شيعة السفارة

شيعة السفارة

30 مايو 2015
من حملة أنصار حزب الله على مواقع التواصل الاجتماعي
+ الخط -
بات حزب الله يتخطى نفسه في عملية التطوير الذاتي. بعد الانتقال السريع من حركة مقاومة بوجه العدو الإسرائيلي، إلى إقامة الدويلة الخاصة به في لبنان، وانتقاله إلى خوض معارك نظام الأسد في سورية والمليشيات في العراق، جاء جديد حزب الله بإطلاق جيش إلكتروني على مواقع التواصل الاجتماعي.

تعمل هذه الفرقة الحزبية على تعميم أفكار الحزب وقرارات قيادته وخوض حملاته. ولأن تنظيمات كحزب الله لا يمكنها أن تتصور الأفراد إلا ضمن طوائف معلّبة، فقد أخذ الفرع الإلكتروني للحزب على عاتقه مهمة تسويق تهمة "شيعة السفارة" على بعض معارضي حزب الله من الطائفة الشيعية، وعمّم لائحة بأسماء صحافيين وناشطين "فيسبوكيين" للتشهير بهم و"مقاطعتهم إلكترونياً"، مثلما تقول الحملة على شكل تحليل للدم بتهم العمالة والخيانة.

وبالفعل، تم تعميم هذه التهمة وصدر الإعدام المعنوي بحق عشرات الصحافيين بالأسماء والصور أحياناً، وغالبية هؤلاء خارجون عن الاصطفاف الطائفي والمذهبي الذي بات جزءاً من أجندة حزب الله وخطابه العلني في سورية ولبنان، وفي كل مكان. كل ذلك على الرغم من أن غالبية هؤلاء الصحافيين والناشطين يجاهرون بعلمانيتهم وبلا طائفيتهم، وبعضهم بلا انتمائهم إلى الطائفة دينياً حتى. لكن حزب الله يعيدهم بالقوة إلى التقوقع الطائفي بتسميتهم "شيعة السفارة" لمجرد أنهم يعارضونه.

يخوض الحزب "معركة وجودية مع الإرهاب والتكفير"، بحسب ما قال أمينه العام، حسن نصر الله، لكن يبدو أنّ معركة الوجود هذه انطلقت من محاربة العلمانيين في الطائفة الشيعية، والخارجين عنها اجتماعياً وسياسياً بما يمثله حزب الله كشبه محتكر للطائفة. تحوّلت معركة الوجود هذه إلى معركة شخصية مع هؤلاء الصحافيين والناشطين، من خلال محاولة ضربهم معنوياً، إن لم يحن الوقت بعد لإلغائهم فعلياً من المعادلة.

في اللعبة الطائفية، يصعب على أي طرف، جماعة كان أو فرداً، التغلب على حزب الله بما هو أشبه بدولة مكتملة الأركان. ويدرك الحزب أن التنوع المذهبي في لبنان يمنعه حتى الآن من فرض هيمنته الكاملة، لكنه لا يتصور في الآن نفسه أن يكون هناك متفلتون من سطوته من داخل الطائفة، مجدداً حتى وإن كان المعنيون خارجين عنها، ويقتصر انتماؤهم إليها على ما تذكره أوراقهم الثبوتية.

المساهمون