سورية: كارثة إنسانية تهدد حي الوعر بسبب الحصار

سورية: كارثة إنسانية تهدد حي الوعر بسبب الحصار

16 ابريل 2016
النظام السوري يُمعن في حصار حي الوعر (Getty)
+ الخط -

بدأ أكثر من تسعين ألف سوري محاصر في حي الوعر في مدينة حمص (وسط البلاد) بإطلاق نداءات استغاثة، تحذر من كارثة إنسانية على وشك الحدوث، بسبب حصار الحي من قبل قوات النظام ومليشيات مرتبطة بها منذ أكثر من عامين، وازدادت وطأته مؤخرا ما ينذر بالأسوأ.

وتتجسد معالم مأساة أخرى سببها الحصار في سورية في وقت تتواصل فيه جولة مفاوضات ثالثة في جنيف السويسرية بين المعارضة السورية والنظام الذي لم يستجب لقرارات دولية دعت لرفع الحصار عن مناطق سورية خارجة عن سيطرته وتضم مئات الآلاف من المدنيين، يحاول إخضاعها بحرمانها من الغذاء والدواء.

ووجه مجلس محافظة حمص الحرة نداء استغاثة "لكل من يؤمن بحق التجمعات البشرية في الحصول على الدواء والطعام"، وخصّ الأمم المتحدة والهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة السورية بهذا النداء، مؤكداً أن حي الوعر تعرض على مدى عامين ونصف العام لحصار شبه كامل من قوات النظام، ولقصف بالطيران والمدفعية والرشاشات الثقيلة، ما أدى إلى مقتل أكثر من ألف مدني، وتهجير 300 ألف آخرين.

وأكد المجلس في بيان له أن النظام منذ شهرين أعاد فرض حصار شبه تام على الحي، حيث "منع إدخال المواد الغذائية، كالخبز والطحين، والأرز، والحليب، والمواد الطبية"، مناشداً المنظمات الدولية، والدول الراعية لمؤتمر جنيف للتفاوض، بتدارك الأمر في حي الوعر قبل أن يتحول لكارثة تطاول نحو مائة ألف مدني محاصر.

وأشار المجلس إلى وفاة طفل في الرابعة من عمره "بسبب فقدان المواد الطبية اللازمة لإسعافه"، لافتاً إلى بدء ظهور حالات تشوّه لدى الأطفال؛ بسبب انتهاء صلاحية الدواء، ورصد عشرات الحالات لفقدان الوزن وفقر الدم بين المحاصرين.



وقال المجلس إن "الوضع في حمص أصبح فوق طاقة البشر، وأصعب من قدرتهم على الاحتمال، ويتطلب من المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان تدخلاً سريعاً"، ويعد حي الوعر الواقع غرب حمص آخر معاقل المعارضة السورية في المدينة التي تعرضت أغلب أحيائها لعمليات تدمير ممنهج طيلة سنوات الثورة، ما أدى إلى تهجير غالبية أهلها داخل وخارج سورية، وسيطر عليها النظام بشكل كامل - باستثناء حي الوعر - أواسط عام 2014.


وكانت لجان ممثلة لمسلحي المعارضة وأهالي حي الوعر في مدينة حمص قد وقعت أواخر العام الفائت اتفاق هدنة مع النظام برعاية أممية نُفذ على مراحل، قضى بتسليم المعارضة سلاحها المتوسط، وخروج من يرغب من أهالي الحي إلى مناطق في شمال سورية، مقابل فك الحصار عن الحي وإطلاق المعتقلين.

من جهته، أوضح الناشط الإعلامي بيبرس التلاوي أن قوات النظام تمنع خروج أو دخول أحد إلى حي الوعر وسط تهديد بالقيام بأعمال عسكرية ضد المحاصرين للضغط أكثر عليهم للخضوع، مشيرا في حديث مع "العربي الجديد" من داخل الحي إلى أن النظام لم يحترم قرار مجلس الأمن 2254 الذي ينص على إدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة ورفع الحصار عنها.


وبيّن التلاوي أن هناك آلاف الأطفال داخل الحي يعانون من الجوع وغياب الرعاية الصحية، كما أن هناك أعداداً كبيرة من المصابين والمرضى بأمس الحاجة للعلاج في مستشفيات خارج الحي لكن النظام يمنع خروجهم، مشيرا إلى وجود مشفى ميداني واحد داخل الحي يعاني نقصا بالمعدات والأدوية.

وأشار عبد الرزاق ناصر، وهو نائب رئيس مجلس محافظة حمص، إلى أن النظام نقض "كل العهود والهدن كعادته وشدد الحصار على حي الوعر في مسعى منه للسيطرة عليه"، لافتا إلى أن أغلب سكان الحي الذي يضم نازحين من أحياء حمصية أخرى هم من الأطفال والنساء يعيشون في ظروف إنسانية "تكاد تصل لحدوث المأساة".

وأوضح ناصر في حديث مع "العربي الجديد" أن النظام لم يلتزم باتفاق الهدنة الذي عقده مع المعارضة برعاية أممية، حيث لم يطلق سراح سبعة آلاف معتقل من مدينة حمص في سجونه كما نص الاتفاق، مشيراً إلى أن النظام اعترف بوجود 1200 منهم لديه.

وبيّن أن هناك مستشفى واحداً يعمل في الحي، وبالحد الأدنى من الأطباء والإمكانات، مشيرا إلى أن النظام لجأ إلى أسلوب العقاب الجماعي لسكان الحي بعد عودة المظاهرات المطالبة برحيله إثر سريان اتفاق الهدنة، معرباً عن اعتقاده بأن النظام يسعى لفرض سيطرته على كامل حمص وريفها الشمالي في طريقه لتشكيل دويلة طائفية مزعومة، على حد تعبير ناصر.