سلاح ابتزاز أوروبا بورقة اللاجئين... من صنع بوتين والأسد

سلاح ابتزاز أوروبا بورقة اللاجئين... من صنع بوتين والأسد

03 مارس 2016
منظمة العفو: الموقف الأوروبي من الأزمة مخزٍ(لويزا غولياماكي/فرانس برس)
+ الخط -
لم يعد اعتماد النظام السوري وحليفه الروسي، لسلاح إغراق أوروبا باللاجئين، أو ابتزاز القارة العجوز بهذه الورقة، مجرد كناية عن تحليلات وتقديرات. فبعد الاتهام المباشر الذي وجهه القائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي في أوروبا، الجنرال فيليب بريدلاف، لكل من دمشق وموسكو بالسعي إلى تهجير السوريين من منازلهم لممارسة المزيد من الضغوط على أوروبا لتليين موقفها من النظام السوري ورأسه، تعود إلى الواجهة مسألة إدراك أوروبا لهذه السياسة أو عدمه. وقد اوحت التصريحات الأخيرة للمستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، حول ضرورة إقامة منطقة آمنة داخل الأراضي السورية، تأوي اللاجئين والنازحين، وكأن صحوةً أصابت أقوى دولة أوروبية، وأكثرها تحملاً للعبء الإنساني، لكن بعد هذا التصريح قبل حوالي شهر، عادت أوروبا من جديد إلى حالة السبات، واختفى موضوع المنطقة الآمنة من السجال الأوروبي اليوم. ويرى كثيرون في أوروبا، أن الاتحاد يناقش في قممه أزمة اللاجئين من الزاوية الخاطئة، لأن حكام القارة يتجاهلون أصل المشكلة، أي النظام السوري بحد ذاته، كونه هو الطرف الأكثر تسبباً بتهجير السوريين وتدمير مناطقهم ومنازلهم ودفعهم بالقوة إلى الهجرة للخارج للضغط على تركيا اولاً، وأوروبا من خلفها. حتى ذريعة تنظيم "داعش"، التي تؤدي بدورها إلى تفاقم كبير لملف اللاجئين وهجرتهم المميتة إلى أوروبا، يقف خلفها النظام السوري، بحسب ما يرى كثيرون في أوروبا يترجمون قراءتهم في الإعلام بوتيرة يومية، ذلك أن حلاً سياسياً في سورية يطيح الرئيس بشار الأسد ونظامه، سيكون كافياً لبدء حلّ عقدة "داعش"، بحسب ما يرى كثيرون، إلا حكام الدول الأوروبية والغرب عموماً.

وتتفاقم أزمة المهاجرين في أوروبا، حتى باتت القارة على أعتاب أزمة إنسانية صنعتها بنفسها، كما أعلنت مفوضية الأمم المتحدة العليا للاجئين، فيما حذر القائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي في أوروبا، الجنرال فيليب بريدلاف، الكونغرس الأميركي من "استخدام روسيا ورئيس النظام السوري بشار الأسد التهجير كسلاح ضد أوروبا". وقال الجنرال بريدلاف في جلسة استماع لشهادته من قبل لجنة القوات المسلحة في الكونغرس الأميركي، حول التحديات الأمنية التي تواجه أوروبا بدءاً من "تنامي النشاطات العدائية لروسيا إلى أزمة اللاجئين وخطر تنظيم "داعش": "ليس هناك ما يُفسر استخدام البراميل المتفجرة كأداة عسكرية، إلا إخراج الناس من بيوتهم وجعلهم ينزحون، ليصبحوا مشكلة لطرف آخر".

وزارة الخارجية الروسية، التي رفضت كلام الجنرال الأميركي، نفت ضلوع موسكو في تفاقم أزمة المهاجرين في دول الاتحاد الأوروبي. ووصفت الوزارة، في بيان، هذه التصريحات بـ"الخيالية" و"الدعائية" والتي لا تستند إلى أي دليل وتسعى إلى "شيطنة روسيا" على حد قول البيان.

