أكتوبر موعد حاسم للأزمة الليبية

أكتوبر موعد حاسم للأزمة الليبية

31 مايو 2015
مخاوف من عودة أنصار القذافي (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
تزداد المخاوف الليبية والإقليمية من تسارع الوقت، قبل شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، الذي يبدو أنه سيكون حاسماً في الأزمة الليبية، ما لم يتم التوصل قبل ذلك إلى تسوية سياسية، تضع حدّاً للوضع المتأزم هناك. وفي خضمّ الجدل الكبير حول هذا الموعد الحاسم، علمت "العربي الجديد"، أن "مجموعات تتشكل الآن في ليبيا من أطراف عدة، من بينهم مناصرو العقيد الراحل معمّر القذافي، استعداداً للتدخل، إذا لم يتم التوصل إلى حلّ سياسي قبل هذا الموعد، يضمن التوافق بين جميع مكونات النزاع في ليبيا".

وفي محاولة لتدارك الوضع الذي يُنذر بالأسوأ، تواصل الأمم المتحدة مساعيها لإيجاد حل للأزمة الليبية. ضمن هذا السياق، يأتي لقاء عمداء وممثلي المجالس البلدية الليبية، الذي تتواصل أعماله في تونس، برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم بليبيا. وتراهن الأمم المتحدة على اللقاء، بعد إعلان مبعوثها برناردينو ليون، أن "الوقت مناسب للتوصّل إلى الحل".

ولفت ليون إلى أنه "بعد ستة أشهر من التحاور والاستماع إلى بعضنا البعض، آن الأوان لإبرام اتفاق". وفي إشارة إلى ضرورة تقديم التنازلات المتبادلة، أكد ليون أنه "ليس بالإمكان القيام بهذه العملية، ويحصل جانب واحد على كل شيء ولا يحصل الجانب الآخر على أي شيء. يجب أن يكون النجاح جماعياً".

ومع تأكيده أن "هذا الوقت هو المناسب للتحلّي بالجرأة والشجاعة ومواصلة الطريق من قبل البلديات"، شدد على "مواصلة العمل في المسارات الأخرى". وأكد أنه "من المفترض الالتقاء والتحاور بشأن المسار الأمني في الأيام المقبلة، فالجميع يعلم الدور الذي تؤديه المليشيات والجهات العسكرية والجيش في النزاع، وبإمكان البلديات المساهمة الإيجابية".

وكشف أن "الأمم المتحدة تنوي في الأسابيع المقبلة، الانتهاء من المسودة الجديدة قبل نهاية الأسبوع الأول أو الثاني من يونيو/حزيران المقبل، والمفترض أن تكون جاهزة، على أن يُناقشها جميع الليبيين". واعتبر ليون أنه "ليس هناك من هم أكثر وعياً من البلديات بمعاناة الشعب الليبي، وليس هناك من هم أكثر وعياً منهم بالحاجة لتوفير حلول للأزمة".

اقرأ أيضاً: ليبيا تنهي 44 عاماً من الدعم

وذكر أن "الأزمة الإنسانية تعني في بعض الحالات وضعاً صعباً للغاية، للأشخاص الذين يحتاجون للدواء والعلاج الطبي، والذين يحتاجون إلى الغذاء، ففي بعض المدن، والبعض منها ممثلة في الاجتماع، يبدو الوضع مأساوياً بالفعل. لذا من المهم للغاية مواصلة استباق الآخرين، والتقدم خطوة من خلال هذا المنتدى".

من جهته، أكد وزير الخارجية التونسية الطيب البكوش، الذي شارك في الاجتماع الافتتاحي أن "تونس ملتزمة بعدم التدخل في شؤون ليبيا الداخلية، وباحترام خياراتها بعيداً عن منطق الوصاية". وأكد أن "تونس تحرص دائماً على تشجيع ومساعدة كافة الأطراف الليبية، للتوصل إلى حل سياسي توافقي للأزمة". وكرّر رفض تونس "القاطع للتدخل العسكري في ليبيا، لأنه لا يجلب معه إلا الكوارث والخراب ومزيداً من الفوضى".

وسبق لرئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال، أن عبّر عن القلق الإقليمي والدولي، خلال زيارته الأخيرة إلى إيطاليا، حتى إنه استخدم عبارة "الوقت بدأ ينفد بالنسبة إلى ليبيا من أجل إيجاد حلّ سياسي قبل أكتوبر". وحذّر من أن "المجموعات الإرهابية ستبقى في هذا البلد لفترة طويلة".

