ليبيا تنهي 44 عاماً من الدعم

ليبيا تنهي 44 عاماً من الدعم

28 مايو 2015
الليبيون يواجهون موجة جديدة من ارتفاع الأسعار (فرانس برس)
+ الخط -
من المقرر أن تبدأ حكومة الإنقاذ الوطني في العاصمة الليبية طرابلس (غرب) تطبيق قرار استبدال الدعم السلعي والمحروقات بالنقدي بعد 3 أسابيع، وتحديداً من بداية شهر رمضان بقيمة 50 ديناراً (35.5 دولاراً) للفرد شهرياً باستثناء الأدوية والكهرباء والمياه، ما يؤدي إلى رفع أسعار السلع والنقل، حسب خبراء.
ويأتي هذا القرار لينهي 44 عاماً من الدعم، في إطار السعي للحد من ارتفاع عجز الموازنة المقدّر بنحو 33 مليار دينار (24.2 مليار دولار) العام الحالي، وتخفيف الضغط على النقد الأجنبي، بعد تدهور أسعار النفط الذي يعد أكبر مصدر دخل للنقد الأجنبي في البلاد، حيث تمثل عائداته 95% من إيرادات ليبيا.
وبدأت مسيرة الدعم مع إنشاء المؤسسة الوطنية للسلع التموينية مطلع عام 1971 لكي تقي الليبيين شر الجوع والفقر الذي كان يعاني منه الليبيون في تلك الفترة، عبر الدعم الذي لم يقتصر فقط على السلع، بل امتد للخدمات والمحروقات والسجائر وملابس العيد.
ولم يكن دعم استهلاك الطاقة في ليبيا يتجاوز 300 مليون دينار سنوياً حتى نهاية عام 2004، حين كان سعر النفط يتراوح بين 22 و28 دولاراً للبرميل، وكان يتركز في دعم بنزين السيارات، ثم ارتفع دعم المحروقات بشكل كبير السنوات الأخيرة.
وبلغ استهلاك الفرد في ليبيا 22.3 لتر بنزين للسيارات يومياً في 2013، بينما في دول نفطية أفريقية مشابهة أقل بكثير، حيث معدل استهلاك الفرد في الجزائر 3.3 لترات يوميا ونيجيريا 2.5 لتر يومياً.
وقال رئيس لجنة التخطيط والمالية بالمؤتمر الوطني العام، محمد امعزب، لـ "العربي الجديد"، إن مخصصات الباب الرابع بالدعم في الموازنة العامة خصص منها 6 مليارات دينار (4.3 مليارات دولار) لمحروقات تمنح بسعر مدعوم لشركة الكهرباء، وبعض الجهات الحكومية. وأضاف أن عمليات استبدال الدعم السلعي بالنقدي نتيجة لدراسات قدمتها وزارة الاقتصاد، من أجل إيصال الدعم لمن يستحقه، والقضاء على المهربين الذين زادوا في ظل الاضطرابات الأمنية.
ومن جانبه، أكد مدير صندوق موازنة الأسعار الحكومي في طرابلس، جمال الشيباني، لـ "العربي الجديد"، أن صندوق موازنة الأسعار المعني بتوفير السلع المدعومة عبر الجمعيات الاستهلاكية، سيتحول إلى هيئة وطنية للحبوب ستكون مهمتها استيراد الحبوب من الخارج، وتوزيعها على شركات المطاحن للمحافظة على الأسعار ومنع الاحتكار.

وتأسس الصندوق من أجل تحقيق استقرار في أسعار السلع والخدمات، وتوفيرها بتكلفة مناسبة. وحسب تقارير حكومية، يحصل المواطن الليبي على دعم للمواد الغذائية يقدّر بـ201 دينار (146.7 دولاراً)، ما يشكل 10% من الإنفاق السنوي للمواطن.
ويرى مدير معهد التخطيط الحكومي، عمر أبو صبع، أن المعهد كجهة استشارية للدولة قدم مقترحاً لرفع الدعم منذ مطلع عام 2008 ولم يطبق. وأضاف أن هناك 45% من إجمالي قيمة الدعم تذهب للمهربين وأن تطبيق الرقم الوطني لكل مواطن ليبي كفيلة بإيصال الدعم النقدي له عبر حسابة البنكي دون عناء.
وفي رده على سؤال لـ "العربي الجديد" بشأن ارتفاع الأسعار بعد استبدال الدعم السلعي بالنقدي، أوضح أن الأسعار سوف ترتفع في الأشهر الأولى من إلغاء الدعم العيني، ولكن يتوقع أن يصاحبه استقرار في الأسواق بعد القضاء على المهربين، فيما أكد عميد كلية الاقتصاد بجامعة طرابلس، أحمد أبولسين، أن الدعم مرفوع جبراً ولا فائدة من اتخاذ قرار بذلك، مشيراً إلى أنه مجرد مبرر لإخفاقهم في توفير السلعة. وأكد أبولسين لـ "العربي الجديد"، ضرورة وجود استقرار نقدي لكي يتم السيطرة على الأسعار، قبل استبدال الدعم أو إلغائه نهائياً.
ودعا إلى ضرورة وجود موازنة استيرادية يكون جزء منها بالدولار؛ لتحديد الاحتياجات من السلع والخدمات الأساسية، وتكون تحت إشراف مصرف ليبيا المركزي، بالإضافة إلى موازنة أخرى للرواتب والنفقات التشغيلية تكون بالدينار الليبي؛ لأن الوقت غير مناسب لرفع الدعم حالياً.
وقال خالد الغرياني، سائق سيارة أجرة في طرابلس، "إنه بإمكاني قبول فكرة رفع الدعم عن البنزين، ولكن لا يلومني أحد على السعر الذي لن ينخفض عن 10 دينارات في مشوار لا يتعدى 3 كيلومترات بدلاً من 5 دينارات حالياً". وأشار إلى أن أسعار السلع الغذائية في تزايد مستمر، ولا سيما السلع الأساسية التي ارتفعت إلى الضعف في السوق السوداء، في ظل غياب الرقابة على السوق.
وانخفضت احتياطات البلاد من النقد الأجنبي، بحوالي 28% بين عامي 2013 و2014، لتتراجع من 106 مليارات دولار في عام 2013 إلى 77 مليار دولار في عام 2014، بتراجع يناهز 29 مليار دولار.
وتقول دراسات حكومية، إذا استمر الارتفاع في الطلب بنفس الوتيرة الحالية، فإن الاستهلاك النفطي في البلاد سيصل في 2020 إلى ما يقارب 350 ألف برميل يوميا؛ وهو ما يشكل تقريبا 20% من الطاقة الإنتاجية المتوقعة بـ 1.7 مليون برميل يومياً.
وحسب دراسات للبنك الدولي، سيتطلب أثر إصلاح نظام الدعم، على الفقراء والطبقة المتوسطة، إدراج آليات مالية مختلفة، مثل علاوة العائلة وتحويلات القاصرين، قبل وضع صيغة نهائية لخطط الإصلاح، وفي هذا الإطار يوضح خبراء أن علاوة العائلة لم تصرف مند مطلع العام الحالي.
وتشير الدراسات إلى أن التحرير الكامل، لأسعار الطاقة سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار بنسبة تتراوح ما بين 7 إلى 10%.
وكان صندوق النقد الدولي قد طالب ليبيا في نهاية عام 2010 خلال عهد نظام معمر القذافي، الذي أطاحته الثورة، بضرورة إلغاء دعم السلع والمشتقات النفطية تدريجاً.

المساهمون