تدمير الكيماوي: رابحون كثر إلا الشعب السوري

تدمير الكيماوي: رابحون كثر إلا الشعب السوري

22 اغسطس 2014
دعمت إسرائيل إيقاف الضربة العسكرية مقابل تسليم الكيماوي(عبير سلطان/Getty)
+ الخط -
لا خلاف على أن صفقة تدمير ترسانة الأسلحة الكيماوية السورية، بموجب الاتفاق الأميركي ــ الروسي إنما صبّت بالمحصّلة في مصلحة إسرائيل، واستجابت لضغوطها للتخلص من الأسلحة الكيماوية السورية التي قد تشكّل سلاح ردع محتمل، إضافة إلى الخوف من وقوعها في يد مجموعات خارجة عن السيطرة، قد تستخدم مثل هذه الأسلحة، بشكل أو بآخر، ضد إسرائيل.

وأعرب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عن فرحته، بشكل غير مباشر، إزاء اتفاق تسليم الكيماوي السوري، في مقابلة مع وكالة "بلومبيرغ"، عندما قال إنه دعم قرار اللحظة الأخيرة للرئيس الأميركي باراك أوباما بإيقاف الضربة العسكرية على سورية، في مقابل تسليم النظام ترسانته الكيماوية.

ووصف رئيس الحكومة الإسرائيلية الصفقة آنذاك، بأنها "بصيص النور في الشرق الأوسط المظلم"، مثمّناً ما فعله أوباما بنزع تسعين في المائة من الكيماوي السوري، قبل استكمال تسليمه فيما بعد. لا ينسى العالم كيف استنفر الرئيس باراك أوباما وحلفاؤه لتوجيه ضربات جوية ضد أهداف سورية عسكرية قبل التراجع عن القرار عبر "مسرحية" الاتفاق الأميركي الروسي آنذاك.

فقد اتخذ الرئيس الأميركي، في الأول من سبتمبر/أيلول، قراراً بتوجيه "ضربة عسكريّة محدودة" للنظام السوري الذي خرق مراراً "خط أوباما الأحمر"، شرط تصديق الكونغرس على ذلك، ولإنقاذ ماء وجه الإدارة الأميركية التي تراجع نفوذها وهيبتها في المنطقة.

لكن تبيّن فيما بعد أن قرار أوباما أصبح عبئاً عليه وعلى إدارته، وسط مؤشرات بعدم قبول الكونغرس مشروع القرار الذي قدمته الإدارة، وكذلك معارضة الرأي العام الأميركي ذلك، وفي ظل تخلي حليفها الأوروبي الأساسي عنها، أي بريطانيا، حينما اتخذ مجلس العموم البريطاني قراراً بعدم المشاركة في أي ضربةٍ عسكرية ضد نظام الأسد.

رغم ذلك، بدت إدارة أوباما جادة لفظياً في معاقبة النظام السوري، إذ أعلن أوباما حينها أن الضربة قد تتم في غضون أسبوع أو شهر أو أكثر من ذلك. تحركت روسيا سريعاً دبلوماسياً، وسحبت البساط من تحت أقدام الإدارة الأميركية، أو ربما لإيجاد مخرج لها من "ورطتها"، فكان أن قدّمت موسكو مبادرة لوضع الترسانة الكيماوية السورية تحت إشراف المجتمع الدولي، إثر مباحثات في موسكو بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره السوري وليد المعلم، الذي سارع إلى الترحيب بالمبادرة وقبولها فوراً، في مقابل عدم توجيه ضربة عسكرية للنظام. لم ترق المبادرة الروسية للغرب، الذي أصر على تسليم النظام السوري أسلحته الكيماوية تمهيداً لتدميرها.

وبدأت، إثر ذلك، المناورات بين موسكو والعواصم الغربية في مجلس الأمن الدولي، إذ قدّمت فرنسا مشروع قرار بإيعاز أميركي "يمنح النظام السوري خمسة عشر يوماً للإعلان عن مخزوناته من الأسلحة الكيماوية وتدميرها في أسرع وقتٍ ممكن، والسماح للأمم المتحدة بالتحقق من جميع الأسلحة الكيماوية المعلنة والقيام بتحقيقات إضافية في الاستخدامات المفترضة السابقة للغاز السام، وإذا لم يمتثل النظام السوري، يتبنى المجلس إجراءات ضرورية أخرى تحت الفصل السابع".

من جهتها، رفضت موسكو عقد جلسة لمجلس الأمن لمناقشة مشروع القرار الفرنسي، الذي "لا يمكن قبوله"، من وجهة النظر الروسية، ولا سيما أنه يضع جدولاً زمنياً لمختلف مراحل تفكيك الترسانة الكيماوية السورية، خصوصاً الإشارة إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وتجنباً للوصول إلى طريق مسدود بين واشنطن وموسكو، توصل وزيرا خارجية البلدين، جون كيري وسيرغي لافروف، بعد ثلاثة أيام من المحادثات في جنيف، الى عقد صفقة تقضي بتسليم النظام السوري أسلحته الكيماوية كاملة إلى الدول الغربية لتدميرها، وذلك وِفق خطة زمنية أقصاها منتصف عام 2014.

دلالات