صورة النظام والمعارضة في الغرب

صورة النظام والمعارضة في الغرب

15 أكتوبر 2016
حملة إدانة الأسد بباريس مع بداية الثورة(جويل ساجيه/فرانس برس)
+ الخط -
منذ بداية الثورة السورية اعتمد النظام منهجية مدروسة بعناية فائقة تقوم بشكل أساسي على تصوير من قام بالثورة على أنهم مجموعة من الإرهابيين وتسويق نفسه بمظهر المجموعة الحضارية التي تقود البلاد نحو الانفتاح والمساواة بين الجنسين وإعطاء مساحات واسعة من الحريات الشخصية، بشكل يحاكي الحريات في المجتمعات الغربية وفي الوقت نفسه العمل على دفع المعارضة باتجاه القيام بردات فعل تحسب عليها وتظهرها بمظهر المجموعة التي تسعى إلى العودة بالبلاد نحو العصور الحجرية.

وبدأ النظام بتسويق رواية الإمارات السلفية التي يحاربها قبل أن توجد فعلياً على الأرض، أو بمعنى أدق، قبل أن يساهم في إنشائها عبر أمراء كان يربيهم في سجونه ليطلق سراحهم ويقومون بدور تشويه صورة الطرف الآخر.

وفي الوقت الذي كان يحبس فيه الأنفاس على المواطنين، ويقتل المئات تحت التعذيب، كان ظاهرياً يسوّق لمعارضة صنعتها أجهزة استخباراته، تظهر على الشاشات لتعطيه المظهر الديمقراطي الذي يعمل عليه. وفي الوقت الذي كان السواد الأعظم من المواطنين عاجزين عن تأمين قوت يومهم، وتنتشر في المجتمع معظم الكوارث، من التفكك الأسري والتشرد والتسول، كان النظام حريصاً على أن يظهر على وسائل إعلامه مواطنين أنيقين غالبيتهم من النساء، حتى أنه عيّن سيدة كرئيسة لمجلس الشعب. وراح يروج لفيديوهات تظهر سورية وكأنها قبلة سياحية ولا مانع من القيام بـ"كرنفالات" تحاكي "الكرنفالات" التي تقام في أميركا الجنوبية، تتصدرها فتيات قد لونت وجوههن بألوان قوس قزح يستعرضن وسط شوارع دمشق، للترويج لمشهد حضاري عن النظام. كل ذلك كان يحصل في الوقت الذي كانت فيه الهيئات الدعوية التي تعمل في مناطق المعارضة تنشر على الطرقات العامة وعلى أبواب المدارس عبارات من نوع "المرأة كلها عورة حتى أظافرها"، وفي الوقت الذي لم تتمكن فيه الجهات التي تدير مناطق المعارضة من تصدير صورة حضارية عن المنطقة.

المشكلة أن الغرب تنطلي عليه لعبة النظام ويتناسى أن الشعب السوري هو شعب واحد سواء كان في مناطق النظام أو كان بمناطق المعارضة، وأن صورة النظام وصورة المعارضة التي تصله ما هي إلا لعبة إعلامية يتقنها معسكر النظام ولا تجيدها المعارضة.