غرائب "داعش" و"طالبان" في أفغانستان: قتال بالشمال وتحالف بالجنوب

غرائب "داعش" و"طالبان" في أفغانستان: قتال بالشمال وتحالف بالجنوب

16 مايو 2015
القوات الحكومية تقاتل الطرفين: طالبان وداعش (شاه ماراي/فرانس برس)
+ الخط -

وسط تواصل هجوم ربيع "طالبان ـ أفغانستان" المسمى بعملية "العزم" ضدّ القوات الدولية وقوات الأمن الأفغانية، وشنّ الأخيرة عمليات مضادة في أكثر من عشرة أقاليم أفغانية، وقعت اشتباكات عنيفة بين مسلّحي حركة "طالبان" وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بالقرب من الحدود الأفغانية الباكستانية في إقليم ننجرهار، شرقي البلاد، ما أدى إلى سقوط عدد من المسلّحين من الجانبين، بحسب مصادر أمنية.

اقرأ أيضاً: لملمة صفوف "طالبان باكستان" يربك الجيش ويعيق نفوذ "داعش"

ورغم تأكيد "طالبان"، على لسان المتحدث باسمها ذبيح الله مجاهد، أنّ تلك الاشتباكات وقعت أثناء عملية شنّها مسلّحو الحركة في منطقة كوت الحدودية بين باكستان وأفغانستان، ضدّ من وصفتهم بـ"السارقين وقطاع الطرق"، غير أن مصادر أمنية وقبلية تشير إلى أن تلك المواجهات اندلعت بين مسلّحي "طالبان" و"داعش". وبحسب تصريحات المتحدث باسم أمن إقليم ننجرهار حضرت حسين مشرقيوال، فإن المواجهات ما تزال متواصلة بين الطرفين، وأن أجواء من الخوف والذعر تسود المنطقة، مشيراً إلى مقتل وإصابة عدد من المسلحين من الطرفين، في حين أشارت المصادر القبلية إلى مقتل عشرة مسلحين على الأقل، وإصابة عدد آخر.

وليست المرّة الأولى التي تشهد فيها المناطق الحدودية بين باكستان وأفغانستان بإقليم ننجرهار معارك بين الجماعات المسلّحة المتخاصمة، خصوصاً بين "طالبان" و"داعش"، إذا يحاول الأخير بسط نفوذه في المناطق الحدودية بإقليم ننجرهار التي تربط بين أفغانستان وباكستان، وتربط إقليم ننجرهار ببعض الأقاليم الأفغانية، كإقليم بكتيا ولوجر وكونر وغيرها، وبالتالي تشكل موقعاً استراتيجياً مهماً تحاول جميع الجماعات المسلّحة أن تبسط فيها نفوذها الشعبي والعسكري. سبق أن اندلعت مواجهات شرسة بين "طالبان" و"داعش" في إقليمي زابل وهلمند الحدوديتين بين أفغانستان وباكستان. وأدّت المواجهات التي استمرت أياما إلى مقتل وإصابة عدد من المسلّحين بين الطرفين.

وكان التنظيمان قد أعلنا الجهاد ضدّ بعضهما بعضا في إقليم هلمند، بحسب مصادر أمنية وقبلية. وأكّدت مصادر أمنية لـ"العربي الجديد"، أنّ "داعش" لجأ إلى إعلان الجهاد ضدّ "طالبان" بعدما أصدرت الأخيرة بياناً وصفته فيه بأنّه منظمة غير مسلمة، يجب الجهاد ضدها، وذلك بعد مواجهات عنيفة بين الطرفين اندلعت إثر هجمات شنّها ملثمون يرفعون رايات سوداء في إشارة إلى انتمائهم إلى "داعش" ضدّ "طالبان" في مناطق مختلفة من هلمند. كما أنّ انشقاق عدد كبير من المسلّحين والقادة الميدانيين من الحركة وانضمامهم إلى "داعش" كان من أهم أسباب امتعاض "طالبان"، إذ إنه أدى إلى تدهور قوتها الميدانية، خصوصاً في بعض الأقاليم الجنوبية كإقليم غزنة وزابل وهلمند، معاقل "طالبان" الرئيسية.

