القوات الكردية تتحدى تركيا وتعبر الفرات السوري

القوات الكردية تتحدى تركيا وتعبر الفرات السوري

31 ديسمبر 2015
يُخشى من حصول كارثة بسبب سدّ تشرين (فرانس برس)
+ الخط -
لم تتأخر قوات "حماية الشعب" الكردية وحلفاؤها في "قوات سورية الديمقراطية"، في عبور نهر الفرات من ضفته الشرقية إلى ضفته الغربية، بعد سيطرتها على سدّ تشرين الواقع على الفرات بريف حلب الشرقي، بعد طرد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). ويُمكن إدراج عملية العبور في سياق تكريس حقائق جديدة في مشهد الصراع المستمر منذ أربعة سنوات في الشمال السوري، كما رفع من احتمال زيادة موجات الهجرة ورفع وتيرتها بعد إغلاق سدّ تشرين، واستمرار تراكم المياه في البحيرة الواقعة خلفه. ما تسبّب بارتفاع منسوبها بشكل كبير وبالتالي إغراق مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والقرى المحيطة ببحيرة تشرين ونهر الفرات خلف السدّ باتجاه مدينة جرابلس، بريف حلب الشرقي.

وتمكنت قوات "حماية الشعب" بمساندة مجموعات من القوات العربية الحليفة والمنضوية جميعاً في "قوات سورية الديمقراطية" من حسم معركة السيطرة على سدّ تشرين الذي يقع على بعد نحو 110 كيلومترات، شرقي حلب، لتتمكن بالفعل من عبور نهر الفرات نحو الغرب، وتصبح فعلياً على تخوم بلدة أبو قلقل في ريف مدينة منبج، أكبر مدن ريف حلب الشرقي، التي يسيطر عليها تنظيم "داعش" حتى الآن.

وبعد ساعات قليلة من سيطرة القوات الكردية وحلفائها على السدّ نقلت وكالة "الأناضول" عن رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، تجديده "التأكيد على موقف بلاده الحازم، بخصوص عدم السماح لعناصر قوات حزب الاتحاد الديمقراطي في سورية بالعبور إلى غرب نهر الفرات".

وذكرت الوكالة أن "داود أوغلو نوه في المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده مع نظيره الصربي ألكساندر فوسيتش، في بلغراد، إلى أنَّ المعلومات المتوفرة لدى الجانب التركي، تفيد بأن العناصر التي انتقلت إلى الضفة الغربية للفرات عبر سد تشرين، ليست من عناصر الاتحاد الديمقراطي، إنما هي في الغالب من العرب والمجموعات التي تنسِّق مع التحالف الدولي ضد داعش".

لكن كلام داود أوغلو في هذا السياق يبدو تبريرياً، ويُمثّل تهرّباً من موقف تركيا الحازم، برفض أي عبور للقوات الكردية إلى الضفة الغربية من نهر الفرات. وهو الأمر الذي بات حقيقة على أرض الواقع، بل أن التقدم الذي أحرزته القوات الكردية وحلفاؤها على حساب "داعش"، بالسيطرة على سدّ تشرين، قد يفتح الباب واسعاً أمام هذه القوات لإلحاق هزائم كبيرة بالتنظيم، في مناطق سيطرته شرقي حلب. ذلك أن التنظيم الذي لم يتمكن من الحفاظ على سدّ تشرين الاستراتيجي، لن يتمكن بطبيعة الحال من قتال "قوات سورية الديمقراطية"، المدعومة بغطاءٍ جوي كثيف من التحالف الدولي، في مناطق سهلية مفتوحة، كالموجودة بريف حلب الشرقي، تجعل مقاتله صيداً سهلاً لقوات التحالف الدولي.

اقرأ أيضاً: الحرب الأهلية... الكردية

وقد بدأت قوات التحالف الدولي حملات قصف قوية ومتلاحقة وبوتيرة عالية، على المدن والبلدات التي يسيطر عليها "داعش" بريف حلب الشرقي، خلال الأيام الأخيرة. ونقلت مصادر ميدانية متقاطعة لـ"العربي الجديد"، معلومات عن استمرار القصف اليومي على مدينة الباب بمعدل خمس إلى عشر غارات يومياً، واستمرار القصف على منبج وضواحيها بمعدل موازٍ. الأمر الذي تسبّب بموجات نزوح من المدينتين، نحو القرى المحيطة بهما، بعد سقوط مدنيين كقتلى نتيجة الغارات، التي يُعتقد أن طائرات التحالف الدولي قد نفذتها.

وتسبب هذا الضغط الجوي من طيران التحالف الدولي، بضغطٍ كبير على "داعش" في المنطقة. وبات التنظيم محروماً من قنوات دعمه اللوجستية، مع إغلاق أغلب الأسواق في مناطق سيطرته، وافتقاده للمناطق الصناعية التي يعتمد عليها في صيانة آلياته، وافتقاده للخدمات الطبية لمصابيه.

فضلاً عن ذلك، اضطر التنظيم بفعل الاستهداف المستمرّ لمقرّاته لإخلائها. الأمر الذي تسبّب من دون شكّ بإرباك كبير في عمليات القيادة والاتصال لدى التنظيم، ونتجت عنه خسائر كبيرة لـ"داعش" على حساب القوات الكردية وحلفائها.

وتبع سيطرة القوات الكردية على سد تشرين منذ يوم الإثنين، ارتفاع كبير في منسوب المياه في البحيرة، بفعل تدفق المياه المستمر في نهر الفرات، وتجمّعها في البحيرة بسبب إغلاق السدّ، مما يُهدّد بإغراق قرى محاذية للبحيرة والتسبّب بكارثة كبيرة، علماً أن بعض الإشارات قد ظهرت.

وقد أدى الارتفاع المستمر بمنسوب المياه في البحيرة بحسب الناشط حسن الحلبي إلى "غرق مساحات واسعة من أراضي زراعية ومنازل سكنية بالقرب من بلدة قره قوازق وناحية الشيوخ وقرية القبة وتل أحمر وسهل القملق وبداية قرية بوراز بريف جرابلس. وذلك بعد أن تفاجأ السكان يوم الإثنين، بزيادة في كمية المياه داخل مجرى نهر الفرات وبحيرة تشرين وغمرها للعشرات من الأراضي الزراعية بشكل مستمر ومتزايد".

ومع سيطرة القوات الكردية وحلفائها على السدّ حالياً، فإنها تتحمّل المسؤولية حالياً عن عملية الإغراق، التي تبدو "متعمّدة"، بهدف إغراق الأراضي الزراعية والقرى إلى الغرب من نهر الفرات. بالتالي السيطرة عليها بسهولة بعد تهجير سكانها وانسحاب مقاتلي "داعش" منها في حال تحولت إلى مستنقعات.

ورفع ذلك من مخاطر انهيار السد الذي يحجز خلفه بحيرة تحوي نحو ملياري متر مكعب من المياه. الأمر الذي سيشكل في حال حصل، كارثة كبرى، قد تؤدي إلى غرق مئات القرى على ضفاف الفرات في محافظات حلب والرقة ودير الزور.

اقرأ أيضاً: أحزاب طائفية ومناطقية بسورية... ردّ فعل على سياسات النظام