الطالباني يعود للعراق: تمهيد لحسم خليفته في الرئاسة والحزب

الطالباني يعود للعراق: تمهيد لحسم خليفته في الرئاسة والحزب

19 يوليو 2014
الطالباني لن يكون قادراً على لعب دور سياسي(أرشيف/رفرانس برس/Getty)
+ الخط -

يعود الرئيس العراقي، جلال الطالباني، اليوم السبت، إلى البلاد بعد 19 شهراً من البقاء في أوروبا لتلقي العلاج من جلطة في الدماغ أجبرته على مغادرة العراق وهو في منتصف دورته في الرئاسة قبل أن يعود إليها وهو في أواخر أيام رئاسته.

وأصدر مكتب الرئيس العراقي بياناً، أمس الجمعة، جاء فيه أن "الطالباني سيصل يوم السبت 19 يوليو/ تموز إلى أرض الوطن بعد إتمام العلاج في ألمانيا من العارض الصحي الذي مرّ به". إلا أن البيان لم يذكر ما إذا كان الطالباني سيعود إلى ممارسة دور في العملية السياسية في العراق الذي يمر بمرحلة من التوتر والانقسام السياسي لم يشهدها منذ سنوات.
وتطرق بيان الرئاسة إلى دور "محوري" للطالباني خلال فترة عمله في رئاسة العراق، والتي امتدت بين 2006 ولغاية ديسمبر/ كانون الأول 2012، تاريخ تعرضه للجلطة.

وكان الطالباني يلعب دوراً في التقريب بين وجهات نظر الأطراف العراقية المختلفة في بغداد. ومنذ غيابه، اشتدت حدة الخلافات والصراعات بينهم وتوترت العملية السياسية بشكل كبير. كما أدى غيابه الى مشاكل كبيرة لحزبه الذي تتنازع شخصيات عدة للحصول على منصب الأمين العام فيه.

لكن عودة الطالباني الى العراق لن تعني أنه سيعود الى ممارسة دور سياسي، لأن الشريط المصور الوحيد له الذي نشره حزبه (الاتحاد الوطني الكوردستاني)، وهو في إحدى مستشفيات ألمانيا، كان في أبريل/ نيسان 2014، أثناء الانتخابات البرلمانية العراقية. وظهر للحظات وهو مبتسم ولا يتحدث وجالس على كرسي متحرك.

وذكرت مصادر كردية أن الطالباني يعاني من حالة شلل نصفي ولا يقوى على الكلام. وسيستمر تحت المراقبة الطبية وتلقي العلاج الى أجل غير محدد، واستبعدت إمكان عودته للعمل وأداء أية مهام، حتى أن عملية عودته للعراق ستكون بواسطة طائرة خاصة مجهّزة بأجهزة إسعاف ومعدات طبية خاصة.

ويعود الطالباني (81 عاماً)، الى العراق في توقيت حساس للغاية، إذ يشهد حزبه صراعاً محتدماً وانقساماً بسبب موضوع ترشيح أحد أعضائه لشغل موقع الطالباني.

ومُنح حزب الطالباني، وفق أسلوب المحاصصة للمناصب في البلاد الذي ظهر بعد الحرب الأميركية في 2003، حق شغل منصب رئيس الجمهورية.

ويعدّ النائب الثاني للطالباني في قيادة الحزب، برهم صالح (54 عاماً)، أحد أبرز المرشحين، مقابل طبيب الطالباني الخاص الذي يشغل منصب محافظ كركوك، نجم الدين كريم (65 عاماً). وهناك مرشح ثالث أقل حظاً في شغل المنصب، هو فؤاد معصوم (64 عاماً).

وليس لأي من المرشحين الثلاثة كاريزما تماثل تلك التي كانت للطالباني. كذلك ليست لهم شبكة علاقات على المستوى الوطني في العراق، ولا على مستوى دول الاقليم وحتى في العالم.

الصحافي، ثم المحامي، واخيراً السياسي، كانت لديه القدرة على إقناع محدثيه برأيه في أي موضوع يتطرق إليه. واستطاع الطالباني أن يعزز علاقاته، على مرّ سنوات عمله في السياسة والتي تعود لأعوام الخمسينات من القرن الماضي، بإيران الشاه ثم "الجمهورية الاسلامية"، حتى أصبح أحد أقرب السياسيين في العراق الى طهران، التي دعمت بقوة تسميته رئيساً لدورتين متتاليتين.

في المقابل، ظلّ الطالباني يرد الخدمات للإيرانيين، فهو الذي عرقل، وبطلب من طهران، عملية سحب الثقة من رئيس الوزراء المنتهية ولايته، نوري المالكي، عندما اتفقت كتل شيعية وسنية وكردية في أربيل على إقالة حكومة المالكي في 2012. ويُعرف عنه أيضاً دفاعه عن مصالح إيران في العراق، وبشكل خاص في إقليم كردستان، منذ وقت طويل.

وقد أدى تنافس كلٍ من صالح وكريم للحصول على دعم حزبهما لشغل منصب رئيس الجمهورية، إلى دخول أطراف أخرى في الموضوع.

وشهدت مدينة السليمانية لقاءات مكثفة، شارك في بعضها السفير الايراني في العراق، دانائي فر، ووفود إيرانية بهدف حسم اسم المرشح، إلا أن الموضوع بقي عالقاً. وربما تسهّل عودة الطالباني إلى العراق في حسم تسمية خليفته.

وتميل أسرة الطالباني، المؤلفة من زوجته، هيرو إبراهيم، وولديه: بافل، وهو مسؤول أمني في كردستان العراق، وقباد، وهو نائب رئيس الوزراء في حكومة إقليم كردستان، وعدد آخر من الأقرباء المتنفّذين في حزب الطالباني، الى تأييد كريم، على حساب المرشحين الآخرين، ولا سيما صالح الذي يخشون من أن يتبوّأ رئاسة الحزب بعدما يشغل رئاسة العراق، كما كان الأمر مع الطالباني، لذا يفضّلون طبيب الطالباني، كريم، الأقل طموحاً وشعبية.

إلا أن قيادات أخرى في حزب الطالباني، ومنها النائب الأول له كوسرت رسول، لا يحبّذون ترشيح كريم ويميلون الى صالح.

وفي ما يتعلق بالمؤثرين الآخرين في مسألة تحديد المرشح لرئاسة العراق، فهناك إيران ورئيس إقليم كردستان مسعود برزاني.

وتميل إيران إلى كريم، لأنه أكثر التصاقاً بالسياسيين والقوى الشيعية في بغداد، ولا سيما المالكي، وقد بنى شبكة علاقات جيدة معهم منذ تعيينه محافظاً لكركوك، كما أن له ميزة أخرى عند الإيرانيين وهي معارضته الشديدة والمعلنة لسياسات الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يقوده برزاني. وهو ما دفع بحزب برزاني الى الميل إلى تأييد ترشيح صالح لخلافة الطالباني في رئاسة الجمهورية.

 

المساهمون