المغرب: مصالحة حزب "الاستقلال" استعداداً للانتخابات

المغرب: مصالحة حزب "الاستقلال" استعداداً للانتخابات

16 يناير 2016
خلال احتفالات عيد المولد النبوي بالمغرب (جلال مرشدي/الأناضول)
+ الخط -
تنوّعت المواقف إزاء المصالحة السياسية التي شهدها أخيراً البيت الداخلي لحزب "الاستقلال"، وهو أحد أكبر وأعرق الأحزاب بالمغرب، بين قيادته متمثلة في أمينه العام، حميد شباط، والعديد من القيادات الحزبية الغاضبة، والتي أنشأت تياراً داخلياً باسم "بلا هوادة"، يترأسه عبد الواحد الفاسي، نجل الزعيم التاريخي الراحل، علال الفاسي.

ورأى مراقبون أن المصالحة السياسية الأخيرة داخل حزب "الاستقلال"، التي اختيرت لها كموعد زمني الذكرى الثانية والسبعون لتقديم وثيقة استقلال المغرب عن الاستعمار الفرنسي، تأتي لتوحيد الصف الداخلي للحزب بغرض خوض غمار الانتخابات التشريعية المقبلة، وبالتالي، الحصول على نتائج جيدة تتيح للحزب ترؤس الحكومة المقبلة.

في المقابل، اعتبر آخرون، حتى من داخل الحزب، أنه على الرغم من اللقاء الذي جمع أطراف النزاع، وحضوره من قبل شخصيات تاريخية تزعمت الحزب في سنوات سابقة، لمباركة المصالحة الداخلية، فإنه لا يمكن اعتباره مصالحة تاريخية بمعنى الكلمة، وذلك لا يعني اختفاء المشاكل داخل هذا الحزب.

وحضر القيادي التاريخي في حزب "الاستقلال"، محمد بوستة، الذي قاد الحزب لمدة عشرين سنة، وسبق له أن اشتغل وزيراً للخارجية بين عامي 1977 و 1983، حفل المصالحة الداخلية، ودعا جميع أطراف الصراع إلى نسيان أخطاء الماضي، والتوجه نحو المستقبل بالاستعانة بجميع كفاءات وطاقات الحزب.

واندلع نزاع في حزب "الاستقلال"، وخصوصاً بين القيادة الحالية، التي يتزعمها حميد شباط، ومن يواليه من قيادات داخل الحزب الذي يرفع شعار "الميزان"، من جهة، وبين قياديين أسسوا تيار "بلا هوادة"، من جهة ثانية، عقب المؤتمر العام السابق الذي أفرز وصول شباط لقيادة الحزب، فضلاً عن اتهامات قياديين لشباط بالانفراد بالقرار، وتمييع الحياة السياسية الحزبية.

وفي لقاء المصالحة داخل البيت الحزبي للاستقلال، انتقد محمد بوستة قرار خروج الحزب من الحكومة التي شارك فيها منذ البداية، بسبب خلافات في الرأي مع رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، وتمنى لو لم يحدث ذلك، باعتبار أن الأفضل للحزب أن يكون مقرباً من "دوائر القرار"، وفق تعبيره.

بدوره، قال متزعم تيار "بلا هوادة"، عبد الواحد الفاسي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن المصالحة داخل حزب "الاستقلال" تمت بالتوافق بين جميع الجهات المتخاصمة، مضيفاً أن تياره الذي كان يقوده لم يخرج من حضن الحزب، بل ظل يعمل من داخله، وينتقد ما يراه غير صائب من دون أن ينشقّ أو يؤسس حزباً جديداً.

وأشار إلى أن المرحلة التي يمر بها الحزب، وخصوصاً بعد نتائج انتخابات 4 سبتمبر/أيلول الماضي المحلية، تطلبت من جميع أبناء "الاستقلال" تناسي مشاكل الماضي، والعمل بيد واحدة، في أفق تنظيم المؤتمر السابع عشر، الذي سيكون خارطة طريق للحزب في المحطات السياسية المقبلة.

وبخصوص الجهات المسؤولة عما حدث لحزب "الاستقلال" من توترات وتراجعات في بعض المناطق بالبلاد، بمناسبة الانتخابات الجماعية والبلدية الماضية، شدد الفاسي على أن الجميع في الحزب مسؤولون عن الأخطاء المرتبكة الماضية، لكن بدرجات متفاوتة، مشيراً إلى ضرورة تظافر جهود وطاقات أبناء الحزب جميعهم، في إنجاح رهان الانتخابات التشريعية المقبلة.

وبارك الزعيم التاريخي، محمد بوستة، هذا النفَس التصالحي داخل الحزب، وأكد على أن "المرحلة السابقة عرفت أخطاء من كل الجهات في الحزب"، وأنه حتى الفترة التي قاد فيها الحزب شهدت أخطاء أيضاً، داعياً إلى عودة الروح للحزب، والدفاع عن مبادئه المعروفة، والمتمثلة في الإسلام واللغة العربية.

في المقابل، رأى البعض في هذه الرؤية التصالحية للحزب مجرد واجهة شكلية لا يمكن أن تخفي غابة الخلافات العميقة داخل "الاستقلال"، ومن هؤلاء محمد الخليفة، القيادي بالحزب ووزير الوظيفة الأسبق، الذي اعتبر أن "أزمة حزبه عميقة ومتشعبة، لا يمكن إخفاؤها بغربال المصالحة".

وأورد الخليفة، ضمن تصريحات صحافية، أنه "لا يمكن أن نعتبر أننا قمنا بمصالحة تاريخية، فقط لأننا صالحنا شخصين"، لافتاً إلى أن المصالحة التاريخية تقتضي نقداً ذاتياً عميقاً، وأن يصرح لنا جميع الأطراف كيف تمت الانتخابات خلال المؤتمر الوطني الماضي، التي أسفرت عن انتخاب حميد شباط.

اقرأ أيضاً: انشقاقات وحركات تصحيحية في الأحزاب المغربية

المساهمون