ويجد القلق الجزائري صدىً إقليمياً ودولياً، وخصوصاً لدى المقتنعين بأن "المواجهة المسلّحة لم تنهِ الصراع، ولم تُحدّد رابحاً ولا خاسراً". وقد بدا واضحاً غياب الفريق الذي بإمكانه التحكّم بأوراق اللعبة وفرض حلّ على مقاسه أو بحسب نفوذه، مع تنامي قوة المجموعات المسلّحة، التي تحاول توسيع نفوذها في بعض المدن الليبية. وتستعدّ بدورها للمواجهة المقبلة مع "ليبيا الجديدة"، ومن سيحالفها دولياً في "المعركة ضد الإرهاب".

ويشير أحد أبرز قياديّي "فجر ليبيا"، علي الصلابي، في تصريحاتٍ لـ "العربي الجديد"، إلى أن "كثراً ينتظرون شهر أكتوبر الذي تنتهي معه شرعية مؤتمر طبرق (مجلس نواب طبرق)، وأن الليبيين يأملون في انتخابات جديدة موحّدة ينتج عنها مؤتمر واحد وحكومة واحدة". ويضيف "ليس هناك حالياً إجماع ليبي لا مع برلمان طبرق ولا برلمان طرابلس، وهو ما يفرض أن يذهب الجميع إلى انتخابات عامة، وأن يُحتكم إلى صندوق الاقتراع، وفق الجدول الذي يُمكن أن تضعه الأمم المتحدة، للخروج بسلام من هذه الوضعية الحالية". ويرى أن "الأزمة تمرّ عبر انتخابات عامة حرة، يتم بعدها كتابة الدستور الجديد، والنظر في حكومة وفاق وطني وبناء مؤسسات الدولة".

وسبق لوزير خارجية حكومة طبرق (المنبثقة عن البرلمان المنحل)، محمد الهادي الدايري، أن كشف عن بعض الصعوبات التي تحاصر العملية السياسية في ليبيا. وأفاد بعد لقائه نظيره السعودي عادل الجبير، خلال زيارته الأخيرة للسعودية، أن "الولايات المتحدة لا تتعاون مع الحكومة الليبية لأنها تربط دعم ليبيا في مكافحة الإرهاب، بتشكيل حكومة وحدة وطنية". ويتكامل موقف واشنطن مع موقف المجتمع الدولي، الذي يربط أي مساعدة للجيش الليبي في محاربة الإرهاب، بتشكيل الحكومة".

وفي سياق البحث عن حلول قبل أكتوبر، طالب النائب في برلمان طبرق، يونس فنوش "التعامل سريعاً مع الواقع، وتشكيل لجنة من المجلس لوضع قوانين تنظم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية". ولفت إلى أن "هناك جدالا بخصوص موعد انتهاء ولاية مجلس النواب، ويجب أن يضع مجلس النواب خارطة الطريق لما بعد انتهاء ولايته، لأن الهدف هو إيجاد جسم منتخب ليحل محل المجلس الحالي، باعتبار أن النصّ القانوني الذي ورد في لجنة فبراير معقّد جدا". ودعا مجلس النواب إلى "الاستعداد لاحتمال إجراء انتخابات رئاسية ونيابية". واعتبرت النائبة بالبرلمان الليبي فريحة الحضيري، بدورها، أنه "يجب أن يعي الشعب الليبي أننا سنواجه أزمة دستورية في أكتوبر، ولا بدّ من إيجاد لجنة لرسم خارطة الطريق، تمهيداً للمرحلة المقبلة".

من جهته، اعتبر أستاذ القانون الدستوري بجامعة بنغازي، عبد القادر قدورة، أن "القانون الذي وضعته لجنة فبراير، ينصّ أنه يجب تنظيم استفتاء في حالة التمديد للمجلس النيابي، مع ذلك لا يُمكن إجراؤه في هذه الظروف التي تمرّ بها البلاد، ولا بدّ من البحث عن حلول من خارج مجلس النواب".

من جانب آخر، دعا "مجلس أعيان ليبيا للمصالحة"، كافة الليبيين إلى "اتخاذ العفو منهجاً حقيقياً للخروج من حالة الانتقام المتبادل". ورأى المجلس، في بيان أصدره عقب اجتماعه في طرابلس، أن "الوقت حان لأن يلتفت الحكماء والعقلاء من أعيان البلاد وسياسييها، إلى ضرورة إطلاق مشروع متكامل للمصالحة الحقيقية، التي تنهي كل أسباب الاحتراب بين أبناء الوطن الواحد". وأكد أن "هذه الحروب الداخلية، من دون أفق حقيقي، واستمرارها سيخرج ليبيا من حركة التاريخ، وسيجعلها في سجل الدول الفاشلة التي لم تتمكن من منع أبنائها من الاقتتال والاحتراب الداخلي". ودعا المجلس "البرلمانين إلى اصدار عفو عام كمنهج في الطريق إلى مصالحة حقيقية".

اقرأ أيضاً: "داعش" يسيطر على مطار مدينة سرت الليبيّة

المساهمون