الانتخابات التركية: "العدالة والتنمية" يُعلن برنامجاً تنافسياً

الانتخابات التركية: "العدالة والتنمية" يُعلن برنامجاً تنافسياً

06 أكتوبر 2015
خلال إعلان البرنامج الانتخابي يوم الأحد (أدم ألتان/فرانس برس)
+ الخط -

جاء إعلان رئيس حزب "العدالة والتنمية" التركي، أحمد داود أوغلو، عن برنامج الحزب الانتخابي، يوم الأحد الماضي، وسط حشد جماهيري من قياداته وأنصاره، في العاصمة التركية، أنقرة. ليكون بذلك، وعلى غير العادة، آخر الأحزاب التركية التي تعلن عن برنامجها. وتميز الأخير بالتركيز على الوعود الاقتصادية والشباب.

اقرأ أيضاً: البرامج الانتخابية تستعيد زخمها تركياً

واختلف البرنامج المكوّن من 282 صفحة عن سوابقه هذه المرة، ليس من ناحية الوعود فقط، ولكن أيضاً من ناحية الإستراتيجية؛ فالتنافسية مع المعارضة في البرنامج كانت واضحة، بل يمكن القول إنه كان البرنامج الأول منذ انتخابات 2002، الذي تبدو فيه المنافسة مع باقي الأحزاب، خصوصاً مع حزب "الشعب الجمهوري" (أكبر أحزاب المعارضة) واضحة تماماً، من خلال التركيز على الشباب والاقتصاد. وذلك، على الرغم من تأكيد داود أوغلو أن برنامج حزبه مختلف تماماً عن برامج باقي الأحزاب، قائلاً إن "برنامج (العدالة والتنمية) الانتخابي إصلاحي يضع كرامة الإنسان أساساً له. إن برنامجنا هو الوحيد الذي وضع  في اعتباره إصلاحات مستقبلية بما يتناسب مع باقي أعضاء دول العشرين الكبار، وليس مقارنة بباقي الأحزاب التركية".

وتحت شعار "معاً بعشق الأيام الاولى" و"العدالة والتنمية خارطة طريق تركيا نحو الاستقرار والهدوء"، وبحضور "شيوخ الحزب"، حتى أولئك الذين تقاعدوا مثل نائب رئيس الوزراء السابق وأحد مؤسسي الحزب بولينت أريج، غابت عن المؤتمر صورة زعيم الحزب الروحي رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، كما غابت صورة أتاتورك أيضاً، ليبدو الحزب وكأنه يحاول تجاوز أخطاء الانتخابات السابقة، مبعداً أردوغان عن الحملة الانتخابية.

اقرأ أيضاً: تركيا: داود أوغلو يحيّد أردوغان عن الحملات الانتخابية 

الشأن السياسي

ورغم تركيز الحملة الانتخابية على الشأن الداخلي وبالذات الاقتصادي منه، مع حزمة من الإصلاحات والتسهيلات التي تستهدف الشباب والمرأة والمتقاعدين، فأن الشأن السياسي الداخلي كان له وجود واضح. وإذا خف التركيز على التحول إلى النظام الرئاسي، إلا أنه بقي أهم مطالب "العدالة والتنمية" بعد بند كتابة دستور جديد للبلاد، والتخلص من الدستور الحالي الذي كان نتاج الانقلاب العسكري عام 1980، إذ اعتبر داود أوغلو هذه الخطوة "حجر الأساس في تركيا الجديدة"، قائلاً: "نحن نظن أن النظام الرئاسي الفعال هو النظام الأنسب للبلاد لمواجهة عدم الاستقرار الذي فسح له النظام البرلماني مجالاً للوجود". وهكذا جاء البرنامج الجديد فيما يخص الدستور الجديد والنظام الرئاسي، مطابقاً تماماً للبرنامج القديم دون تغيير أي كلمة، وإن بات التركيز على أمور أخرى.


واحتوى البرنامج هذه المرة على إصلاحات سياسية وقانونية، لم يتم الحديث عنها في الانتخابات السابقة؛ فوعد "العدالة والتنمية" بإجراء إصلاحات كبيرة فيما يخص قانون الأحزاب، والقوانين الناظمة لعمل المؤسسات القضائية، فقال أوغلو: "سنزيل قانون الأحزاب الذي ورثناه من عهد الوصاية العسكرية، ونضع مكانه قانون أحزاب يمنح المزيد من القوة للمؤسسات السياسية، ويحمي حرية الأحزاب، ويقوي الديمقراطية داخلها، ويشجع على المشاركة السياسية".

