تقدُّم "حماية الشعب" ينبئ بصدام وشيك مع الفصائل المعارِضة

تقدُّم "حماية الشعب" ينبئ بصدام وشيك مع الفصائل المعارِضة

20 يونيو 2015
احتمال تصادم كبير بين القوات الكردية والجيش الحر(Getty)
+ الخط -
بعدما بسطت قوات "حماية الشعب" الكردية بدعم من "الجيش السوري الحر" سيطرتها على مدينة تل أبيض السورية على الحدود التركية، في ريف الرقة الشمالي، إثر انسحاب "تنظيم الدولة الإسلامية" (داعش) من المنطقة، بدأت تظهر معالم المكاسب العسكرية والاقتصادية والسياسية التي حقّقتها القوات الكردية التابعة لحزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي الذي يتزعمه صالح مسلم، ويسيطر على مناطق واسعة شمال سورية.

على الصعيد السياسي، أثبتت قوّات "حماية الشعب" أنها شريك حقيقي للتحالف الدولي في محاربة "داعش"، بعدما تمكنت من القضاء على وجود التنظيم في ريفي الحسكة الشرقي والغربي وريف الرقة الشمالي وريف منطقة عين العرب شرق حلب، لتتمكن القوات الكردية بذلك، من إيجاد منطقة عازلة تفصل مناطق سيطرة "داعش" في سورية بشكل شبه كامل عن الحدود التركية التي يتسلل منها المتطوعون الجدد في التنظيم الذي سيعاني من دون شكّ في المستقبل القريب، من قطع طريق مرور متطوعيه عبر الحدود السورية ــ التركية.

على الصعيد الاقتصادي، باتت القوات الكردية تسيطر لأول مرة على معبر رسمي يصل الأراضي التركية بالأراضي السورية، بعد أن كانت تسيطر على عدة معابر غير رسمية تصل مناطق سيطرتها بالأراضي التركية. ومع تقدمها الأخير في تل أبيض، تكون قد سيطرت على منطقة زراعية خصبة في ريفي الحسكة والرقة، التي تعبرها عدة أنهُر، منها دجلة والخابور والبليخ والفرات، لتلائم هذه المنطقة بذلك زراعة كافة المحاصيل، بالإضافة لتوفّر المراعي الشاسعة.

على الصعيد العسكري، باتت القوات الكردية تسيطر على طريق إمداد بري يصل مناطق سيطرتها في شمال الجزيرة السورية، أقصى شمال شرق سورية في عين العرب وريفها بريف حلب الشرقي، لتسيطر بذلك على كامل الشريط الحدودي السوري مع تركيا الذي يبلغ طوله أكثر من أربعمئة كيلومتر، من نهر دجلة الذي يشكل الحد الفاصل بين الأراضي السورية والعراقية شرقاً، إلى نهر الفرات الذي يشكل حالياً الحدّ الفاصل بين مناطق سيطرة قوات "حماية الشعب" من جهة وعناصر "داعش" من جهة ثانية.

اقرأ أيضاً: المعارضة أمام تحدّي إدارة الشمال السوري

ومكّنت سيطرة القوات الكردية على هذا الطريق، لأوّل مرة، من جلب تعزيزات عسكرية كبيرة إلى منطقة عين العرب، إذ نشر ناشطون محليون صوراً لأرتال عسكرية كبيرة تتضمن عشرات الآليات العسكرية والمدرعات ومئات المقاتلين، وصلت المدينة يومي الجمعة والسبت، لدعم قوات "حماية الشعب"، التي عانت كثيراً مطلع العام الجاري في عملية التصدي لتنظيم "داعش" الذي كان يحاول بسط سيطرته الكاملة على عين العرب، قبل أن تنهار قواته وتتراجع بشكل دراماتيكي تحت ضربات طيران التحالف الدولي.

