تقديرات إسرائيلية: السيسي طلب من عكاشة رمي "بالون الاختبار"

تقديرات إسرائيلية: السيسي طلب من عكاشة رمي "بالون الاختبار"

03 مارس 2016
للسيسي علاقات مباشرة مع أيزنكوت (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
تتّسع دائرة النقاشات حول مسألة استقبال النائب المصري توفيق عكاشة للسفير الإسرائيلي حاييم كورين في منزله، لتنتقل إلى الداخل الإسرائيلي. في هذا السياق، تُبدي أوساط إسرائيلية اعتقادها بأن نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، هو من أوعز لعكاشة بشنّ حملته الهادفة لتشريع التطبيع مع إسرائيل، في ظل إدراك هذا النظام حجم الدور الذي تقوم به إسرائيل في دعمه.

وترى تلك الأوساط أن الخطوات التي أقدم عليها عكاشة مع دعوة كورين لتناول العشاء، وإعلان عزمه زيارة إسرائيل ولقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مجرّد "بالون اختبار" أطلقه السيسي لقياس ردة فعل الجمهور المصري قبل مبادرة النظام بخطوات أخرى.

في هذا الإطار، يفيد الصحافيان روعي كيس وإيتمار آيخنر، بأن "السيسي توصّل إلى قناعة مفادها بأنه لم يعد من الممكن الإبقاء على الطابع السري للعلاقة بين إسرائيل ونظامه، في ظلّ التحولات الإقليمية وحاجة النظام لدعم إسرائيل"، مشيرين إلى أن "السيسي أطلق بالون الاختبار المتمثل في مبادرة عكاشة لتحقيق هذا الهدف".

وفي مقال نشره موقع صحيفة "يديعوت أحرنوت"، أمس الأربعاء، ينوّه كل من كيس وآيخنر، إلى أن "السيسي يدرك حجم الدور الذي تقوم به إسرائيل من أجل مراكمة شرعية دولية لنظامه"، ويكشفان أن "جميع أعضاء لجنة الخارجية والأمن التابعة للبرلمان الإسرائيلي برئاسة الليكودي تساحي هنغبي، أكدوا خلال زيارتهم أخيراً للعاصمة الأميركية واشنطن أمام صنّاع القرار والمشرعين الأميركيين، على أهمية الدور الإيجابي الذي يقوم به نظام السيسي في مواجهة الإرهاب".

اقرأ أيضاً: البرلمان المصري يتجه لإسقاط عضوية عكاشة.. ويعلن احترام "السلام"

يُشدد الصحافيان الإسرائيليان على أن "إسرائيل معنية بأن تندمج مصر بشكل معلن ونشط في إطار التحالف الإقليمي الذي يتشكل من إسرائيل وقبرص واليونان"، ويلفتان الأنظار إلى أن السيسي لم يعد يشترط حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بشكل كامل، بل يطالب بـ"خطوة على صعيد الحل السياسي للصراع".

يشيران إلى أن "الدلائل تؤكد حدوث تحوّل غير مسبوق على نسق العلاقة بين مصر وإسرائيل في عهد السيسي، مقارنة بما كانت عليه خلال حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، وتتمثل في الزيارة العلنية التي قام بها وكيل وزارة الخارجية دوري غولد للقاهرة، وتدشينه مبنى السفارة وإطلاق الإسرائيلي عودة الترابين، الذي أدين بالتجسس لصالح إسرائيل وتعيين سفير مصري جديد".

من جهته، يقول الصحافي بن كاسبيت، إن "ما أقدم عليه عكاشة، يعكس قصة الغرام الصاخبة التي باتت تربط نظام السيسي بإسرائيل، والتي نقلت العلاقة بين الجانبين إلى مرحلة جديدة ومغايرة". وفي مقال نشرته صحيفة "معاريف" في عددها الصادر أمس، ينوّه كاسبيت إلى أن "الرقابة العسكرية في إسرائيل تُحظّر نشر معظم التفاصيل المتعلقة بطابع التعاون الأمني والاستراتيجي، الذي يربط نظام السيسي بإسرائيل". يضيف كاسبيت أن "مصالح إسرائيل ونظام السيسي متطابقة تماماً وتكمل بعضها البعض، كما أن قائمة الأعداء لكل من الطرفين واحدة".

