تيران وصنافير: البرلمان المصري يترقب الغضب الشعبي والحزبي

تيران وصنافير: البرلمان المصري يترقب الغضب الشعبي والحزبي

12 ابريل 2016
اتفاقية الجزيرتَين تقوّض شعبية السيسي (الأناضول)
+ الخط -
تتصاعد وتيرة الغضب الشعبي المصري ضد الاتفاقية الموقّعة بين الجانبَين المصري والسعودي، بشأن إعادة ترسيم الحدود البحرية بين البلدَين، والتي أعطت السيادة على جزيرتَي تيران وصنافير لصالح الرياض، وطاولت، أخيراً الشقَّين العسكري والحزبي، اللذين أكدا رفضهما هذه الاتفاقية معتبرين أنّها "تنازل" مصري، وسط دعوات لاستفتاء شعبي يقرّر مصير الأرض. وبعدما نفى نواب تلقّي البرلمان المصري الاتفاقية، يؤكد مصدر برلماني مطلع في هيئة مكتب المجلس النيابي أنّ الاتفاقية أرسلت بالفعل إلى رئيسه، علي عبد العال. وتوضح هذه المصادر أنّ رئيس البرلمان "وضعها في الدرج، إلى حين هدوء العاصفة الشعبية المثارة ضد الاتفاقية"، وفقاً للمصدر. ويقول هذا المصدر لـ"العربي الجديد"، إنّ "عبد العال قرر تأجيل عرض الاتفاقية على أعضاء المجلس إلى نهاية أبريل/نيسان الحالي بعد تواصله مع مؤسسة الرئاسة، بحيث يتم طرحها بعد انتهاء البرلمان من مناقشة برنامج الحكومة الجديدة، وأخذ قرار نهائي بمنح الثقة لها". ويلفت إلى أن رئيس المجلس النيابي "رأى أنه من غير الحكمة مناقشة الاتفاقية في ظل حالة الغضب الشعبي المتصاعد، والتي قد تؤثر على مواقف النواب".

ويتجه تكتل "25 - 30"، الذي يضم نحو 50 من مجموع 595 نائباً، إلى رفض الاتفاقية، استجابة للضغوط الشعبية، بحسب الموقف المعلن لأبرز أعضاء التكتل، وفي مقدمتهم خالد يوسف، وهيثم الحريري، وضياء داود، وأحمد الطنطاوي، وخالد عبد العزيز. وتؤيد موقفَهم كتلة من المستقلين الرافضين للتوقيع على الاتفاقية من دون عرضها في وقت سابق على البرلمان.

في المقابل، بدا واضحاً أن موقف ائتلاف "دعم مصر"، المتماهي مع السلطة، ويضم نحو 300 نائب، مؤيد للاتفاقية، بغضّ النظر عن تحفظات الأعضاء بشأنها. ويقود هذا التيار قيادات الائتلاف المشكّل بواسطة الأجهزة الأمنية، وأهمهم: أسامة هيكل، وسعد الجمال، وأحمد سعيد، وعلاء عبد المنعم، وطاهر أبو زيد. إلّا أن انشقاقاً قد يحدث في تلك الكتلة بعد تصريحات أعضاء داخلها برفضهم هذه الاتفاقية. ويبقى الرهان على كتلة المستقلين من غير المتحزبين، الذين سيكونون الكتلة المرجّحة في قرار المجلس النهائي.

في هذا السياق، يقول عضو تكتل "25 - 30"، النائب علي بدر، إنه "كان من المفترض أن تُعرض الاتفاقية على البرلمان قبل التوقيع عليها، لأن الشعب أدرك أنّه ضُحك عليه. كما فوجئ الناس بإقرار الاتفاقية من دون تمهيد أو عرض لبنودها، في ظل غموض خلفيات التوقيع عليها، والدفوع التي استندت عليها الدولة بشأن منح الجزيرتَين للجانب السعودي"، مؤكداً أن هذه الأسباب تدفع التكتل إلى رفض الاتفاقية.



ويستدرك بدر حديثه قائلاً، لـ"العربي الجديد"، إن تكتله سيطالب المجلس بتشكيل لجنة تضم خبراء من داخل البرلمان وخارجه، ومسؤولين حكوميين قبل أن يتخذ قراراً نهائياً بشأن الاتفاقية، وعرض نتائجها على الشعب الذي انتخب نواب البرلمان. ويعتبر بدر أنّه من خلال هذه العملية، تصبح هناك شفافية في اختيار المجلس النيابي لقراره بشأن التصديق على الاتفاقية من عدمه، "إذ تُشرح الحقائق كاملة حتى يتخذ النواب قرارهم بناء على قواعد سليمة"، على حدّ تعبيره. ويستبعد النائب ذاته طرح الاتفاقية للاستفتاء الشعبي، "لأن النص الدستوري ألزم بأن يكون التنازل عن أراض مصرية خالصة. وهناك جدل تاريخي مثار بشأن الجزيرتَين بين الخبراء والمختصين، قد ينتهي إلى عدم عرض الاتفاقية على الشعب، والاكتفاء بقرار البرلمان بشأنها". 

بدوره يرى القيادي المستقيل من حزب "المصريين الأحرار"، عماد جاد، أنّه "كان ينبغي تشكيل لجنة مستقلة، وليست حكومية، تضم خبراء من القانون الدولي والتاريخ والجغرافيا. وتقتضي مهمة هذه اللجنة بالتفاوض مع الجانب السعودي، وتنشر نتائجها على الرأي العام على غرار لجنة استرداد طابا في الثمانينيات"، وفقاً لجاد، الذي اعتبر أن "توقيع الاتفاقية بدا وكأنه عملية بيع تمت للجزيرتَين".

على صعيد متصل، تكشف مصادر سياسية مصرية، أن هناك حالة احتقان داخل بعض الأوساط العسكرية والسياسية القريبة من دوائر صناعة القرار الرسمي المصري، بعد إعلان هذه الاتفاقية. وتشير المصادر إلى أن بعض القيادات العسكرية البارزة، المتواجدين بالخدمة حالياً، أبدوا اعتراضا على ما اعتبروه "التنازل عن الجزيرتين"، لما لهما، وخصوصاً تيران، من موقع استراتيجي عند مدخل خليج العقبة، الذي يمنح مصر أوراق ضغط  قوية أمام الكيان الإسرائيلي، خصوصاً في ظل التهديد الذي يتعرض له مضيق باب المندب بسبب العمليات الحربية في اليمن.

في غضون ذلك، أعلن حزب التحالف الشعبي الاشتراكي عن "الانزعاج البالغ والرفض المطلق" لما سماه "تنازل الحكومة المصرية عن جزيرتي تيران وصنافير، والاستهتار بحقوق مصر في أراضيها التاريخية الثابتة، خصوصاً إذا كان لها هذه الأهمية الاستراتيجية البالغة، وسالت على ترابها دماء جنود مصر الطاهرة"، وفقاً لبيان الحزب. ودعا البيان كل القوى الوطنية للقيام "بفعاليات جماهيرية واسعة ضد هذا التنازل التاريخي غير المسبوق، والطريقة المريبة للتنازل، فيما بدا كصفقة تجارية ممزوجة، ومصر أكبر من هذا الترخّص بكثير".

كما أعلن حزب الدستور، أمانة الإسكندرية، في بيان له، رفضه "هذا البيع والبدء في اتخاذ كل السبل القانونية للطعن على هذه القرارات الباطلة دستورياً وقانونياً"، وطالب بالرجوع إلى الشعب في استفتاء شعبي ليقرر مصير وطنه وأراضيه.

المساهمون