العراق: تأييد حكومي ضمني للعملية التركية بانتظار المكاسب

العراق: تأييد حكومي ضمني للعملية التركية بانتظار المكاسب

27 يوليو 2015
تحاذي ديار بكر التركية الحدود الشمالية للعراق (فرانس برس)
+ الخط -
تباينت مواقف وردود الفعل العراقية حيال الهجوم العسكري التركي على أهداف لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سورية، وعلى مواقع ومراكز مهمة لحزب "العمال الكردستاني"، شمالي العراق، والملاصقة لمحافظة ديار بكر، غربي أنقرة. وعكست تلك المواقف الصورة الحالية للعراق والانقسام المذهبي والطائفي والعرقي داخله، وسط غياب أي موقف رسمي من حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي أو رئيس الجمهورية فؤاد معصوم.

ويُعدّ التحرّك العسكري التركي، وموافقة وزارة الخارجية التركية، ليل الجمعة، على استخدام طائرات التحالف بقيادة الولايات المتحدة لقواعدها الجوية، ضد "داعش"، مشاركة فعلية من الأتراك في التحالف الدولي ضد التنظيم. كما يُعتبر هجوم القوات التركية على معاقل حزب "العمال"، كسراً لهدنة طويلة استمرت لنحو ثلاث سنوات بين الطرفين.

وبينما تتفاوت وجهات النظر في بغداد، ظهرت تصريحات المسؤولين العراقيين متناقضة، منهم من رحّب بالتحرك بشكل عام، ومنهم من عارض الهجوم على "العمال" خصوصاً أن الأخير حليف أساسي للحكومة العراقية في الحرب على "داعش" في الشمال، مقابل من أيّده ضد "داعش" في الوقت عينه، بينما دعا فريق آخر إلى "توسيع عمليات الأتراك لتشمل الموصل وكركوك".

وأوضحت مصادر رفيعة في الحكومة العراقية، أن "الموقف الرسمي غير المُعلن هو التأييد التام للتحرك التركي". وقال وزير عراقي في بغداد، رفض الكشف عن اسمه باتصال مع "العربي الجديد"، إن "أي موقف سيصدر من بغداد مستقبلاً، هو نصف رأيها فقط، لأن الرأي الغالب داخل الأوساط الحكومية والسياسية، يميل لتأييد الهجوم".

وأضاف الوزير أن "فتح القواعد التركية أمام طائرات التحالف، سيحلّ مشكلة تأخر الدعم للقوات العراقية في القاطع الشمالي، إذ تُعتبر قاعدة إنجرليك التركية، أقرب الى المحور الشمالي بالعراق، من القاعدة الأميركية بالكويت. ما سيُزيد من الدعم للقوات العراقية، ويرفع عديد الطلعات الجوية للتحالف على مواقع داعش بالعراق".

اقرأ أيضاً العملية التركية: مناطق "خالية" وهجمات حتى تغيير موازين القوى

ورأى الوزير "أن انضمام الأتراك للتحالف، يعني أن أحد طرق تمويل وتجنيد المقاتلين في صفوف داعش قُضي عليها، والحكومة لا ترى أهمية في قصف مواقع العمال الكردستاني، أمام المكاسب التي تجنيها من ضرب داعش". ويكشف أن "مصير الأسد لا يعني العبادي ولا حكومته كما كان الحال في حكومة (نوري) المالكي".

في السياق، طالب عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان العراقي، ورئيس لجنة الصداقة التركية العراقية ببغداد، ظافر العاني، بأن "يكون السماح بدخول الطيران الحربي التركي إلى الأجواء العراقية مأذوناً من بغداد، وموافقة منها، لا بشكل تلقائي من قبل الأكراد". وهو تصريح فُهم منه تأييداً ضمنياً على التحرك التركي العسكري ضد "العمال" و"داعش".

