معركة الرمادي من الأطراف إلى قلب المدينة

معركة الرمادي من الأطراف إلى قلب المدينة

28 ديسمبر 2015
تتقدّم القوات العراقية بثبات في الرمادي (فرانس برس)
+ الخط -
باتت القوات العراقية على مشارف تحرير الرمادي، مركز محافظة الأنبار، بشكل كامل، مع سيطرتها أمس الأحد على نحو 90 في المائة من المدينة، وإحكام قبضتها على المجمّع الحكومي وسط المدينة، حيث كان يتمركز المئات من عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، أغلبهم من الأجانب والانتحاريين.

وكشف نائب محافظ الأنبار، مهدي صالح النومان، لـ"العربي الجديد"، أنّ "القوات الأمنيّة أحرزت تقدّماً كبيراً في معاركها في الرمادي خلال الساعات القليلة الماضية وأحكمت قبضتها على المجمّع الحكومي وسط الرمادي"، موضحاً أن "المجمّع يعد الآن تحت السيطرة وإنّ لم تدخله القوات الأمنيّة". وأشار إلى أنّ "المعطيات تشير الى عدم وجود أيٍّ من عناصر داعش داخل المجمّع، وأنّ التنظيم قد انسحب منه".

ويكشف قائد قوات الجيش بالأنبار، اللواء الركن إسماعيل المحلاوي، أن "القوات العراقية تدخل يومها السادس بالمعارك، بتقدّم مستمر ومن دون تراجع". ويضيف المحلاوي في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "ما يؤخر تحرير المدينة هو الانتحاريون، الذين يلقون بأنفسهم بشكل عشوائي على قواتنا، فضلاً عن العبوات الناسفة والأفخاخ والقناصة". ويجزم أن "المدينة ستتحرّر بتحصيل حاصل".

من جهته، يؤكد مصدر في قيادة عمليات الجيش بالأنبار لـ "العربي الجديد"، أن "وجود عدد من الانتحاريين والمقاتلين الأجانب قرب المجمع الحكومي وسط الرمادي، يُعرقل تقدم القوات الأمنية، التي تحاصر المجمّع من جميع الجهات". ويرى أن "سيطرة القوات العراقية ومسلّحي العشائر على أغلب أحياء المدينة، جاء بمساندة طيران التحالف الدولي، الذي كان له الدور الأبرز في حسم المعارك".

ويتابع قائلاً إن "القوات المشتركة تمكنت من تحرير منزل ومضيف أمير قبيلة الدليم ماجد العلي السليمان، من سيطرة التنظيم". ويلفت إلى أن "قوة من الجيش العراقي سيطرت على دائرة صحة الأنبار ومجسّر الزيوت القريبين من المجمع الحكومي". ووفقاً للمصدر، فإن "القوات العراقية تُسيطر على أربع مناطق بالرمادي من أصل تسع تقع داخل مركز المدينة، الواقعة على بعد 110 كيلومترات غرب بغداد".

إلى ذلك، يكشف القيادي بـ"مجلس العشائر"، المتصدّية لـ"داعش"، سفيان العيثاوي أن "القوات الأمنية توجهت نحو القاطع الشمالي للرمادي، لتحرير منطقتي البوعبيد والبوعيثة من سيطرة التنظيم، وقطع جميع خطوط الإمداد عن العناصر الإرهابية". ويكشف عن "وجود قوة من العشائر تضمّ أكثر من 500 مقاتل، تُساند الجيش والشرطة في المحور الشمالي، فضلاً عن الأفواج العشائرية الأخرى، المنتشرة في المحورين الشرقي والجنوبي".

ويُحذّر المتحدث باسم عشائر الأنبار، من وجود المئات من مقاتلي "داعش"، بينهم عدد من الانتحاريين، وسط الرمادي، مؤكداً أن "طيران الجيش يقصف أي عجلة أو آلية تتحرك ضمن المناطق التي يسيطر عليها داعش. وهناك أوامر صادرة من قيادة العمليات، تقضي بتحريك قوة عسكرية من النخبة، للتصدّي لأي عملية انتحارية مفاجئة".

اقرأ أيضاً: دعم أميركي يعزز التقدّم العراقي في الرمادي

في سياق متصل، شنّ "داعش"، أمس الأحد، هجوماً مباغتاً على بلدة الصينية، في محافظة صلاح الدين، فيما أُصيب مدنيون بسقوط صواريخ كاتيوشا على مدينة تكريت، مركز المحافظة، في محاولة لفتح جبهات جديدة تؤخر حسم معركة الرمادي في محافظة الأنبار".

ويقول مصدر خاص في شرطة صلاح الدين لـ "العربي الجديد"، إن "عناصر التنظيم هاجموا فجر أمس بلدة الصينية، شرقي المحافظة، بالصواريخ وقذائف الهاون والأسلحة المتوسطة في محاولة لاختراقها". ويؤكد أن "القوات العراقية ومليشيا الحشد الشعبي، تصدّت للهجوم الذي سقط فيه قتلى وجرحى من الجانبين".

ويفيد المصدر ذاته بـ"إصابة أربعة مدنيين بسقوط صواريخ كاتيوشا على مناطق متفرقة من تكريت"، لافتاً إلى "اتخاذ القوات العراقية إجراءات أمنية مشددة في المدينة، على إثر تعرّضها لهجوم صاروخي خشية تجدد الهجمات".

من جهته، يّحذّر عضو مجلس شيوخ صلاح الدين، خلف حسين الجبوري، من "محاولة داعش نقل معركة الرمادي إلى صلاح الدين"، موضحاً خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "استهداف المناطق المحررة كتكريت والصينية في هذا الوقت بالذات، يدعو للحذر من مخططات جديدة للتنظيم، لتشتيت جهود القوات الأمنية والتشكيلات العشائرية التي تُحقّق تقدّماً ملحوظاً في معركة الرمادي، التي انطلقت قبل أيام عدة".

ويُنبّه الخبير في شؤون الجماعات المسلحة فراس العكيلي، من "أساليب الكرّ والفرّ التي يعتمدها داعش خلال المعارك"، مشيراً في حديثٍ لـ "العربي الجديد"، إلى أن "الإصرار على حسم معركة الرمادي بأسرع وقت وبأقل خسائر ممكنة، لا يعني السماح للتنظيم بفتح جبهات جديدة في مناطق أخرى من البلاد".

ويُشدّد العكيلي أن "داعش تأكد من قرب خسارته للرمادي، فحاول إشغال القوات الأمنية بشنّ هجوم على بلدة عامرية الفلوجة، في الأنبار ومدينتي الصينية وتكريت"، مبيّناً أن "الخطط الأمنية يجب أن تسير بشكل موازٍ من خلال التنسيق بين جميع قواطع العمليات، لتفويت الفرصة على الجماعات الإرهابية للعودة إلى المناطق المحررة".

ويشير الخبير في شؤون الجماعات المسلحة إلى أن "معركة الرمادي تتجنّب المدنيين"، مؤكداً أن "القتال يقتصر على القوات العراقية ومسلّحي العشائر وطيران التحالف الدولي، وهو ما دفع السكان المحليين في الرمادي للتعاون مع القوات المشتركة، التي رفعت عنهم شبح مشاركة مليشيا الحشد الشعبي، في العمليات العسكرية".

اقرأ أيضاً: "الحشد الشعبي" يهدد نائباً امتدح عدم مشاركته بمعركة الرمادي

المساهمون