هيومن رايتس ووتش في تقريرها 2023: نظام حقوق الإنسان حول العالم مهدد

هيومن رايتس ووتش تصدر تقريرها لعام 2023: نظام حقوق الإنسان حول العالم تحت التهديد

11 يناير 2024
جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عُقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك (Getty)
+ الخط -

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، اليوم الخميس، إنّ نظام حقوق الإنسان حول العالم تحت التهديد، داعيةً إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لـ"إنقاذه".

وخلال مؤتمر صحافي عُقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك بمناسبة صدور التقرير السنوي للمنظمة حول حالة حقوق الإنسان حول العالم الذي يغطي عام 2023، قالت المديرة التنفيذية للمنظمة تيرانا حسان إنّ "العام الماضي شهد خروقات على مستوى حقوق الإنسان، في الوقت الذي عبرت فيه دول عن غضبها إزاء هذه الخروقات بشكل (انتقائي) ومعايير مزدوجة في التعامل مع الصراعات المختلفة".

وأضافت أن "خروقات حقوق الإنسان حصلت في العديد من المناطق، بما فيها فلسطين وأوكرانيا وأفغانستان والصين، على سبيل المثال لا الحصر".

وأشارت أيضاً إلى الاحتباس الحراري وارتفاع درجات الحرارة وحرائق الغابات والجفاف والعواصف والفيضانات التي تزيد جميعها من عوامل الضغط على المجتمعات، بالإضافة إلى الفجوات الاقتصادية التي يزيد معها الاضطهاد على مستويات مختلفة.

ورداً على أسئلة لمراسلة "العربي الجديد" في نيويورك حول المعايير المزدوجة في ما يخص الأمم المتحدة، تحديداً عدم إدراج الأمين العام إسرائيل ودولاً أخرى لها نفوذ في "قائمة العار" التي يصدرها في التقرير السنوي الصادر حول مقتل الأطفال في الصراعات المسلحة، قالت حسان: "نعم من دون شك، وهذه القائمة هي جزء من الأدوات التي يجب أن تستخدم. ويجب أن تكون هناك معايير متساوية. ولا يمكن القبول بألا تدرج بعض الدول في القائمة بسبب نفوذها أو دعمها المادي لعمليات الإغاثة الإنسانية، ورأينا هذا يحدث بالماضي"، مؤكدةً أن المنظمة ناشدت الأمين العام أن يقوم بذلك في تقريره المقبل.

ورداً على سؤال حول ما إذا كان القصف والتشريد للفلسطينيين بمستويات غير مسبوقة في قطاع غزة قد يعطي الضوء الأخضر لدول في صراعات أخرى بأنه يمكنها أن تقوم بما تريد إن كانت محمية من قبل دول أخرى ذات نفوذ، أوضحت المتحدثة أن "هذا خطر حقيقي، والطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها التأكد من أن قتل الأطفال وخروقات حقوق الإنسان واستهداف المستشفيات وقتل العاملين في مجال حقوق الإنسان والصحافيين وغيرها يجب أن تتوقف، هي المحاسبة".

وأكدت أن هذه العمليات من المحاسبة ليست قراراً سياسياً، بل هناك قوانين للحرب ومعايير لقياس خروقات حقوق الإنسان، وعلى الدول تطبيقها من دون أي استثناءات.

وانتقدت حسان تعامل الدول الغربية مع الوضع في فلسطين قائلةً إنّ "العديد من الحكومات التي أدانت جرائم الحرب التي ارتكبتها حماس تحفظت على الرد على تلك الجرائم التي ارتكبتها الحكومة الإسرائيلية"، مضيفةً أن عدم رغبة هذه الحكومات في التنديد بانتهاكات الحكومة الإسرائيلية ينبع من رفض الولايات المتحدة ومعظم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي المطالبة بإنهاء الحصار غير القانوني الذي تفرضه الحكومة الإسرائيلية على قطاع غزة منذ 16 عاماً، والاعتراف بالجرائم ضد الإنسانية المستمرة التي ترتكبها إسرائيل، والتي تتمثل بالفصل العنصري والاضطهاد ضد الفلسطينيين".

