرة لبنان هو من حقها". وهو اعتراف خاطف ومبطّن بعلاقة طلب المغادرة بالأزمة ومخاطرها.


ويبدو أن الإدارة تزمع التعاطي مع التنمر السعودي تجاه لبنان بالأسلوب ذاته الذي فرضه البيت الأبيض على التعاطي مع أزمة حصار قطر: تعليق الخطوات إلى حين وليس ردعها. مع الفارق هذه المرة أن العامل الإسرائيلي طرف ولو كان محجوباً حتى الآن في الأزمة، وفيما قد يتم الإقدام عليه بالتنسيق مع إدارة الرئيس ترامب، والتي لا تخفي رغبتها في التصدي لإيران عبر مواجهة قواها في المنطقة.