تنسيق في الشمال

بموازاة جهوده العسكرية في جنوب أفغانستان، يتصاعد نشاط "داعش" في المناطق الشمالية الأفغانية المجاورة لدول آسيا الوسطى، بهدف تنفيذ مخططاته المستقبلية التي تتعلق بتلك الدول المجاورة للأقاليم الشمالية الأفغانية بحسب مراقبين. وتعتبر المناطق الشمالية الأنسب للمقاتلين الطاجيك الذين تجمعهم حركة "أنصار الإسلام" الموالية لتنظيم "داعش"، إضافة إلى مقاتلي حركة "أوزبكستان الإسلامية"، التي أعلنت ولائها لـ"داعش" . لذا توجّه عدد كبير من المقاتلين الأوزبك والطاجيك إلى شمال أفغانستان، بعدما كانوا ينشطون في المناطق القبلية الباكستانية ضدّ الجيش الباكستاني، وفي جنوب أفغانستان ضدّ القوات الأفغانية والدولية.

لكن المفارقة أن مقاتلي "داعش" في شمال أفغانستان يقومون بعمليات عسكرية مشتركة مع "طالبان" ضدّ الجيش الأفغاني، بل يتهم المسؤولون المحليون مسلحي "داعش" الأجانب بأنهم يقومون بتدريب مسلّحي "طالبان". وكانت عملية "طالبان" الأخيرة في إقليم قندز، والتي كادت أن تسفر عن سقوط الإقليم بيد المسلحين كانت قد انطلقت بالتنسيق بين "طالبان" و"داعش"، وسيطر الأخيران على مناطق واسعة بالإقليم.

وتوحي الازدواجية في تعامل "داعش" مع "طالبان" بفقدان التنسيق بين فصائل التنظيم المختلفة بعد مقتل زعيمه عبد الرؤوف خادم في غارة جوية شنّتها طائرات التحالف الدولي في إقليم هلمند، جنوبي البلاد في شهر فبراير/شباط الماضي.

تراجع نفوذ "داعش"

ورغم نشاطه المتصاعد، غير أن نفوذ "داعش" بدأ يتعثر قليلاً في أفغانستان، لعدّة أسباب من أهمها مقتل زعيم التنظيم الملا عبد الرؤوف خادم في غارة للقوات الدولية بإقليم هلمند في شهر فبراير/شباط الماضي، ومقتل خلفه الحافظ وحيدي في عملية للجيش الأفغاني بالإقليم نفسه في شهر مارس/آذار الماضي. إضافة إلى أن الهجوم الانتحاري على فرع بنك كابول في مدينة جلال آباد والذي تبناه التنظيم وأدى إلى مقتل وإصابة عشرات المدنيين الشهر الماضي، قد أساء كثيراً إلى سمعة التنظيم في أوساط الشعب الأفغاني.

ناهيك عن استيلاء القوات الأفغانية على أسلحة أميركية متطورة، كانت في طريقها إلى مسلّحي "داعش" في إقليم زابل، والتي أثارت تساؤلات عدة حول التنظيم. ورأى بعضهم أن القوى الدولية تدعم التنظيم ضد "طالبان" من جهة، وضد الحكومة الأفغانية، من جهة ثانية. كما أن لجوء "داعش" إلى خطف المدنيين لممارسة الضغط على الحكومة الأفغانية كي تترك لهم الأسلحة الأميركية، وإعدام بعض هؤلاء المواطنين، قد أساء لـ "داعش".

وفي وقت يندلع فيه القتال بين "داعش" و"طالبان" في جنوب وشرق أفغانستان، ويتحالف التنظيمان في شمال البلاد، تؤكد الحكومة الأفغانية أنها تنظر إلى جميع الجماعات المسلحة بعين واحدة، وتعتبرها خارجة عن القانون، وخطراً على أمن الدولة، وبالتالي يقوم الجيش الأفغاني باستهداف الجميع، ويشنّ حالياً، ومنذ عدّة أيام عمليات مكثفة في أكثر من عشرة أقاليم أفغانية ضدّ كل من "طالبان" و"داعش".

وأعلنت القوات المسلحة الأفغانية مقتل عشرات المسلحين في مختلف مناطق البلاد، واستعادة السيطرة على مناطق رئيسية في إقليم غزنة كمديرية ناوي التي كانت تسيطر عليها "طالبان" منذ أكثر من ثمانية أعوام. كما أعلن الجيش القضاء على مركز تدريب رئيسي لتنظيم "داعش" في مديرية شاجوي بإقليم زابل. كما قتل الجيش الأفغاني 12 من مسلحي التنظيم، بينهم قياديون ميدانيون في إقليم فراه غربي أفغانستان.

اقرأ أيضاً: تهاوي "شبكة حقاني" قبل بدء هجوم "طالبان"