القمة السعودية الأميركية: ترميم العلاقات وحسم ملفات المنطقة الشائكة

القمة السعودية الأميركية: ترميم العلاقات وحسم ملفات المنطقة الشائكة

29 اغسطس 2015
القمة الأميركية السعودية في واشنطن ستعقد مطلع سبتمبر(فرانس برس)
+ الخط -
تكتسب القمة الأميركية السعودية، والتي ستعقد في واشنطن، في الرابع من سبتمبر/أيلول المقبل، أهمية حاسمة، في ظل الأزمات المتنقلة في الشرق الأوسط، والتي ستحضر كبند رئيسي على جدول محادثات العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، والرئيس الأميركي باراك أوباما.

وفيما أكد البيت الأبيض الزيارة المرتقبة للعاهل السعودي إلى واشنطن ولقاءه المنتظر مع أوباما، مشيراً إلى أنّ القمة "ستتركز على الجهود المشتركة للبلدين في مجال مكافحة الإرهاب وتطورات النزاعين في اليمن وسورية"، شهد منزل وزير الخارجية الأميركي جون كيري في نانتكت بولاية ماساتشوستس الأميركية، قبل أيام، وضع اللمسات الأخيرة لجدول أعمال القمة.
وقالت مصادر أميركية مسؤولة لـ"العربي الجديد" إن اللقاء الذي جمع وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، مطلع الأسبوع الحالي، بنظيره الأميركي في منزل الأخير الصيفي، اتفق الطرفان خلاله على تفاصيل الزيارة. ووصفت مصادر أميركية وسعودية متطابقة الزيارة بأنها محورية وقد يتم خلالها التوصل إلى توافق سعودي أميركي على سياسات موحدة قد تفضي إلى حسم ملفات إقليمية ساخنة.

اقرأ أيضاً السعودية والعراق بعيون دونالد ترامب: فلنسطُ على نفطهما 

وأرجع متابعون لمسار العلاقات السعودية الأميركية، تأخر صدور إعلان رسمي أميركي عن الزيارة حتى أول من أمس إلى مخاوف تعتري المسؤولين الأميركيين من تجربة مايو/أيار الماضي عندما قرر العاهل السعودي عدم المشاركة في قمة كامب ديفيد الأميركية الخليجية في اللحظات الأخيرة وتم تبرير الأمر بـ"أسباب صحية".

ويتردد في أروقة الخارجية الأميركية أن البيت الأبيض تلقى نصائح من أعضاء في مجلسي الشيوخ والنواب بتجنب إثارة قضايا غير أساسية قد تغضب الجانب السعودي من دون وجود جدوى سياسية من طرحها سوى مغامرة غير محسوبة بالتسبب في إلغاء قمة تاريخية في ظروف سياسية غير مسبوقة.
ويعتبر محللون أنّ لقاء سلمان وأوباما المرتقب لا تقتصر أهميته على إعادة ترميم العلاقات السعودية الأميركية فحسب، وإنما يستمد أهميته أيضاً من الأوضاع الإقليمية ومستقبل المنطقة بصورة شاملة.
كذلك يتوقع مراقبون أميركيون أن يكون وزير الدفاع السعودي، الأمير محمد بن سلمان، من بين أعضاء الوفد المرافق للملك. لكن مصدراً في السفارة السعودية في واشنطن أوضح لـ"العربي الجديد" أنّ الأمير فيصل بن أحمد بن سلمان، حفيد الملك الذي لا يشغل أي منصب حكومي، هو المدرج اسمه بين أعضاء الوفد الملكي السعودي. ووفق المصدر، فإن الأمير فيصل يجمع الخبرة بين الشأنين الإيراني والأميركي على حد سواء. وهو ما جعله بمثابة مستشار خاص للملك في الملفين معاً منذ تولي الأخير الحكم، بحسب ما ينقل مقربون من الأسرة المالكة.
ويتوقع دبلوماسيون عرب ومحللون أميركيون أن يهيمن الملف الإيراني على سير النقاش بين العاهل السعودي والرئيس الأميركي، لكن هذا التوقع لا يتنافى مع الاعتقاد السائد بأن الملف الإيراني في العلاقات السعودية الأميركية ما هو إلا عنوان عريض لمشكلات أخرى جوهرية متفرعة من الملف الإيراني، أبرزها الأزمتان السورية واليمنية. وتؤثر إيران في الأزمتين سلبياً من خلال "أذرعها العربية".

