قطع دعم "الموم" عن "جيش العزة": قتال النظام ممنوع

رسائل قطع دعم "الموم" عن "جيش العزة": قتال النظام ممنوع

14 أكتوبر 2017
فصائل عدة تلقت تهديداً بقطع الدعم عنها(محمد زين/فرانس برس)
+ الخط -
في خطوة تشير إلى تبدل معطيات هامة في الصراع على سورية، قطعت غرفة ارتباط عسكرية تديرها الولايات المتحدة الأميركية الدعم عن فصيل عسكري فاعل يتبع للمعارضة السورية في ريف حماة الشمالي، إذ تريد واشنطن توجيه بوصلة الصراع نحو محاربة ما تسميه "الإرهاب"، فيما تؤكد المعارضة السورية أن وجود تنظيمات متطرفة مرتبط بوجود النظام نفسه، وأن القضاء على هذه التنظيمات يبدأ بإحداث تغيير سياسي جذري في البلاد.

وأكد قائد العمليات في "جيش العزة" العقيد مصطفى بكور، أن غرفة "الموم"، وهي مركز ارتباط عسكري مقره تركيا يضم دولاً عدة تدعم الجيش السوري الحر في شمال سورية، وتديره الولايات المتحدة، قطع الدعم عن الجيش منذ نحو شهر، مشترطاً عودة الدعم بـ"توقف جيش العزة عن مهاجمة قوات النظام في ريف حماة الشمالي"، حيث يتمركز هذا الجيش. وأشار بكور في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن "جيش العزة مستمر في مسيرته على الرغم من قطع الدعم عنه من قبل غرفة الموم"، مضيفاً: "لن نتوقف معتمدين على الله، وما نغنمه من عدونا"، موضحاً أن "العزة" ليس أمامه "خيار آخر".

ولفت بكور إلى أن قطع الدعم "يأتي بالتزامن مع حملة إعلامية داخلية تستهدف الحاضنة الشعبية للثورة، وخارجية تسعى لربط جيش العزة بالإرهاب"، وفق بكور، الذي لم يستبعد أن يكون قطع الدعم العسكري عن الجيش نوعاً من الضغط عليه من أجل تغيير مساره، وعودته إلى مسار أستانة. وكان "جيش العزة" انسحب من مفاوضات أستانة في بدايات العام الحالي، مؤكداً أنه "في حِلّ من الاتفاق بسبب استهداف الطيران الروسي مقراته، والمناطق السكنية المحيطة بها في ريف حماة الشمالي". كما جاء انسحاب "جيش العزة" من مسار أستانة بسبب قيام المليشيات وقوات النظام بالتقدّم إلى وادي بردى شمال غربي العاصمة دمشق، وإجلاء سكان القرى عن بيوتهم، والقيام بتغيير ديمغرافي سكاني على الرغم من وعود روسية بالحيلولة دون ذلك.

وكشفت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" أن فصائل عدة فاعلة في المعارضة السورية المسلحة تلقت تهديدات من غرفة "الموم" بقطع الدعم عنها للسبب نفسه، ومنها: جيش إدلب الحر، وجيش النصر، والفرقة الوسطى، وكلها تنشط في شمال غربي سورية. ولكن المتحدث الإعلامي باسم "جيش النصر" محمد رشيد، نفى في اتصال مع "العربي الجديد" قطع الدعم من قبل "الموم" عن "النصر"، مضيفاً: "لم نتلق أي تهديد منها بهذا الخصوص".

ويُعدّ "جيش العزة" من أبرز فصائل الجيش السوري الحر في ريف حماة الشمالي، وهو يتصدى لأي محاولات تقدّم لقوات النظام والمليشيات الموالية له في قرى وبلدات هذا الريف التي لا تزال تحت سيطرة المعارضة المسلحة. وتأسس "جيش العزة" عام 2014 من خلال اندماج العديد من الفصائل الفاعلة في ريف حماة الشمالي، وهو يحتفظ بوجود له في مدينة تلبيسة في ريف حمص الشمالي، إضافة إلى ريف إدلب الجنوبي. ويتولى قيادة الجيش ضباط منشقون عن جيش النظام، وهذا ما يميّز هذا الجيش عن غيره من فصائل تتبع للجيش السوري الحر، ويحظى "العزة" بثقة الشارع السوري المعارض.