ويشير تعزيز قوات "حماية الشعب" لإمكاناتها العسكرية في عين العرب وريفها إلى نية هذه القوات بالتمدد شرقاً للسيطرة على مزيد من المناطق التي يسيطر عليها "داعش"، للاقتراب أكثر من المقاطعة الثالثة التي تسيطر عليها قوات "الاتحاد الديمقراطي"، وهي منطقة عفرين الواقعة أقصى شمال غرب حلب. إلا أن تنفيذ هذا المخطط الذي يعني سيطرة القوات الكردية على كامل الحدود الشمالية لسورية مع تركيا باستثناء الحدود في محافظتي إدلب واللاذقية، سيستلزم من القوات الكردية القضاء بشكل كامل على وجود "داعش" في المناطق التي يسيطر عليها في ريف حلب الشرقي، التي تشمل مدنا كبيرة يسكنها العرب، كجرابلس ومنبج والباب ومسكنة ودير حافر، ما قد يزيد من تعقيد الوضع الميداني وينذر بموجات نزوح جديدة أكبر من الموجة الأخيرة في تل أبيض.

وما سيتسبب بتعقيد أكبر للوضع الميداني، يكمن في مواجهة شاملة بين القوات الكردية وقوات المعارضة السورية، وهو الصدام المتوقع بين الطرفين في ريف حلب الشمالي، الذي تسيطر عليه قوات المعارضة السورية، إذ يستلزم قيام القوات الكردية بوصل مناطق سيطرتها في عين العرب شرق حلب بمناطق سيطرتها في عفرين شمال غرب حلب، لتسيطر على مدن إعزاز وتل رفعت ومارع وأريافها في ريف حلب الشمالي، وهي من أكبر معاقل قوات المعارضة السورية في الشمال السوري على الإطلاق.

اقرأ أيضاً: مليشيا كردية تمنع نازحين سوريين من العودة إلى بلادهم

وكان التوتر قد تصاعد بشكل كبير بين الطرفين في الأيام الأخيرة، إذ دان عدد من أكبر فصائل المعارضة، "قيام وحدات حماية الشعب الكردية بتنفيذ حملة تطهير عرقي وطائفي جديدة بحق العرب السنة والتركمان في ريف الحسكة الغربي ومنطقة تل أبيض وريفها، تحت غطاء جوي لقوات التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية". واعتبر البيان أن التحالف الدولي الذي قدم الغطاء الجوي للقوات الكردية قد "ساهم من خلال القصف في ترويع المدنيين ودفعهم إلى الهجرة من قراهم".

وردّ المتحدث الرسمي باسم قوات "حماية الشعب"، ريدور خليل، في تصريحات صحافية على البيان قائلاً: "نحن في قوات حماية الشعب لا نستغرب ما ورد من أكاذيب واتهامات لا أساس لها من الصحة في بيان فصائل المعارضة السورية"، مضيفاً أن "تلك الفصائل التي أصدرت البيان لا علاقة لها بالثورة السورية، وهم مجرد أدوات ووسائل لدى غيرهم".

وكان رفع القوات الكردية لرايتها على المعبر الحدودي وفي مدينة تل أبيض من دون علم فصائل المعارضة، قد أثار استياء عناصر قوات "الجيش السوري الحر" المشاركين في عملية السيطرة على المدينة، إذ يشير عدد من عناصر الحر لـ "العربي الجديد"، إلى أنهم "لن يقبلوا برفع راية غير علم الثورة السورية الذي تتوسطه ثلاث نجوم، في المدينة التي يشكل العرب نحو 80 في المائة من سكانها".

وعلى الرغم من أنّ هذا الاستياء لم ينتج بعد خلافاً على السلطة في المدينة، إلا أنه قد يكون سبباً رئيسياً لصدام قد يحصل مستقبلاً بين الشريكين في الحرب ضد "داعش".

اقرأ أيضاً: ناشطون سوريون يوثقون انتهاكات الوحدات الكردية