يتابع كاسبيت قائلاً إن "السيسي يعي أن الشعب المصري يرى في إسرائيل عدواً أزلياً وشيطاناً كبيراً، وأنه لا يوجد أي مسوّغ يبرر التعاطي معه بتسامح". كما ينقل كاسبيت عن مصدر عسكري وصفه بـ"الكبير جداً"، قوله إن "السيسي يعرف هوية الطرف الذي يتوجب عليه الاعتماد عليه، وهو يرى أن مصالح مصر هي في الواقع مصالح إسرائيل. كما أن هناك تطابق مصالح في مواجهة ولاية سيناء وحركة حماس، فالإخوان المسلمون في نظر السيسي مثل النازيين في نظر إسرائيل، ونظراً لأن حماس امتداد للإخوان فإن المصريين يرون أنهم عدو يتوجب إبادته".

يتابع كاسبيت نقل كلام المصدر العسكري، الذي يشير إلى أن "إسرائيل ومصر تتقاسمان المعلومات الاستخبارية نفسها في الحرب على حماس وولاية سيناء"، قبل أن يعتبر الكاتب الإسرائيلي بأن "السفير الإسرائيلي في مصر الذي كان حبيساً خلف أسوار السفارة خلال عهد مبارك أصبح من جلساء السيسي، وقد التقاه عدة مرات".

يكشف الكاتب بأن "السيسي لا يحافظ فقط على اتصالات دورية ومباشرة مع نتنياهو، كما كشفت قناة التلفزة العاشرة أخيراً، بل تربطه علاقات مباشرة برئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي غادي أيزنكوت وعدد من جنرالات الجيش".

من جهته، كان عوديد غرانوت، معلق الشؤون العربية في قناة التلفزة الإسرائيلية الأولى، أول من ذكر بأن السيسي "يوظف عكاشة كبالون اختبار، في سعيه لإعداد الرأي العام المصري للتطبيع مع إسرائيل"، وقال في تعليق بثته القناة، يوم الأحد، إنه "لا يمكن لأحد أن يتصور أن نائباً محسوباً على نظام السيسي، يُمكن أن يقدم على هذه الخطوة من دون التنسيق معه".

يُذكر أن صحيفة "يديعوت أحرنوت" قد كشفت أخيراً بأن إسرائيل تسمح للطائرات الحربية المصرية بتجاوز المجال الجوي الإسرائيلي، عندما تقوم بمهاجمة ما تعتبرها "أهدافاً" لتنظيم "ولاية سيناء". لكن هناك في إسرائيل من يرى أنه على الرغم من الطابع الاستراتيجي للعلاقة مع نظام السيسي، إلا أن هناك عوائد سلبية جداً لهذه العلاقة. وفي مقال نشرته صحيفة "معاريف"، ينوّه معلق الشؤون الاستخبارية يوسي ميلمان، إلى أن "إصرار نظام السيسي على خنق قطاع غزة وتشديد الحصار عليه وحساسيته إزاء تطبيع العلاقات بين تل أبيب وأنقرة لا تخدم المصالح الإسرائيلية".

يتابع ميلمان قائلاً إن "في إسرائيل من يرون بأن تشديد الحصار على النحو الحاصل يعجّل بانفجار مواجهة جديدة مع حماس، في حين أن مصلحة إسرائيل تتمثل في استعادة العلاقة مع تركيا للخروج من حالة العزلة الإقليمية والدولية".

اقرأ أيضاً: مصر السيسي شأناً إسرائيلياً