ألغاز مجزرة العريش تُثير شكوك الأهالي في الأمن

ألغاز مجزرة العريش تُثير شكوك الأهالي في الأمن

13 نوفمبر 2015
آثار انفجار وقع بالعريش في أبريل الماضي (فرانس برس)
+ الخط -

زادت المجزرة التي ارتكبت صباح أمس، بحق عائلة أبو عيادة، أحد فروع قبيلة الرميلات، من سخط أهالي سيناء على القوات الأمنية، التي فشلت في لجم مسلّحين ارتكبوا مجزرة وسط طوق أمني فرضته حول المنطقة، وهو ما أثار شكوكاً، في الوقت نفسه، حول إمكانية تورط الأمن، خصوصاً أن شهود عيان أكدوا أن المجرمين فرّوا باتجاه مركز أمني.

اقرأ أيضاً: كمائن الموت في سيناء: معاناة تطارد الأهالي

وهاجم مسلّحون مجهولون منزل عائلة أبو عيادة وسط مدينة العريش، ثم أطلقوا النار على 8 أفراد من العائلة كانوا داخل المنزل، وأردوهم قتلى.

بدأت الجريمة بانفجار ضخم بالقرب من قسم ثالث العريش، وهو أحد المراكز الأمنية الأهم في قلب عاصمة المحافظة شمال سيناء، قامت بعد ذلك الأجهزة الأمنية بفرض طوق أمني، قبل أن تنشر الأكمنة المتحركة، وإطلاق الرصاص العشوائي والقنابل الضوئية.

وعلى بعد 300 متر من قسم ثالث العريش، تسكن عائلة أبو عيادة في منزلها الذي لم يكتمل بناؤه؛ فالعائلة المهجرة من رفح المصرية بعد قرار الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بإنشاء المنطقة العازلة، تحاول توفير بديل يلمّ شمل الأسرة من الشتات.

وأكّد شهود عيان لـ"العربي الجديد"، أنّ سيارة بيضاء يستقلها أربعة ملثمون هاجموا منزل أبو عيادة وقاموا بإطلاق النار المباشر والعشوائي، فقتلوا 8 من العائلة، بينهم طفل عمره 13 عاماً، وقاموا بعدها بإحراق ثلاث سيارات، كانت موجودة أمام المنزل، وأثناء خروجهم أطلقوا النار على سيارة أجرة يستقلها سائق وابنته (3 سنوات)، لتسقط الطفلة قتيلة وينقل الأب للمستشفى في حالة حرجة.

كل هذا حدث داخل الطوق الأمني الذي تفرضه الأجهزة الأمنية ردًّا على الانفجار الأول، هكذا يؤكد شهود العيان مستغربين من حرية حركة هذه المجموعة، التي لا تبدو عليها ملامح الجيش أو الشرطة، كما لا يجرؤ مسلح آخر على أن يقترب في ظل فرض القبضة الأمنية والاستنفار الحاصل وقتها. وأضاف الشهود أن السيارة اتجهت نحو قسم ثالث.

وتعتبر هذه الجريمة الأعنف في حق مدنيين عزل بهذا العدد داخل مدينة العريش، الأمر الذي زاد من حالة السخط بين الأهالي، بينما حمّل نشطاء من سيناء الأجهزة الأمنية المسؤولية، مبرّرين ذلك بأنّ "الحادث وقع عقب تفجير مدرعة تابعة للجيش، أسفرت عن 5 إصابات، وعلى بعد 300 متر من قسم شرطة ثالث من ناحية الجنوب، الأمر الذي وضع المكان برمته ضمن طوق أمني فرض فوراً، إذ يستحيل معه تنفيذ هذه العملية إلا تحت رعاية الأجهزة الأمنية"، بحسب قولهم في ظل الرواية التي تؤكد اتجاه السيارة المنفذة نحو قسم الشرطة.

وأضاف النشطاء أن "سرعة رد فعل الأجهزة الأمنية من خلال وسائل الإعلام الموالية للسلطات المصرية، والقريبة منها، من أن إرهابيين هم من نفذوا الجريمة، أثار الريبة، وعزز رواية أن الأمن يريد أن يلصق التهمة بآخرين".

في الوقت نفسه، رأى نشطاء آخرون أن الأجهزة الأمنية بمختلف فروعها تتحمل المسؤولية من ناحية الفشل الأمني، الذي تمثل في العجز الكامل عن حماية المقرات الأمنية الكبرى، ناهيك عن المواطنين العزل. 

الفاعل (الـ)مجهول

وتضاف المجزرة الجديدة بحق عائلة أبو عيادة إلى سجل الفاعل المجهول، إذ لم تصدر بيانات بتبنّي المسؤولية عن الحادث، في الوقت الذي سارعت فيه الأجهزة الأمنية والرسمية من خلال الإعلام بالإعلان أن الهجوم نفذه (إرهابيون)، متجاهلة تفاصيل وأجواء هذا الهجوم. وهي ليست المرة الأولى التي ترتكب فيها جريمة من هذا النوع.

وبالطريقة نفسها، قبل شهرين، قامت مجموعة مسلحة في وسط سيناء، وتحديداً بمنطقة خريزة (جنوب)، بالهجوم على حفل زفاف بدوي، وقتلت 11 بدوياً، ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الحادث، إلا أن تنظيم "ولاية سيناء" أصدر بياناً اعتبر أن هذا الحادث يهدف إلى صنع فجوة بين القبائل والتنظيم.

رواية الأهالي تقول إن "قصّاصي الأثر المهرة من بدو سيناء أو ما يطلقون عليه المعمل الجنائي البدوي"، تتبعوا آثار المنفذين لتصل النتيجة لأقرب معسكر تابع لمكتب الاستخبارات، في تلك المنطقة.

لكن الأمر يزداد تعقيداً في ظل تعتيم إعلامي وإهمال حكومي وعدم فتح أي تحقيق جنائي في كل الحوادث، التي يسقط نتيجتها ضحايا مدنيون؛ وقرية خريزة لها ذكرى أليمة أخرى تعود لعام 2012، حين قامت قوة إسرائيلية خاصة باغتيال إبراهيم عوضة، القيادي البارز في تنظيم "أنصار بيت المقدس" حينها، ولم تهتم السلطات وقتها بإجراء تحقيقات أو إصدار بيانات، لتظهر بعدها بيانات مرئية لأنصار بيت المقدس تفيد بأن قوة إسرائيلية استعانت ببعض البدو لتنفيذ المهمة.

وتنشط "ولاية سيناء" في مناطق وسط وشمال شرقي سيناء، حيث تستهدف قوات الجيش والشرطة في تلك المناطق. ورغم إعلان الأجهزة الأمنية المشتركة عن بدء حملات واسعة خلال العامين الماضيين كان آخرها ما عُرف بعملية "حق الشهيد"، بالإضافة إلى إنشاء المنطقة العازلة بين رفح المصرية والفلسطينية وإغراق الحدود بماء البحر تحت حجة القضاء على الإرهاب، فإن العمليات التي تستهدف الجيش والشرطة تتزايد بشكل كبير.

اقرأ أيضاً: "كتائب 103" في الشيخ زويد: قمع للأهالي بدعم الجيش