رسائل تكريت: الحسم الأميركي يكرّس عجز إيران

رسائل تكريت: الحسم الأميركي يكرّس عجز إيران

02 ابريل 2015
غارات الطائرات فتحت الطريق لدخول القوات العراقية (فرانس برس)
+ الخط -

حُسمت معركة تكريت، ولو بشكل غير نهائي، بعد 33 يوماً من العملية التي أطلقتها الحكومة العراقية لاستعادة المدينة من سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية"، (داعش). هذه المعركة انسحبت منها قوات الحرس الثوري الإيراني بقيادة قاسم سليماني ومن بعدها مليشيا "الحشد الشعبي"، لتتدخل مقاتلات أميركية وفرنسية لحسمها عبر قنابل متطورة دمرت حقول الألغام وخطوط الدفاع التي طالما تفاخر "داعش" بها، واستطاع بعدها الجيش النظامي والشرطة وبعض المليشيات التي عادت إلى المعركة، دخول المدينة.

يقول ضابط في وزارة الدفاع العراقية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "دخول تكريت لم يكن أمراً سهلاً، بل عجزت عنه كل القوات المحتشدة طوال الـ33 يوماً الماضية، الأمر الذي أدى إلى وقف المعركة ومن ثم انسحاب أغلب تلك القوات". ويشير إلى أنّ "طائرات التحالف الدولي كثّفت، أمس الأول، من طلعاتها فوق مدينة تكريت، مستخدمة قنابل زنة 500 رطل، دمرت حقول الألغام في المدينة، وأحرقت عناصر داعش"، لافتاً إلى أنّ "أهداف الطائرات كانت دقيقة، وفتحت الطريق أمام القوات الأمنية التي دخلت المدينة".

ويقول المصدر، وهو ضابط برتبة مقدم، إنّ "عناصر داعش لم يتبقَ أمامهم مع ذلك القصف سوى تفجير أنفسهم في القوات المهاجمة، ما أوقع ما بين 300 و350 قتيلاً وجريحاً في صفوف القوات الأمنية، ونحو 500 قتيل وجريح في صفوف الحشد الشعبي"، مشيراً الى أن "قتلى داعش بلغوا 92 قتيلاً، عُثر على جثثهم في ساحة المعركة، فيما فجّر الباقون أنفسهم".

ويؤكد الضابط أنّ "الجزء الغربي من مدينة تكريت لم يطهّر بعد من سيطرة داعش، إذ ما زال 30 في المئة منه تحت سيطرة التنظيم الذي يقاتل من أجل الحفاظ عليه".

اقرأ أيضاً: "داعش" يحوّل محافظة الأنبار إلى ساحة لتصفية الحسابات

من جهتها، أكدت وزارة الدفاع أنّ "الانتصار الذي تحقق في تكريت سيكون منطلقاً لتحرير محافظة نينوى والأنبار". وقالت الوزارة، في بيان صحافي، إنّ "قواتنا المسلحة بمختلف تشكيلاتها مدعومة بعناصر الحشد الشعبي وأبناء العشائر، استطاعت تحرير مدينة تكريت بعد قتل الإرهابيين الذين حاولوا الفرار أمام تقدّم القطعات العسكرية".

في غضون ذلك، دعا زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، "الجيش العراقي وأفراد من الحشد الشعبي لأن يمسكوا الأرض في تكريت وإبعاد المليشيات الوقحة عنها". وأكد الصدر، في بيان صحافي، أن على الحكومة "إكمال عملية تحرير محافظة صلاح الدين عموماً، وتكريت على وجه الخصوص"، مشدداً على ضرورة "إبعاد قوات الاحتلال أرضاً وجواً عن التدخل بالشؤون العراقية الأمنية والعسكرية وغيرها".

في غضون ذلك، أبدت عشائر محافظة صلاح الدين "تخوّفها من مسك المليشيات للأرض في تكريت، وإعادة تجربة ديالى".

ويقول عضو مجلس عشائر المحافظة، الشيخ عبد الخالق الجبوري، لـ"العربي الجديد"، إن "سيطرة المليشيات على الأرض، ستؤدي إلى مشاكل كثيرة لا تحمد عقباها، وقد تتكرّر تجربة محافظة ديالى التي منعت فيها المليشيات النازحين من العودة منذ شهور عدة وسيطرت هي على مناطقهم، وهم يعانون الآن الأمرّين في الخيم". ويطالب الحكومة بـ"مراعاة ذلك، وعدم استبدال احتلال داعش باحتلال مليشياوي، وحساب العواقب التي قد تؤثر على وحدة وتلاحم الشعب العراقي".

وحول اقتحام تكريت، يقول القيادي في تحالف القوى العراقية النيابية، محمد الدليمي، لـ"العربي الجديد"، إن "الولايات المتحدة تشعر بنشوة النصر في مدينة تكريت، التي تحوّلت إلى ساحة إبراز عضلات بين واشنطن وطهران بعد عجز الأخيرة عن اقتحامها في حين نجحت الأولى بذلك".

ويعتبر الدليمي أن "نجاح واشنطن مقابل إخفاق طهران، أوقف اعتراضات الكتل الشيعية على طلب العبادي للدعم الأميركي، إذ وجدت أن الاعتماد على إيران أفقدها الكثير من الأرواح بلا نتيجة، في حين أن الأميركيين حسموا المعركة بوقت قياسي وبخسائر أقل".

من جهته، يؤكد معاون قائد اللواء القتالي الثاني في الجيش العراقي، العقيد ملاذ طه الكناني، لـ"العربي الجديد"، أن "تكريت رسالة، وإن وصلت متأخرة، لكن يجب الاستفادة منها". ويوضح الكناني أن "الاعتماد على إيران سيحوّل العراق إلى سورية ثانية بسنوات عنف دامية ومدن مهجورة مدمرة، وهي قناعة توصّل إليها أعضاء غرفة صناعة العراق، لذا فإن التوجه العام هو أن تكون الولايات المتحدة العمود الفقري لعمليات استعادة السيطرة على المدن العراقية من داعش. ولنا في تكريت مثال حي على إخفاق إيران مع كثرة ضجيجها وحساسيتها الطائفية، فهي فشلت بينما نجح الأميركيون خلال أيام قليلة". ويتوقّع أن تكون الوجهة الثانية بعد تكريت هي مناطق محافظة الأنبار الشمالية كونها أقرب لمحافظة صلاح الدين.

المساهمون