مساعٍ جزائرية لإنقاذ اتفاق مالي

مساعٍ جزائرية لإنقاذ اتفاق مالي

20 ابريل 2015
بدأت مالي تعاني من الاعتداءات المسلّحة (حبيبو كوياتي/فرانس برس)
+ الخط -
خطوة إلى الأمام وخطوتان إلى الوراء. هكذا يُمكن تلخيص مسار السلام المتعثر في مالي، على الرغم من كل الجهود التي تبذلها الوساطة والدبلوماسية الجزائرية، من أجل إنقاذ الاتفاقيات الموقعة بين الفصائل الأزوادية والحكومة المالية، فضلاً عن إنقاذ إنجازٍ، حاولت الدبلوماسية الجزائرية أن تصبّه في رصيدها.

وجددت الجزائر دعوتها للفصائل الأزوادية في شمال مالي، للتوقيع على اتفاق سلام نهائي مع الحكومة المركزية في باماكو، وإحلال السلام في المنطقة. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الجزائرية، عبدالعزيز بن علي شريف، في تصريحات صحافية، إنه "يتوجب أن تتحد كافة تشكيلات الشعب المالي حول مشروع يقوم على المصالحة الوطنية". وأضاف أنه "لا يوجد أي بديل يضمن للشعب المالي عودة الاستقرار ووضعه إلى جانب كافة شعوب المنطقة الساحلية ـ الصحراوية على درب التنمية والرفاهية والسلم".

وكانت بعض الفصائل الأزوادية التي تمثل السكان الطوارق في شمال مالي، عبّرت عن تحفظها على توقيع اتفاق نهائي مع حكومة باماكو، ما لم تستجب الأخيرة لما تصفها بـ"المطالب المشروعة للسكان الطوارق في شمال مالي".

لكن الجزائر التي تسعى إلى إنقاذ الاتفاق، لا تفعل ذلك مدفوعة في سياق سياسي للحفاظ على إنجاز دبلوماسي، يُعيدها إلى موقع الثقل في منطقة الساحل، فقط، بل خشية من العودة اللافتة إلى نشاط المجموعات الإرهابية في منطقة شمال مالي.

اقرأ أيضاً: الدبلوماسية الجزائرية تنتصر في اتفاق مالي

وتزايدت المخاوف الجزائرية بعد استهداف قوات الجيش في مالي والنيجر وبعثتي الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في الدولتين، أكثر من مرة. كما أن توسع نشاط جماعة "بوكو حرام"، التي بلغت حدود دولة النيجر، يهدّد أمن الجنوب الجزائري الغني بالنفط، والذي سبق أن تعرّض أكثر من مرة للهجمات الإرهابية، انطلاقاً من شمال مالي، وكان أعنفها الهجوم على منشأة النفط في عين أميناس في يناير/كانون الثاني 2013.

وقال الباحث في شؤون منطقة جنوب الجزائر، مولود فرتوني، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك مخاوف من الجبهة الجنوبية، خصوصاً بعد اكتشاف السلاح في تيريرين في منقطة تمنراست، جنوب الجزائر، وبسبب محاولة تأمين منطقة الذهب الشهيرة على الحدود الجزائرية النيجيرية".

وأشار إلى أن "المخاوف الأمنية في منطقة الجنوب، والمتأتية من تواجد مجموعات مسلحة في شمال كل من مالي والنيجر، قضت على السياحة الصحراوية، التي كانت تدرّ المداخيل على الدولة وعلى الوكالات السياحية العاملة في الجنوب الجزائري".

ويشير فرتوني المُقيم في منطقة تمنراست، إلى أن "المخاوف الجزائرىة تتصل أيضاً بالتوجه الجديد للمجموعات الإرهابية، التي تحاول استقطاب الشباب لتجنيدهم في صفوفها وتقدم لهم أموالاً طائلة من أجل ذلك". وتُفسّر هذه المخاوف التفجير الأخير، يوم الأربعاء، الذي استهدف مركز بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في مالي "مينوسما" في أنسونغو، في منطقة غاو، شمال مالي، مخلّفاً ثلاثة قتلى والعديد من الجرحى. وهو التفجير الذي وصفته الجزائر بـ"الإجرامي"، وقال بشأنه بن علي الشريف، إنه "اعتداء يظهر مرة أخرى بأن الوضع في شمال مالي يبقى هشاً".

وهو نفس التخوف الذي تحدث عنه رئيس بعثة "مينوسما" المنجي الحامدي، الذي عبّر عن صدمته إزاء استهداف جنود السلام ومدنيين أبرياء. وأدان ما وصفه بـ"الاعتداء الجبان والشنيع". وشدد الحامدي على أن "هذا الاعتداء لن يحول دون إكمال بعثة المينوسما مهمتها، المتمثلة في استعادة السلم والأمن في مالي". وتضم البعثة حالياً أكثر من 11 ألف عنصر، بينهم ألف مدني.

يُذكر أن الفصائل الأزوادية وقّعت، بوساطة جزائرية، على اتفاق إطار لتحقيق السلام في شمال مالي، يتضمن: وقف إطلاق النار والالتزام بالحوار، وحل الخلافات بالطرق السلمية، ومكافحة الإرهاب والمجموعات الإرهابية النشطة في منطقة الساحل، والحفاظ على الوحدة الترابية لمالي، وإلغاء مطلب إنشاء دولة خاصة للطوارق أو الحكم الذاتي الذي تطالب به الحركات الأزوادية.

اقرأ أيضاً: وساطة الجزائر بين فرقاء مالي: تقليص أزمات الجوار