ووفقاً لما تضمنته مجمل التحليلات السياسية في العاصمة الأميركية، فإن التباين في بعض وجهات النظر تجاه الملفين السوري واليمني بين إدارة أوباما وطاقم الملك سلمان لم يعد قابلاً للتجاهل، غير أن محللين أميركيين توقعوا أن تحسم زيارة العاهل السعودي للبيت الأبيض معظم نقاط التباين، خصوصاً "بعدما أثبت السعوديون أنهم أكثر دراية من الإدارة الأميركية بالشؤون الإقليمية بحكم تعاملهم معها عن قرب وليس من وراء البحار"، وفقاً لتعبير أحد مصادر "العربي الجديد" الذي لم يرغب في الإفصاح عن هويته.
ويرى المصدر نفسه أنّ التباين الأميركي السعودي في ما يتعلق بالأزمة السورية لا يتعلق بنظام الرئيس السوري بشار الأسد الذي يتفق الطرفان على ضرورة رحيله من أجل إعادة الاستقرار إلى هذا البلد العربي، ولكن التباين القائم له علاقة بالبدائل المتاحة، إذ تجعل تجربة الأميركيين في العراق واشنطن أكثر تردداً من ذي قبل في الإطاحة بالأنظمة قبل توفير البديل القابل للحياة.
ويعيب مراقبون على الإدارة الأميركية الحالية ما يصفونه بالانفصام في معاييرها لقضايا المنطقة وعدم وجود استراتيجية ثابتة في التعامل مع القضايا المتشابهة، إذ تصر الولايات المتحدة، تحت قيادة أوباما، على أن الحل العسكري غير قابل للنجاح في اليمن وتراه قابلاً للنجاح في سورية.
وفي الشأن اليمني أيضاً، علمت "العربي الجديد" أن إدارة أوباما تعتزم الإعراب عن عدم ارتياحها من وجود رجل الدين اليمني، عبد المجيد الزنداني، في السعودية بحكم أنه مدرج في قائمتين للإرهاب إحداهما أميركية والأخرى أممية. وكشفت مصادر أمنية أميركية لـ"العربي الجديد" أن جدلاً داخل الإدارة الأميركية نشب الأسبوع الماضي بشأن الزنداني وجدوى إثارة قضية وجوده في السعودية. ويرى مسؤولون في وزارة الأمن الداخلي أن الأمر يجب أن يطرح على السعوديين على أعلى مستوى، في حين أن بعض الدبلوماسيين في وزارة الخارجية الأميركية حذروا من ذلك، معربين عن تفضيلهم لطرح المسائل غير الجوهرية من خلال القنوات الدبلوماسية الطبيعية وتوفير الوقت المخصص للقمة للقضايا المحورية والمحادثات الاستراتيجية.
وبحسب المصادر نفسها، فقد تم رفع الأمر إلى البيت الأبيض ولم يعرف القرار النهائي الذي سيتخذه، لكن مصدراً أمنياً آخر، لديه اطلاع على تفاصيل القضية، قال لـ"العربي الجديد" إن إدارة أوباما، حتى وإن أعربت عن امتعاضها من تقديم السعودية ملجأ آمناً للزنداني المطارد من الحوثيين، إلا أن الولايات المتحدة لا تعتزم مطلقاً المطالبة بتسليمه إليها أو تحويله إلى عبء جديد في وقت عصيب.

اقرأ أيضاً: أميركا و"السعودية الجديدة" وإيران

المساهمون