وفيما يخص الهيئة العليا للقضاة والمدعين العامين، التي أثير حولها الكثير من الانتقادات، بعد الانتخابات الأخيرة التي جرت العام الماضي، وانتهت بسيطرة "العدالة والتنمية" على معظم مفاصلها، أكد داود أوغلو أن "العدالة والتنمية" سيعمل على تحقفيق إصلاحات في الهيئة عبر فصلها إلى هيئتين، الأولى ستكون خاصة بالقضاة والثانية بالمدعين العامين.

السلام و"الخارجية"

وبالنسبة لعملية السلام بين أنقرة وحزب "العمال الكردستاني"، أكد داود أوغلو التزام حزبه الكامل بالعملية، محملاً "الكردستاني" سبب انهيارها، قائلاً إن "العدالة والتنمية" لم ينظر إلى مشروع "الأخوة والوحدة" في البلاد على أنه مشروع مرحلي "وسنستمر بعملية السلام".

وفي مواجهة  المنافسة مع "الشعب الجمهوري" و"الشعوب الديمقراطي" اللذين يقولان إنهما الوحيدان القادران على حماية البلاد وجلب الاستقرار والسلام للبلاد، عبر إتمام عملية السلام، أكد داود أوغلو أن "العدالة والتنمية" هو مهندس ومسير ومحرك العملية، وأن الوصول إلى حل هو وظيفة أخلاقية وإنسانية ووجدانية بالنسبة للحزب، قائلاً إنه "رغم محاولات تخريب العملية وتسميمها، سنحافظ على التوازن بين الحريات والأمن".


وبخصوص السياسة الخارجية، فلا يبدو أن هناك أي تغييرات، إذ أكّد البرنامج على أن الانضمام للاتحاد الأوروبي لا يزال هدفاً أساسياً، وأنه سيتم العمل على تسريع عملية الانضمام. كما أبدى داود أوغلو فرحه الكبير برفع العلم الفلسطيني في الأمم المتحدة هذا العام، مشدّداً على أن الحزب سيبقى في صف المظلومين في كل من سورية وفلسطين والصومال.

العلويون البكداشيون

ورغم تجاهل "العدالة والتنمية" للعلويين في الانتخابات السابقة، فإن هذا البرنامج احتوى على بند خاص بالعلويين البكداشيين الأتراك والذي يمكن اعتباره خرقاً كبيراً في أدبيات الحزب، وإن كان ما قدّمه داود أوغلو ضعيفاً مقارنة بما تعهدت به باقي الأحزاب المعارضة، وحتى مقارنة بمطالب الجمعيات العلوية. وتعهد الأخير بمنح بيوت الجمع، وهي دور عبادة العلويين، "صفة قانونية" لن تكون دور عبادة على ما يبدو. كما تعهد بإجراء الإصلاحات القانونية اللازمة لتقوم البلديات بدفع فواتير الكهرباء والمياه وغيرها من النفقات المتعلقة ببيوت الجمع والتي تدفعها الدولة لدور العبادة كالمساجد والكنائس اليهودية والمسيحية.

وعود اقتصادية تنافسية

وفيما يخص الوعود الاقتصادية التي استهدفت مختلف الشرائح الاجتماعية من نساء وشباب وعائلات ومتقاعدين وفلاحين، بدا التنافس مع "الشعب الجمهوري" على أشدّه، إذ وعد "العدالة والتنمية" بتخفيض عمر الترشح إلى 18 عاماً، ومنح جميع الشباب إنترنت مجاناً ودون حدود، إضافة إلى منحة مالية مجانية تصل إلى 17 ألف دولار عند بدء الشاب بأي مشروع، وإعفاء يصل لمدة ثلاث سنوات من ضريبة الدخل، وتأمين صحي مجاني لطلاب الثانوية والجامعات، كما تعهد الحزب بمنح الفلاحين منحة قدرها 10 ألاف دولار عند البدء بأي مشروع، دون الحاجة إلى سدادها.


كما تعهد "العدالة والتنمية" برفع الحد الأدنى للأجور إلى ما يقارب 420 دولاراً، ومنح المتقاعدين راتب شهر أو راتب شهر ونصف سنوياً، مع تقديم التسهيلات اللازمة للحصول على منزل مقابل قسط شهري لا يتجاوز المئة دولار. وفيما يخص المرأة تقدّم الحزب بمجموعة كبيرة من الوعود لتسهيل عمل المرأة التركية، خصوصاً الأمهات.

يأتي هذا بينما يبدأ داود أوغلو حملته الانتخابية، اليوم، من مدينية سامسون على البحر الأسود، وذلك بحضور ابن رئيس الحركة القومية وأحد أهم أسمائها طوغرل توركيش، الذي تم إخراجه من الحزب، بعد موافقته على المشاركة في الحكومة المؤقتة، فانضم إلى "العدالة والتنمية"، الذي خسر خلال الانتخابات الماضية أربعة مقاعد من أصل تسعة هي حصة الولاية.

المساهمون