مصر: السيسي يؤجل التعديل الوزاري على وقع الغضب الشعبي

مصر: السيسي يؤجل التعديل الوزاري على وقع الغضب الشعبي

11 أكتوبر 2016
محامو مصر ناقمون على زيادة الضرائب(فايد الجزيري/Getty)
+ الخط -
يبدو أن الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، يتجه إلى تأجيل التعديل الوزاري المرتقب، والذي كان مقرراً في أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بحسب ما أكدت مصادر لـ"العربي الجديد". ويواجه السيسي أزمة لناحية تصاعد الغضب الشعبي بعد الأزمات الاقتصادية وتردي الأوضاع المعيشية وغلاء الأسعار، وفرض مزيد من الرسوم والضرائب، فضلاً عن عدم إمكانية السيطرة على السوق وضبط الأسعار. وينوي السيسي إجراء تعديل وزاري في إطار سياسة ما يسمى بـ"كبش المحرقة"، أي تحميل بعض الوزراء والأطراف مسؤولية فشل الحكومة والنظام في إدارة الملفات والأزمات، وهو أسلوب لطالما اتبعه رؤساء الجمهورية في مصر. وعلى الرغم من الغضب الشعبي المتصاعد، ولا سيما بعد تفاعل الشارع مع دعوات التظاهر في 11 نوفمبر/تشرين الثاني تحت شعار "ثورة الغلابة"، إلا أن الاتجاه هو لتأجيل إجراء التعديل الوزاري، حتى لا تأتي الخطوة بناء على ضغوط، وهو الأمر الذي يخشاه السيسي.

وتقول مصادر برلمانية مقربة من دوائر صنع القرار، إن حالة الغضب في الشارع تجاه السياسات الاقتصادية الحالية وغلاء اﻷسعار تنذر بأزمة كبيرة للنظام الحالي، وهو ما يستدعي تدخلاً عاجلاً خلال اﻷسابيع القليلة المقبلة. وتضيف المصادر لـ"العربي الجديد" أن هناك مناقشات حول إمكانية إدخال تعديل على الحكومة الحالية، وهو توجه قديم في ظل فشلها وعدم قدرتها على تقديم حلول جديدة للمشكلات ومعالجة اﻷزمات. وتكشف عن وجود سجالات حول هذا التعديل الوزاري، ليس لناحية حجمه والوزارات التي سيطالها وحسب، بل أيضاً لناحية توقيت إجرائه. وتوضح أن هناك اتجاهات عدة في ضوء المستجدات على أرض الواقع وتزايد الغضب الشعبي، فضلاً عن الدعوات للتظاهر في 11 نوفمبر المقبل، والتي تلقى، على ما يبدو، استجابة واسعة في أوساط المواطنين.

وتلفت المصادر إلى وجود اتجاه لتأجيل إجراء أي تعديل وزاري لما بعد الانتهاء من القوانين التي تقدمت بها الحكومة للبرلمان، والمتعلقة بالاستثمار، فضلاً عن قرض صندوق النقد الدولي. وهي ملفات تتابعها الحكومة برئاسة شريف إسماعيل، بحسب المصادر التي توضح أنه من غير المنطقي إجراء تعديل وزاري الآن في ظل الملفات المهمة المفتوحة، وهو ما قد يؤدي إلى تعطيل بعضها، في حال أقدم السيسي على تعديل التشكيلة الحكومية.


وتؤكد المصادر أن البرلمان، وتحديداً ائتلاف الأغلبية، غير راضٍ على أداء الحكومة ولا سيما الوزارات المعنية بالشؤون الاقتصادية، والتي تحتاج إلى تعديل طارئ بعيداً عن مصير رئيس الوزراء نفسه. وحول بقاء إسماعيل في منصبه، تفيد المصادر بأن هذا الأمر مرتبط بوجود شخصية قوية يمكنها إحداث نقلة نوعية في الأداء الحكومي والوضع المصري، وإلا سيكون من الصعب حالياً استبدال إسماعيل برئيس حكومة آخر. وتقول إنه لا يمكن إدخال تعديل وزاري في الحقائب المعنية بالشؤون الاقتصادية، ومن ثم تغيير الحكومة كلها في مرحلة لاحقة، وهي طريقة يرفضها السيسي نفسه، لأن كثرة التعديلات الوزارية تشكل مؤشراً إلى عدم الاستقرار خارجياً وداخلياً، وفق المصادر.

في هذا السياق، يعتبر رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الحركة الوطنية، محمد بدراوي، أنه لا بد من تعديل وزاري موسع على الأقل، لمعالجة الأزمات القائمة. ويضيف لـ"العربي الجديد" أن التعديل الوزاري أفضل من تفاقم الغضب الشعبي، ولا سيما في ظل عدم قدرة الوزراء الحاليين على تحقيق أي تقدم وحل المشكلات المزمنة، وعدم امتلاك رؤية حقيقية. ويطالب بضرورة أن يكون للبرلمان موقف حاسم تجاه التعديل الوزاري، من خلال سحب الثقة من بعض الوزراء، وهو إجراء أخير قد يلجأ إليه النواب، ولكن الأفضل أن تأتي الخطوة من قبل الرئيس، وفق تعبيره.

من جانبه، يقول الخبير السياسي، محمد عز، إن من عادات الأنظمة الحاكمة في مصر تحميل الحكومة كل الأخطاء السياسية والاقتصادية. ويضيف لـ"العربي الجديد" أنه من غير المستبعد أن يطيح السيسي بحكومة إسماعيل كاملة، ليس لفشلها بل لأنها منذ بداية عملها تبدو غير قادرة على إحداث فارق حقيقي. ويشير إلى أن الحكومة هي من اختيار السيسي وبالتالي هو من يتحمل مسؤولية فشلها، لكن شأنه شأن أي رئيس سابق، سيرفض تحمل المسؤولية وسيقوم بتغيير وزاري إذا وجد أن سقف الغضب الشعبي بات يرتفع بشكل كبير، وقد يطاوله هو شخصياً أو يحدث هزة في النظام، بحسب تعبير عز.

ويعتبر الخبير المصري أن التعديل الوزاري أو التغيير الكامل يشكل نوعاً من أنواع تنفيس الاحتقان الشعبي، إذ يتجدد الأمل في تحسين الأوضاع مع الحكومة الجديدة، مع أن التجارب تؤكد على أن نفس السيناريو سيتكرر. ويشدد على أن الأوضاع في مصر صعبة للغاية ولا تحتاج إلى مجرد تغيير ظاهري، بل لا بد من تغيير جوهري على مستوى السياسات والفكر وبالتالي اختيار شخصيات اقتصادية قادرة على إحداث نقلة حقيقية، وبدون ذلك كأن شيئا لم يكن، على حد تعبير عز. ويعتبر أن الغضب الشعبي تجاه السيسي أمر طبيعي وفي تزايد بشكل يومي، جراء التخبط الاقتصادي، والتغول في فرض الضرائب والرسوم على مختلف الأصعدة وهو ما يمس الطبقات الكادحة.

المساهمون