وأضاف العاني في مؤتمر صحافي له، بأنه "ليس هناك شكّ بأن أمن الشعب التركي الصديق واستقراره يهمنا، ونحرص عليه كحرصنا على أمن واستقرار وسلام كل الدول التي من حولنا، ويجب أن يكون هناك جهد أمني إقليمي لملاحقة التنظيمات الإرهابية التي تتسلل ما بين الحدود، ولكن هذا الجهد مشروط بأن يكون ضمن أطر التنسيق الرسمية، ونأمل بأن تراعي الجارة تركيا ذلك مستقبلاً".

من جهته، أشار القيادي في "ائتلاف نينوى الأمل" الشيخ محمد طه الحمداني، إلى أن "أهالي نينوى يُفضّلون التدخل التركي على الإيراني، إن كان لا بدّ من أي تدخل دولي لتحرير المدينة". ولفت إلى أن "الجميع كان يأمل أن تتحرك تركيا عسكريا وسياسياً بالمنطقة، كقوة ضد إيران. ونأمل أن يحظى تحركها بدعم عربي وخليجي"، معللاً ذلك "بإمكانية تركيا إضعاف داعش أكثر من باقي دول التحالف والمنطقة، وبإمكانها أيضاً تهدئة الوضع الطائفي في العراق والحد من التدخّل الإيراني بفعل امتلاكها لأوراقٍ عدة".

من جهته، قال القيادي في "التحالف الكردستاني العراقي" مجيد أمين، لـ"العربي الجديد"، إن "التحرك التركي يمثل مرحلة جديدة للمسرحية الحالية بالمنطقة"، مشيراً إلى أن "ردة الفعل التركية في وقت واحد وعلى جبهات عدة، تشير إلى ذلك، ونحن نرى أن الاميركيين ضحّوا بالأكراد، وأقصد حزب العمال، وأعطوا الضوء الأخضر للأتراك بإنهاء ملفهم، في مقابل دخول الأتراك التحالف ضد داعش وفتح قواعدها الجوية". ولفت أمين إلى أن "على الرئيس السوري بشار الأسد أن يخاف أكثر من أي وقت مضى، فالضربات على معاقل داعش تهدده". كما اعتبر أمين أن "الأتراك سيحصلون على ضمانات عدة، منها منع إقامة دويلة كردية في سورية أو توسع شوكة أكراد العراق، فتركيا تحركت لمصلحة لها وباتفاق وتنسيق وتقاسم للمنافع مع واشنطن ودول التحالف الأخرى".

أما في كردستان العراق، فقد ندّد نائب رئيس البرلمان العراقي والقيادي بالحزب "الديمقراطي" آرام شيخ محمد بالهجوم التركي على مناطق داخل العراق وقصف مواقع لحزب "العمال". وأكد شيخ محمد أن "الهجوم التركي خَرَقَ سيادة العراق، وهو فعل عدائي أسفر عن مقتل مواطنين أبرياء وإحراق مزارع، وإلحاق ضرر من دون مبرّر"، وفقا لبيانٍ أصدره مكتبه، أمس الأحد. وطالب محمد في البيان بـ "العودة إلى المنطق والعقلانية والحوار، وإزاحة لغة السلاح جانباً ومحاولة الحفاظ على مسار عملية السلام التاريخية بين حزب العمال والحكومة التركية".

ولم يكن موقف مسؤول لجنة الشؤون الداخلية بإقليم كردستان العراق فرحان جوهر، بعيدا عن موقف محمد، إذ هاجم التحرّك التركي ضد "العمال"، مرحّباً بالوقت نفسه بـ "ضرب أهداف داعش"، الذي وصفه بـ "العدو المشترك لدول المنطقة". وأضاف جوهر في حديثٍ لـ "العربي الجديد"، أن "الأكراد تحوّلوا إلى رقم صعب، يُستبعد أن يتخطاه العالم لأجل تركيا، لأنهم القوة الفاعلة المؤثرة على الأرض التي تقاتل داعش".