ويأتي "جيش العزة" في مقدمة فصائل المعارضة المسلحة التي صنفتها واشنطن على قائمة "الفصائل المعتدلة"، وتلقى دعماً بصواريخ "تاو" المضادة للدروع والتي استطاع عبرها صدّ أكثر من هجوم من قبل قوات النظام على ريف حماة الشمالي، لعل أبرزها الهجوم واسع النطاق أواخر عام 2015 في بدايات التدخل الروسي في سورية. وهدد "جيش العزة" مع فصائل أخرى منها "جيش النصر"، أكثر من مرة مدينة حماة أهم معاقل النظام وسط سورية، ووصل مقاتلوه إلى مسافات قريبة من المدينة بعد أن سيطروا على مدن هامة في ريفها الشمالي. ومن المرجح أن تستغل قوات النظام والمليشيات الموالية له، قطع الدعم عن "جيش العزة" لمحاولة التقدّم من جديد للسيطرة على ريف حماة الشمالي. لكن مصادر قيادية في الجيش تؤكد أن فصائل الجيش السوري الحر جاهزة للتصدي لأي هجوم محتمل.

وجاءت الخطوة الأميركية المفاجئة بقطع الدعم عن فصيل "جيش العزة"، بعد أن فرضت أخيراً على فصيلي "أسود الشرقية"، و"أحمد العبدو" في ريف دمشق الجنوبي الشرقي، وريف السويداء الشرقي، الانسحاب من مناطق يسيطران عليها، وتسليمها لقوات النظام التي فرضت بالفعل منذ أيام سيطرة كاملة على طول الحدود مع الأردن في ريف محافظة السويداء الشرقي. وتريد الولايات المتحدة توجيه المعارضة المسلحة لمحاربة ما تسميه واشنطن بـ"الإرهاب" المتمثل بتنظيم "داعش" في شرقي سورية، و"هيئة تحرير الشام" التي تشكّل "جبهة تحرير الشام" (النصرة سابقاً) ثقلها الرئيسي والتي تسيطر على أغلب محافظة إدلب شمال غربي سورية.

ولكن المعارضة تحاول أن تبقى على موقفها الذي يؤكد أن قوات النظام والمليشيات التي تساندها "هي العدو الحقيقي للسوريين"، مشيرة إلى "أن وجود الفصائل المتطرفة في سورية مرتبط بالنظام الذي أوجد البيئة المناسبة والخصبة لها من خلال إجرامه المتواصل بحق السوريين منذ عام 2011، حين بدأت ثورة سلمية تدعو لإسقاطه"، وفق مصادر في المعارضة. وأشارت المصادر إلى أن القضاء على التنظيمات المتطرفة يبدأ مع إحداث تغيير سياسي جذري في البلاد من خلال تطبيق قرارات الشرعية الدولية التي نصت على إنشاء هيئة حكم كاملة الصلاحيات. ولا تزال المعارضة المسلحة عند موقفها الرافض لأي شكل من أشكال إعادة تأهيل النظام، ولكن تبدُّل معطيات الصراع في سورية في الآونة الأخيرة يشير إلى نيّة جهات إقليمية ودولية تضييق الخناق على فصائل المعارضة من أجل تسهيل التوصل إلى اتفاق سياسي ترى المعارضة أنه لا يلبي الحد الأدنى من مطالب الشارع السوري المعارض. ويبدو أن هناك توجّهاً دولياً من أجل إنهاء الصراع المسلح في سورية وتثبيت الأوضاع العسكرية على جبهات القتال، وتعزيز مناطق "خفض التوتر" في عموم البلاد في انتظار نضوج حل سياسي من المرجح أنه لن يرى النور قبل حسم الموقف العسكري في شرقي سورية الذي يشهد معارك ضد تنظيم "داعش" في الرقة ودير الزور.

المساهمون