كما سبق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن نفى أية علاقة بين الغارات الجوية الروسية في سورية وأزمة اللاجئين النازحين إلى أوروبا، قائلاً إن هذه الأزمة "بدأت قبل فترة طويلة من انطلاق العمليات العسكرية الروسية لمكافحة التنظيمات الإرهابية في سورية"، وفق كلام بوتين لقناة "روسيا اليوم" قبل أيام. وأرجع بوتين أزمة اللاجئين في الأساس إلى حالة عدم الاستقرار في مناطق عديدة من العالم وأولها منطقة الشرق الأوسط. أما النظام السوري، فلطالما وجّه الاتهام إلى تركيا التي تحاول استثمار الخوف في أوروبا من طوفان اللاجئين لتحسين شروط التفاوض مع الاتحاد الأوروبي" من جهة، و"لانتزاع المزيد من التمويلات والمساعدات اللوجستية لتحمل أعباء اللجوء"، وفق قول النظام.

اقرأ أيضاً: تصاعد الخلافات الأوروبية حول المهاجرين... ونظام الهجرة مهدد

وبعيداً عن تقاذف الاتهامات والاتهامات المضادة حول أزمة اللاجئين التي تتهدد أوروبا، أو تتهدد العالم على حد تعبير وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وفيما تواصل الجرافات إزالة مخيم اللاجئين المعروف باسم "الغابة" في ميناء كاليه الفرنسي، يواجه نحو سبعة آلاف لاجئ عالقين على الحدود بين اليونان ومقدونيا قنابل الغاز المسيل للدموع، وهو ما دفع الأمين العام لمنظمة العفو الدولية، سليل شيتي، إلى وصف موقف الدول الأوروبية في مواجهة أزمة المهاجرين الفارين من الحرب في الشرق الأوسط بـ"المخزي". وقالت المنظمة في تقريرها السنوي حول وضع حقوق الإنسان في العالم، إن "الاتحاد الأوروبي الذي يُعد أكثر من 500 مليون نسمة ويشكل الكيان السياسي الأغنى في العالم، أظهر عجزاً عن تقديم رد متماسك وإنساني ويحترم حقوق الإنسان. وحدها ألمانيا أبدت رغبة سياسية ترقى إلى حجم المشكلة". ولفتت المنظمة إلى أن "غالبية القادة الأوروبيين فضّلوا الاستماع إلى الخطاب المناهض للمهاجرين الذي يركز على الخوف وانعدام الأمان وخسارة السيادة الوطنية، والنتيجة أن الإجراءات الوحيدة التي تمكنوا من الاتفاق عليها هي تلك التي تهدف إلى تعزيز الحصن الأوروبي". كما استنكرت الأمم المتحدة احتجاز نحو 24 ألف لاجئ على الحدود بين اليونان ومقدونيا في ظروف وصفها المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين بـ"العمل الوحشي". ورفض المفوض السامي مثل هذه السياسات والخطاب المعادي للمهاجرين والأقليات، محذراً من أن ذلك قد يوفر "ارتياحاً سياسياً فورياً في بعض الأوساط، لكنه يتسبب في انقسامات عميقة".

أما مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فترى أن حكومات أوروبية لا تنفذ ما تم الاتفاق عليه في ما يتعلق بحقوق اللاجئين، مشيرة إلى القيود والممارسات التي استحدثتها بعض الدول الأوروبية، مما سبب معاناة وخروقات غير مبررة ضد اللاجئين تتعارض ومعايير الاتحاد الأوروبي والقانون الدولي. وربما تكون الانتقادات المتتالية للمعالجة الأوروبية لأزمة اللاجئين هي ما دفع المفوضية الأوروبية لعرض تقديم مساعدة جديدة بقيمة 700 مليون يورو (نحو 760 مليون دولار) على مدى ثلاث سنوات لتلبية الاحتياجات الإنسانية في دول الاتحاد الاوروبي التي تواجه تدفقاً للمهاجرين وفي مقدمها اليونان. وقال المفوض الأوروبي المكلف شؤون المساعدة الإنسانية خريستوس ستيليانيدس عند عرضه آلية المساعدة أمس الأربعاء، إن "اقتراح اليوم سيؤمن 700 مليون يورو لتقديم المساعدة حيث هي مطلوبة بشكل ملحّ".

فيما عرضت تركيا توقيع اتفاقات مع 14 دولة لإعادة استقبال مهاجرين رفض الاتحاد الأوروبي قبولهم، كما أعلن متحدث باسم وزارة الخارجية التركية أمس الأربعاء.

اقرأ أيضاً: توتر بين اللاجئين والشرطة على الحدود اليونانية المقدونية

المساهمون