فلسطين

وأشار تقرير المنظمة إلى خروقات حقوق الإنسان التي ارتكبت في الأراضي الفلسطيني المحتلة، بما فيها تلك التي ارتكبت قبل الحرب الأخيرة على غزة، موضحاً أن الجيش الإسرائيلي قتل في الضفة الغربية والقدس الشرقية خلال العام الماضي 464 فلسطينياً، من بينهم 109 أطفال، بالإضافة إلى احتجاز السلطات الإسرائيلية 2873 فلسطينياً تحت ما يسمى "احتجازاً إدارياً"، من دون تهمة أو محاكمة قابلة للتمدير وقد تستمر أشهراً.

كما أشارت إلى موافقة الحكومة الإسرائيلية، خلال الأشهر الستة الأولى من العام الماضي، على بناء أكثر من 12 ألف وحدة سكنية استيطانية، وهو أعلى رقم جرى تسجيله في العقد الأخير خلال نفس الفترة.

وأشارت أيضاً إلى الجرائم الإسرائيلية المرتكبة في غزة بما فيها "تدمير أكثر من 46 ألف وحدة سكنية وتضرر 234 ألف وحدة أخرى، وهو ما يمثل 60% من إجمالي المساكن في غزة، حتى 24 نوفمبر/ تشرين الثاني، بالإضافة إلى إلحاق الأضرار بما لا يقل عن 342 مدرسة، وتنفيذ 187 هجوماً على مرافق الرعاية الصحية، ما أدى إلى تدمير 24 مستشفى".

سورية

وفي ما يتعلق بسورية، رصد التقرير استمرار قوات النظام السوري في شن حملات اعتقال تعسفي، مشيرةً إلى حالات تعرضت إلى الاختفاء القسري وإساءة معاملة في جميع أنحاء البلاد.

وأكد أن النظام السوري يستمر في مصادرة الممتلكات بشكل غير قانوني، وتقييد وصول السوريين العائدين إلى مناطقهم الأصلية، مشيراً إلى "استمرار جرائم التعذيب وسوء المعاملة في المرافق الحكومية، وجرى توثيق عدد من الوفيات أثناء الاحتجاز، بالإضافة الاعتقالات والاحتجاز التعسفي من خلال تطبيق قانون الجرائم الإلكترونية الصارم الذي قُدم في إبريل/ نيسان من عام 2022".

ويرصد التقرير أيضاً قضية نزوح ملايين السوريين، ويشير إلى أن النزوح لا يزال أحد أكثر عواقب الحرب خطورة وأطولها أمداً، موضحاً أنه "منذ بداية عام 2011، أُجبر 12.3 مليون شخص على الفرار من البلاد، مع وجود 6.7 ملايين نازح داخلياً حالياً في جميع أنحاء البلاد".

كما لفت التقرير الانتباه إلى الأوضاع المزرية التي يعيش تحتها النازحون في الكثير من المناطق، وخاصة في شمال شرق سورية.

وفي ما يتعلق بتعامل السلطات التركية مع النازحين، أوضح التقرير أن حرس الحدود أطلق النار بشكل عشوائي على المدنيين السوريين على الحدود بين سورية وتركيا، كما تعرضوا للتعذيب وجرى استخدام القوة المفرطة ضد طالبي لجوء ومهاجرين يحاولون العبور إلى تركيا.

وينتقد التقرير تعامل العديد من الدول الغربية مع قضايا المهاجرين بما فيها بريطانيا والولايات المتحدة.

السودان

وخلال المؤتمر الصحافي، أشارت المديرة التنفيذية للمنظمة إلى أن "السودان انزلق إلى صراع مسلح، في إبريل/ نيسان من عام 2023، عندما بدأ أقوى جنرالين سودانيين يتقاتلان على السلطة (في إشارة إلى قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي")، وفشلت الأمم المتحدة في وقف الانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين، ولا سيما في منطقة دارفور".

وانتقدت حسان أيضاً الاتحاد الأوروبي وما أسمته بـ"التحايل على التزاماته في مجال حقوق الإنسان، ودفعه طالبي اللجوء والمهاجرين إلى بلدان أخرى، أو إبرام صفقات مع حكومات لها سجل مليء بخروقات حقوق الإنسان".