وزير خارجية إسبانيا يزور المغرب: خطوة لإعادة إطلاق خريطة الطريق

وزير خارجية إسبانيا يزور المغرب: خطوة لإعادة إطلاق خريطة الطريق الثنائية

12 ديسمبر 2023
المغرب يراهن على تطوير العلاقات أكثر مع إسبانيا (الأناضول)
+ الخط -

يبدأ وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، غداً الأربعاء، زيارة رسمية إلى المغرب تمتد يومين، في خطوة لإعادة إطلاق خريطة الطريق التي رسمت تطبيع العلاقات بين البلدين، بعد الأزمة الدبلوماسية غير المسبوقة التي عاشها البلدان، إثر استقبال السلطات الإسبانية، في 18 إبريل/ نيسان 2021 زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي بهوية جزائرية مزيفة للعلاج.

وأكدت مصادر دبلوماسية مغربية لـ"العربي الجديد"، أنه ينتظر أن يجري ألباريس مباحثات مع نظيره المغربي ناصر بوريطة، صباح غد، يتبعها مؤتمر صحافي مشترك.

كما ينتظر أن يلتقي ألباريس برجال أعمال إسبان يعملون في المغرب، وبثلة من الباحثين المغاربة والفاعلين في الحقل الثقافي الإسباني، أو المتعلق باللغة الإسبانية بعد غد الخميس بمقر سفارة بلاده بالرباط.

وتعتبر زيارة رئيس الدبلوماسية الإسبانية إلى المغرب مهمة لجهة متابعة تنفيذ خريطة الطريق التي جرى التوصل إليها بعد المباحثات التي جمعت العاهل المغربي الملك محمد السادس، في الثامن من إبريل/ نيسان 2022، برئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، وهي المباحثات التي مكنت من تجاوز أزمة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين البلدين الجارين، على خلفية استقبال السلطات الإسبانية زعيم جبهة البوليساريو بهوية جزائرية مزيفة للعلاج.

ويتصدر ملف فتح الجمارك التجارية مع مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، القضايا المنتظر مناقشتها بين وزيري الخارجية، خاصة أن خطوة الفتح تأخرت على الرغم من تضمينها في خطة العمل المتفق عليها.

ومن بين الملفات التي ستحضر على طاولة المباحثات، ملف ترسيم الحدود البحرية، الذي كان قد فجر قبل ثلاث سنوات أزمة بين البلدين الجارين، بعدما أقر مجلس النواب المغربي في 22 يناير/ كانون الثاني 2020، مشروعي قانونين لترسيم الحدود البحرية، بما فيها المجاوِرة لجزر الكناري في المحيط الأطلسي، بما يشمل إقليم الصحراء.

من جهة أخرى، ينتظر أن تشكل زيارة ألباريس كذلك فرصة لبحث ملف خلافي آخر يوصف بالشائك، يتعلق بإدارة المجالات الجوية. ففي الوقت الذي تصر فيه السلطات المغربية على استعادة سيطرتها الكاملة على المجال الجوي في الصحراء، تبدي السلطات الإسبانية، المستعمِر السابق للمنطقة، تشبثها بالإشراف وبشكل رسمي على الأجواء الجوية في المنطقة.

وفي السياق، رأى الباحث في تاريخ العلاقات الدولية، بوبكر أونغير، أن الزيارة تأتي في سياق التطور الإيجابي للعلاقات المغربية الإسبانية، خصوصاً بعد إعادة تعيين بيدرو سانشيز رئيساً للحكومة الإسبانية، وهو ما يعني عودة الدفء للعلاقات بين البلدين، على اعتبار أن سانشيز يتبنى سياسة خارجية ذكية ومتوازنة تجاه كل القضايا الدولية.

واعتبر، في حديث مع "العربي الجديد"، أن زيارة ألباريس إلى المغرب تؤشر على تغير الخط الدبلوماسي لمدريد والذي لوحظ منذ السنتين الأخيرتين في الإعلام الإسباني، ولدى النخبة الإسبانية التي رأت في التقارب المغربي الأميركي، واعتراف واشنطن بمغربية الصحراء، منعطفاً جديداً في المنطقة المتوسطية، ويلزم على الإسبان تغيير مواقفهم تجاه المغرب باتجاه إيجابي حتى لا يتم تجاوزهم وتركهم في الهامش.

المغرب وقضية الصحراء

وتابع "الدبلوماسية المغربية منذ ديسمبر/ كانون الأول 2020 لم تعد تكترث سوى بالدول والمواقف المساندة للموقف المغربي، وأصبحت لا تقيس علاقاتها الدولية، والتزاماتها الدولية إلا بمقياس الموقف من قضية الصحراء المغربية".

وأوضح أن العلاقات المغربية الإسبانية "تحكمها أحكام التاريخ وضرورات الجغرافيا، بمعنى أن تلك العلاقات محكوم عليها بأن تكون إيجابية ومثمرة، يحكمها التعاون والتآخي وحفظ المصالح المشتركة"، مضيفاً: "المغرب باعتباره بلد عبور للأفارقة الحالمين بالهجرة، فإن إسبانيا مطالبة بدعمه وتنسيق الجهود معه، لأن قضايا الهجرة تؤرق الجانبين. وهي قضية لا تحتمل الخصام والتنافر في العلاقات بين البلدين".

وأردف "كما أن الدور الكبير الذي يقوم به المغرب في المنطقة المتوسطية ضد الإرهاب والتطرف مجهود استثنائي لا يمكن لإسبانيا ولأوروبا كاملة أن تغفله أو تتجاهله".

وبحسب الباحث المغربي، فإن زيارة ألباريس إلى المغرب "إشارة كذلك للجزائر إلى أن السياسات الإسبانية القديمة التي تعادي المغرب لم تعد عملة رائجة في الأوساط السياسية الإسبانية، بل إن لغة المصالح المشتركة ولغة رابح رابح هي التي تقتضيها الرهانات والتحديات المطروحة على البلدين وعلى المنطقة المتوسطية عموماً".