زيارة المحكمة الجنائية للأراضي الفلسطينية: "تثقيف" بلا جدوى

زيارة المحكمة الجنائية للأراضي الفلسطينية: "تثقيف" بلا جدوى

08 أكتوبر 2016
يعوّل بعضهم على "رؤية" الوفد للانتهاكات الإسرائيلية (معمّر عوض/الأناضول)
+ الخط -
لا يهتمّ المواطنون الفلسطينيون للزيارة المرتقبة لوفد من مكتب المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، اليوم السبت وغداً الأحد. مع العلم أن الزيارة تشمل أيضاً الأراضي المحتلة عام 1948، وتم الإعلان عنها بأنها زيارة "تثقيفية"، لكن الفلسطينيين يعوّلون على أهمية وجود الوفد على الأرض الفلسطينية لرؤية جزء من الجرائم الإسرائيلية على أرض الواقع، لا في الملفات والأوراق التي دأبوا على إرسالها لمكتب المدعية العامة منذ مطلع العام الماضي. وعلى الرغم من غياب الاهتمام الشعبي، إلا أن الأوساط الرسمية الفلسطينية تُظهر اهتماماً بالزيارة الأولى التي يقوم بها مكتب المدعية العامة للأراضي الفلسطينية، لاعتبارات عدة، أهمها أن الزيارة بحد ذاتها أمر مهم وطال انتظاره، فضلاً عن أن سماح سلطات الاحتلال للوفد بزيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة، يعني اعترافاً ضمنياً من دولة الاحتلال بأن فلسطين دولة طرف، وهذا الوضع له مغزى سياسي. ويعقد المستوى الرسمي آمالاً صغيرة على الزيارة، والتي سبقها لوم وزارة الخارجية الفلسطينية مكتب المدعية العامة على البطء في سير عملية البحث الأولي التي يفترض أن تُمهّد لفتح تحقيق جدي في الجرائم الإسرائيلية التي قدم بها الجانب الفلسطيني بلاغات للمحكمة الجنائية.

من جهته، رأى نائب مساعد وزير الخارجية للقطاع المتعدد الأطراف السفير عمار حجازي، بأن "زيارة الوفد فيها مصلحة فلسطينية كبيرة، وتتقاطع بشكل أو بآخر مع الدراسة الأولية التي شرعت بها المحكمة منذ 16 يناير/كانون الثاني 2015".

واعتبر حجازي خلال لقاء صحافي عقده، يوم الخميس، في رام الله، أن "زيارة الوفد للأراضي الفلسطينية المحتلة مهم من ناحية مقارنة الوفد للكم الهائل من المعلومات والحقائق، التي تم إرسالها لمكتب المدعية العامة خلال الأشهر الطويلة الماضية. فضلاً عن معاينة الوضع على الأرض، لناحية رؤية المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية، وجدار الفصل العنصري والحواجز العسكرية الإسرائيلية، التي سيشاهدها الوفد على أرض الواقع".

وفي سؤال حول تغيّر موقف دولة الاحتلال الإسرائيلي والسماح للوفد بدخول الأراضي الفلسطينية، رغم منعها في وقت سابق، بل وعدم رغبة الاحتلال بالتعاطي معها من الأساس، أجاب حجازي: "أعتقد بأن المحكمة ودولة الاحتلال وصلتا إلى توازن ما، ولا يوجد لدينا أي إشارة حول ما الذي حدث وغيّر وجهة نظر إسرائيل حيال قدوم الوفد".


لكن بيان مكتب المدعية العامة بهذا الخصوص كان واضحاً، وألقى بظلال من التشاؤم حول الزيارة برمتها، فقد أصدر المكتب بياناً يوم الأربعاء، شدّد فيه على أن "الغرض من هذه الزيارة يتمثل في القيام بأنشطة تواصل وتثقيف بغية التوعية بالمحكمة، لا سيما بعمل المكتب، للتصدي لأي تصورات خاطئة عن المحكمة ولتوضيح عملية الدراسة الأولية. وتأتي مثل هذه الزيارات من باب الممارسة المتبعة، حتى في الدول غير الأطراف في نظام روما الأساس".

وتابع البيان: "وفقاً لما تجري عليه ممارسة المكتب في هذه المرحلة من عمله، لن ينخرط الوفد في جمع الأدلة المتصلة بأي جرائم مُدّعى بوقوعها، فالوفد لن يزور أي مواقع، ولن يُقيّم كفاءة الأنظمة القانونية المعنية للنظر في الجرائم التي تدخل ضمن اختصاص المحكمة".

وحول برنامج الوفد، أوضح رئيس دائرة الأمم المتحدة والهيئات المختصة في وزارة الخارجية عمر عوض الله، أن "الوفد سيجتمع اليوم، مع اللجنة الوطنية المختصة بمتابعة المحكمة الجنائية، وسيطلعها على آخر المستجدات، وسيعقد الاجتماع في مقرّ لجنة دائرة المفاوضات. أما غداً فسيعقد الوفد لقاءً في جامعة بيت لحم لمدة أربع ساعات، ويتخلل الزيارة لقاء على التلفزيون، ولقاء شخصيات فلسطينية، وسيكون هناك برنامج شبيه في إسرائيل". ووفقاً لوزارة الخارجية فإن الأمم المتحدة ستتكفل بترتيب الزيارة في تنقلات الوفد ومواصلاته وإقامته.

بدوره، اعتبر عضو اللجنة الوطنية، رئيس مؤسسة "الحق" شعوان جبارين، أن "هدف الوفد ليس التحقيق أو استقاء المعلومات، بل تنفيذ زيارة بروتوكولية لتعزيز العلاقة مع دولة فلسطين". وأشار في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن "مكتب المدعية العامة يعتبرها فرصة، ولن يخرج عن إطار البيان الذي أصدره". وحول هدف إسرائيل من السماح للوفد بزيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة قال "سقف الزيارة ونوعها لن يؤثرا على إسرائيل وغير مرتبطين بما يجري الآن بالنسبة للفحص الأولي الذي تجريه المحكمة. كما تُعتبر هذه الزيارة جزءاً من العلاقات العامة، حتى تظهر إسرائيل أنها تتعاطى مع المحكمة، وقد يكون جزءاً من مخطط لاحق يُبقي المحكمة رهينة في موقفها لإسرائيل، عندما تريد أن تنتقل إلى مرحلة التحقيق. وذلك عبر مماطلة الاحتلال بالوقت، ما يجعل المحكمة متعلقة بالوعود الإسرائيلية على قاعدة أننا وعدناكم سابقاً ووفينا بالوعد وسمحنا لكم بالدخول، أعتقد أن الأمر يتم ضمن هذه المحددات".

أما بالنسبة لما يسعى له الفلسطينيون من هذه الزيارة، فكشف جبارين أن "الغرض هو تعزيز العلاقة مع مكتب المدعية العامة، ويجب أن نستثمر برنامجهم لتصبح عند الوفد إحاطة وإحساس ضمني بما تقوم به إسرائيل على الأرض من جرائم مثل المستوطنات والحواجز والجدار".

المساهمون