بريطانيا تستقبل "العصر الذهبي" من الصين

بريطانيا تستقبل "العصر الذهبي" من الصين

20 أكتوبر 2015
الزيارة ستخلو من أي مقاصد سياسية (Getty)
+ الخط -

زيارة اقتصادية بامتياز، تخلو من أي منغصات سياسية، ربما هو التعبير الأدق لوصف الزيارة الرسمية التي بدأها اليوم الثلاثاء الرئيس الصيني، شي جين بينغ إلى المملكة المتحدة تلبية لدعوة الملكة إليزابيث الثانية. رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وصف الزيارة بفاتحة "عصر ذهبي" في مجال التجارة والاستثمار بين البلدين، مغلقاً الأبواب على كل من يحاول تعكير صفوها بفتح ملفات سياسية عالقة بين البلدين، من قبيل حقوق الإنسان في الصين، أو التباين في موقف البلدين من الأزمة السورية أو غيرهما، وهو الأمر الذي لن ينصاع له رئيس حزب العمال المعارض، اليساري جيرمي كوربين، الذي وعد بفتح ملف حقوق الإنسان خلال اجتماع خاص مع الرئيس الصيني.

وعلى الرغم من تأكيد كاميرون على خلو الزيارة من أي مقاصد سياسية، وأنها ستقتصر على توطيد العلاقات الاقتصادية بين لندن وبكين، إلا أن تقارير إعلامية، أشارت إليها صحيفة "الغارديان"، رأت أن تقارب لندن مع بكين قد يضر بعلاقات بريطانيا الخاصة مع الولايات المتحدة الأميركية، التي هددت الشهر الماضي على لسان الرئيس باراك أوباما بفرض عقوبات على الشركات الصينية المتورطة بالهجومات الإلكترونية التي تتعرض لها مصالح أميركية.

كما حذرت شخصيات عسكرية واستخباراتية بارزة، الحكومة البريطانية من أن خطط منح الصين حصة كبيرة في صناعة الطاقة النووية في بريطانيا، تُشكّل تهديدًا للأمن القومي، طبقاً لصحيفة "التايمز" البريطانية. وكان وزير الخزانة البريطاني جورج أوزبورن، قد أعلن الشهر الماضي أن الصين ستستثمر في محطة نووية في هينكلي بوينت في جنوب غرب إنكلترا، في صفقة تضمن حصول بريطانيا على ملياري جنيه استرليني. ونقلت الصحيفة عمن سمّته مصدراً دفاعياً رفيعاً، أن "كبار ضباط الجيش كانوا قلقين جداً من احتمال بناء الصين لمحطة للطاقة النووية في بريطانيا"، مشيراً إلى القلق من إدراج برامج معينة في أنظمة الكمبيوتر، تسمح للصينيين بتجاوز السيطرة البريطانية على محطة نووية في حال وقوع خلاف دبلوماسي وإغلاقها.

اقرأ أيضاً: الرئيس الصيني: نتائج كارثية لأي نزاع مع الولايات المتحدة

وفي المقابل يرى المتحمسون لـ"العصر الذهبي"، أن التعاون بين الصين وبريطانيا وبقية الاتحاد الأوروبي سيساعد في مواجهة الوضع الدولي المعقّد والتحديات العالمية البارزة، كما سيساعد في الحفاظ على النمو الاقتصادي العالمي ومواجهة التحديات وتعزيز الإصلاحات في أنظمة الحوكمة الاقتصادية والسياسية الدولية. وزيارة "المصالح" على حد تعبير المراقبين، ستركّز بالأساس على العلاقات الاقتصادية التي تحقّق مصالح البلدين، فالصين تسعى إلى اختراق أوروبا الغربية من بوابة بريطانيا العضو الأبرز في الاتحاد الأوروبي، وفي المقابل تلهث بريطانيا وراء المزيد من الاستثمارات والمشاريع والشراكات مع الصين.

رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، شرح هذه المصالح، بالقول إن بلاده تنوي أن تصبح أفضل شريك غربي للصين وتساعد في بناء علاقة بين الصين والغرب ككل. وقال بلير لوكالة "شينخوا" الصينية للأنباء متحدثاً عن زيارة الرئيس الصيني شي جي بينغ إلى لندن، إن "بريطانيا تحتاج بشكل ملحّ إلى تجديد بنيتها التحتية، من توليد الطاقة إلى أمور مثل الطاقة النووية والسكك الحديدية، والصين تملك الخبرة ورأس المال لمساعدتنا"، مضيفاً أن "بريطانيا لاعب رئيس أيضاً في أوروبا، ولدينا علاقة جيدة مع الصين، لذلك، يمكن لبريطانيا أن تقوم بدور مهم في تسهيل العلاقات بين الصين وأوروبا بالكامل، وننوي في بريطانيا أن نجعل من أنفسنا الشريك الغربي الذي يفهم الصين ويساعد في بناء علاقة بين الصين والغرب".

وتكشف التقارير الاقتصادية الخاصة بالعلاقات البريطانية الصينية، أن بريطانيا هي البلد الأوروبي الوحيد الذي يبدي إرادة سياسية حقيقية في جذب المال الصيني، ويثمّن علاقاته الاقتصادية مع بكين أكثر من أي بلد متطور آخر، وهذا ما يفسر طبيعة الزيارة الأولى لزعيم صيني إلى بريطانيا منذ 10 سنوات، واصطحابه معه وفداً من الرسميين والماليين وأرباب العمل. وتُعدّ بريطانيا ثاني أكبر شريك تجاري للصين وثاني أكبر مصدر للاستثمارات الفعلية ومقصد للاستثمار في الاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي تحتل فيه الصين مركز رابع أكبر شريك تجاري لبريطانيا. وتُعدّ بريطانيا صاحبة أسرع نمو للاستثمارات الصينية بين دول الاتحاد الأوروبي، ويُتوقَع أن تستثمر أكثر من 500 شركة صينية نحو 105 مليارات جنيه استرليني (نحو 162 مليار دولار) بين 2015 و2025 خصوصاً في مجالات الطاقة والعقارات والنقل في بريطانيا.

اقرأ أيضاً: القمة الأميركية الصينية: تجديد عهود زواج شرقي